/الشرق الأوسط
 
1550 (GMT+04:00) - 07/01/09

هدوء نسبي مع سريان "الهدنة" بغزة و"أنروا" ترفض موقف إسرائيل

عباس: الوضع في غزة يستدعي تحركا دوليا عاجلا

عباس: الوضع في غزة يستدعي تحركا دوليا عاجلا

نيويورك، الولايات المتحدة (CNN) -- قال مسؤولون دوليون إن الهدنة المؤقتة التي سبق لإسرائيل أن أعلنت عزمها تنفيذها لمدة ثلاث ساعات يومياً سرت عملياً في أجزاء عديدة من قطاع غزة، حيث ساد هدوء نسبي، في وقت قال فيه كريس غينيس، الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" أنه متأكد بنسبة 99.9 في المائة بأنه لم يكن هناك من مسلحين فلسطينيين في مدرسة تابعة للوكالة، استهدفها القصف الإسرائيلي بغزة، مودياً بحياة أكثر من 40 شخصا.

ودعا غينيس كل من لديه معلومات "تدعم نسبة الشك الباقية" إلى التقدم للمشاركة في التحقيقات، وذلك بعدما ذكر الجيش الإسرائيلي إنه قصف المدرسة بعد أن أطلق منها مسلحون فلسطينيون صواريخ على إسرائيل.

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال إنه سيعلّق عمليات القصف التي تستهدف قطاع غزة لثلاث ساعات يومياً، بهدف إفساح المجال أمام المدنيين في القطاع للحصول على حاجياتهم الأساسية، دون أن تحدد موعد بدء تطبيق ذلك. وذلك في خطوة تأتي بعد تزايد الضغط الدولي على خلفية تأزم الوضع الإنساني في غزة.

وكانت إسرائيل قد وافقت الأربعاء على فتح "ممرات إنسانية" لتأمين وصول مواد الإغاثة إلى الفلسطينيين في غزة بعد 12 يوماً من بدء العملية العسكرية التي تنفذها تل أبيب في القطاع، والتي أدت إلى مقتل 600 فلسطيني وجرح 2750.

وجاء الإعلان عبر بيان حكومي، ظهر على الموقع الإلكتروني لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، جاء فيه أن الأخير  "وافق على مقترحات مستشاريه" في المجال الأمني.

وذكر البيان أن الممرات ستفتح في أوقات محددة، يُسمح خلالها بوصول المساعدات، مضيفاً أن أولمرت تحدث الثلاثاء إلى وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس "لوضعها في صورة التطورات السياسية والعسكرية."

وفي نيويورك، أنهى مجلس الأمن الدولي جلسته المخصصة لدراسة الوضع في غزة، على أن يعقد جلسة أخرى خلال الساعات المقبلة، وسط جهود لوضع مشروع قرار لوقف إطلاق النار.

وكان مجلس الأمن قد عقد جلسة لبحث ملف غزة الليلة الماضية، حيث جدد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس مطالبته المجتمع الدولي بالتدخل السريع لوقف جميع أشكال العنف ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما دعا عباس إلى تشكيل قوة دولية تساعد في استعادة أمن القطاع وسلامة سكانه، بالإضافة إلى فتح المعابر، وضمان وقف كامل لإطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وعبر عباس، عن تقديره للمبادرة التي أطلقها الرئيسان المصري حسني مبارك، والفرنسي نيكولا ساركوزي، والتي تقترح عقد اجتماع عاجل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يتضمن مباحثات حول حماية الحدود وفتح المعابر.

وأكد عباس أن أي ترتيبات سلام أخرى لا يمكن أن تتحقق من دون رفع الحصار عن الشعب الفسطيني في قطاع غزة، وقال: "نعد بالتغلب على أزمتنا الفلسطينية الداخلية وفقا لقرارات جامعة الدول العربية، حيث أننا لا نريد تهديد أمن أحد، ولا نريد لأحد أن يهدد أمننا."

وقال عباس إن الشعب الفلسطيني في غزة يعيش اليوم نكبة فلسطينية جديدة، بعد مرور أكثر من ستين  عاما على نكبة 1948، حسب قوله.

وأضاف: "إن مذبحة اليوم (الثلاثاء) في مخيم جباليا دليل على بشاعة الجريمة التي ترتكب ضد شعبنا، فغزة تعيش اليوم نكبة فلسطين الجديدة."

واختتم عباس كلمته بالقول إن الشعب الفلسطيني هو شعب سلام، وشعب يحب السلام.

في المقابل، قالت غابرييللا شاليف، مندوبة إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إن مواطني جنوب إسرائيل عاشوا ثمانية أعوام من الرعب تحت صواريخ "حماس"، وإن صبر إسرائيل قد نفد، بعد أن كانت تحاول تجنب الصراع القائم حاليا.

وأكدت غابرييللا أن "حماس" ليست لديها أي مصلحة في السلام، كما أن المسؤولين فيها يعارضون أي مفاوضات مع إسرائيل.

وأضافت: "إن مصلحة "حماس" هي تشكيل نظام مستبد في غزة، فخلال فترة التهدئة عملت على بناء ترسانتها من الأسلحة والصواريخ، المصنعة في إيران، والتي يصل مداها إلى أسدود وبئر السبع."

وقالت شاليف في كلمتها إن إسرائيل تسعى "لاحترام القيم الإنسانية"، وهو ما يميزها عن حركة "حماس"، التي ترفض "كل ما هو إنساني".

وبالنسبة لإسرائيل، فإن مقتل كل مدني، سواء كان فلسطينيا أو إسرائيليا، هو "مأساة إنسانية"، حيث أن إسرائيل تسعى إلى "الحد من وقوع الضحايا في الجانب الفلسطيني"، على حد قول شاليف.

واختتمت شاليف بالقول إن الأمر في النهاية لا يتعلق بوقف إطلاق النار، بل بضمان وقف الإرهاب كليا في قطاع غزة.

أما وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، فقال إن سكان غزة يتعرضون "لعنف وحشي" من قبل الجيش الإسرائيلي، متهماً مجلس الأمن بالتقاعس عن تنفيذ واجباته بوقف الأعمال العدائية خلال الصراعات، مذكراً بالتدخل السريع للمجلس في الحرب التي نشبت بين جورجيا وروسيا العام الماضي.

واعتبر الفيصل أن ما يحصل في غزة لن يؤدي إلا إلى زيادة "العنف والتطرف،" مشيراً إلى أن أمن إسرائيل لا يمكن أن يتحقق دون السلام العادل الذي يستجيب إلى الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، متهماً إسرائيل لخرق التهدئة مع حماس عندما أغلقت المعابر رغم توقف الصواريخ.

من جهته، قال وزير الخارجية الليبي، عبد الرحمن محمد شلقم، إن الإسرائيليين يشنون "عدوانا بمختلف الأسلحة وأكثرها فتكا على شعب أعزل بعد أن طبقوا عليه حصارا وجوعوه، وحرموه حتى من الدواء والماء في ظل صمت غريب من المجلس."

وأضاف إن الإسرائيليين يقومون بذلك ردا على صورايخ تطلق من القطاع، وهو ما يمثل من وجهة نظرهم خرقا للهدنة التي تم التوصل إليها الصيف الماضي. ولكنه وصف ذلك بالإدعاء الذي يستدعي توضيح الحقيقة. وقال: " إلتزم الفلسطينيون بالهدنة، وعملوا على إنجاحها بكل الوسائل، باعتبارها محطة تمهد لحل سلمي، وعادل للقضية الفلسطينية، دون أن تختزلها. منذ الأيام الأولى أفصح الإسرائيليون على لسان رئيس وزرائهم عن موقف سلبي من الهدنة واتجهوا بقوة نحو التصعيد والعدوان."

وأضاف وزير الخارجية الليبي أن على مجلس الأمن "ليس وقف العدوان فحسب، وإنما عليه أن يحرص ألا يفلت من العقاب من ارتكب هذه الفضائع بحق شعب أعزل تحت الاحتلال."

من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نيته لزيارة المنطقة الأسبوع المقبل لبحث تطورات الوضع، حيث سيلتقي المسؤولين في كل من الضفة الغربية وإسرائيل، وعدد من العواصم العربية.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه فنزويلا طرد السفير الإسرائيلي، متهمة إسرائيل بتنفيذ "حرب إبادة" ضد الشعب الفلسطيني.

وقال الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في مؤتمر صحفي عرض على شاشة التلفزيون الرسمي: "إنهم جبناء، فمن خلال حرب الإبادة الموجهة ضد الشعب الفلسطيني الآن، لن تتمكن الحكومة الإسرائيلية من تقديم وجهة نظر صحيحة حول السلام لشعبها في مختلف أنحاء العالم."

من جانبها، اغتنمت الحكومة الإسرائيلية فرصة انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، لعرض حسن النوايا، حيث أعلنت أنها ستفتح معابر إنسانية لقطاع غزة، للسماح بمرور المساعدات للشعب في القطاع.

يأتي ذلك بعد أن أقدمت القوات الإسرائيلية على قصف ثلاث مدارس تابعة للأمم المتحدة، مما أسفر عن مقتل ما يزيد عن ثلاثين شهيدا، وجرح ما يزيد عن الخمسين.

وأكد مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جون غينغ، وقوع قصف إسرائيلي قرب مدرسة تابعة للوكالة الأممية في مخيم "جباليا" بشمال قطاع غزة الثلاثاء، فيما ذكر الجيش الإسرائيلي أن مسلحي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كانوا يستخدمون المدرسة لإطلاق النار باتجاه الجنود الإسرائيليين.

من جانب آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل أحد جنوده في شمال غزة صباح الثلاثاء، بالإضافة إلى إصابة أربعة جنود آخرين، مما يرفع عدد القتلى في صفوف القوات الإسرائيلية، منذ بدء عملية الاجتياح البري مساء السبت، إلى ستة قتلى.

وكشف الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، عن مقتل ثلاثة من جنوده "بنيران صديقة" في "حادث انفجار" مساء الاثنين، قال إنه أدى إلى إصابة عشرات الجنود بجراح، أحدهم بحالة حرجة، وثلاثة إصابتهم خطيرة.

من جانب آخر، ارتفع عدد ضحايا العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، التي دخلت يومها الحادي عشر الثلاثاء، إلى 635 قتيلاً وأكثر من 3000 جريح، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية.

advertisement

وذكرت مصادر طبية فلسطينية، أن من بين القتلى أكثر 140 طفلاً ونحو 40 إمرأة، بالإضافة إلى ستة من أفراد الطواقم الطبية.

ويفرض الجيش الإسرائيلي حصاراً عسكرياً على غزة، التي يبلغ تعداد سكانها قرابة 1.5 مليون نسمة، فيما تتصاعد حصيلة الموت جراء العملية العسكرية التي تشارف أسبوعها الثاني.

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.