دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN) -- أكد المدون المصري المفرج عنه كريم عامر أن المخاطر التي تحيط بالتدوين في بلاده، والحكم الذي قضاه في السجون المصرية لأربع سنوات، لن تثنيه عن التدوين، أحد المنابر الإلكترونية التي تزعج السلطات بالعالم العربي.
وأفرج عن عامر، واسمه الحقيقي، عبد الكريم نبيل سليمان، الأربعاء الماضي، حيث يُعد أول مصري يتعرض للمحاكمة بسبب تعليقاته التي كتبها على مدونته الخاصة على شبكة الإنترنت قبل نحو أربع سنوات.
وقال عامر إنه تعرض لكثير من سوء المعاملة أثناء احتجازه، رافضا استخدام مصطلح التعذيب، وأضاف: "خلال فترة سجني لفقت لي قضية، وتم الاعتداء علي بالضرب، لكنني لا أرغب في تسمية ذلك تعذيبا، لأنه أمر غير ممنهج، ويعبر عن حالات فردية تنطوي على الإهانة."
وأكد عامر في اتصال هاتفي مع CNN بالعربية أنه عازم على مواصلة التدوين، وقال: "اعتقد أن سقف الحرية أصبح أعلى في مصر، وهذا ليس منحة من الحكومة، بل بفضل الذين يناضلون من أجلها.. سأعود للتدوين، فالحياة كلها مخاطر، لكنها لن تمنعني من الكتابة."
وأشار المدون المصري إلى أن السلطات الأمنية المصرية أخذت على عائلته تعهدا بعدم ممارسته للكتابة في القضايا السياسية، لكنه أكد أن تلك التعهدات غير ملزمة بالنسبة له لأنه لم يوقع عليها، وقال: "حتى وإن وقعت عليها فهي ليست قانونية أصلا."
وتعد قضية عامر واحدة من بين عشرات القضايا التي حوكم فيها مدونون وأودعوا السجن بسبب كتاباتهم على شبكة الإنترنت في عدد كبير من الدول العربية، التي تقبع أربعة منها، هي تونس وسوريا والسعودية ومصر، على قائمة أعداء الإنترنت التي تصدرها منظمة "مراسلون بلا حدود."
وعلى المدار العامين الماضيين، تنامت ظاهرة ملاحقة المدونين في عدد من الدول العربية، وشهدت دول مثل مصر والسعودية والمغرب والأردن، محاكمات لمدونين عبروا عن آرائهم على مدوناتهم الإلكترونية، وانتقدوا في الغالب الأنظمة الحكومية.
وفي وقت تحمي فيه المواثيق الدولية، التي وقعت معظم الدول العربية عليها، حرية التعبير عن الرأي، إلا أن مدونين وناشطين حقوقيين، يقولون: "إن الواقع غير ذلك، إذ تشدد السلطات الأمنية قبضتها على حركة التدوين، كما ما زالت تضيق على الصحافة التقليدية بشكل عام."
ويقول رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبوسعدة، إن المدونين في مصر والعالم العربي بشكل عام لا يتمتعون بأي حقوق أو حماية، ذلك أن القوانين لا تأتي على ذكرهم، بل إن قانون العقوبات في مصر مثلا، شمل التعبير عن الرأي بعبارة "أي وسيلة من الوسائل،" وهو ما جعل المدونين في طائلة ذلك القانون.
وأضاف أبو سعدة، في تصريحات لـCNN بالعربية، أنه "لا بد من إخضاع حركة التدوين العربية لشكل من أشكال التنظيم من أجل حماية المدونين،" وقال: "هؤلاء ينطبق عليهم صفة الصحفيين، لكنهم ليسوا كذلك، ويجب إيجاد قوانين معينة تحميهم وتنظم عملهم."
وطالب الناشط الحقوقي المصري بإيجاد قوانين في العالم العربي "تنظم التدوين ولا تقيده،" قائلا إن ذلك من شأنه أن يحمي المدونين أنفسهم، والأطراف الأخرى، ويضمن حقوق الملكية الفكرية أيضا.
واعتبر أبوسعدة أن قدرة الأنظمة العربية على السيطرة على المدونين تتضاءل، لأنهم ليسوا كيانات منظمة تحتاج إلى تراخيص حكومية للعمل، مثل وسائل الإعلام، كما أن انتشار الإنترنت ساهم في إعطاء مزيد من المساحة للمدونين.
ومن بين أبرز المدونين الذين تعرضوا للمحاكمة والسجن، مدون مصري آخر يدعى أحمد محسن، ويكتب مدون "فتح عينك،" وقد اعتقل في مايو/أيار عام 2009، ووجهت إليه تهمة "استغلال الجو الديمقراطي للإطاحة بالحكومة."
كما تم اعتقال المدون المغربي، محمد الراجي، وأدين وحكم عليه بالسجن بسبب مقال كتبه ينتقد سلوك العائلة المالكة في المغرب، والتي وصفها بأنها "تشجع الناس على السلبية والاعتماد على الغير."
أما المدون كريم عربجي، من سوريا، فاعتقل بعد أن كتب مقالا انتقد فيه السلطات السورية، وحكم عليه لمدة ثلاث سنوات في السجن بتهمة "نشر أخبار كاذبة من شأنها إضعاف الشعور المعنوي للأمة."
ومن سوريا أيضا تم اعتقال المدونة طل الملوحي قبل نحو عام، ولا تزال محتجزة بتهمة التجسس، دون أن تقدم للمحاكمة، مع أنها طالبة في المرحلة الثانوية.
ومن السعودية، اشتهر المدون فؤاد الفرحان، الذي أطلق عليه لقب "عميد المدونين السعوديين،" وكان قد اعتقل لمدة خمسة أشهر دون توجيه اتهامات له، ثم أطلق سراحه من دون إعطاء أي أسباب لاعتقاله.
وفي ظل غياب النقابات أو جمعيات للتدوين، عمد مجموعة من المدونين العرب إلى تأسيس اتحاد لهم، انطلق في عام 2006، ووضع من أبرز أهدافه "الرقي بالمستوى الثقافي والمعرفي في الأمة العربية، من خلال دعم جهود التعليم ومحو الأمية الكتابية أو الثقافية، والدعوة للانفتاح المتبصر في ظل الحفاظ على القيم الأخلاقية والعقائدية."
ويقول اتحاد المدونين العرب على موقعه الإلكتروني، إن على المدونين "احترام الإنسان والعقائد والأديان السماوية المختلفة، والسعي لترقية مفاهيم حوار الحضارات والعمل المشترك للدفاع على الهوية الثقافية وحقوق الإنسان والبيئة."