محتجون يحملون يافطات باسم موسوي قبل عام من اليوم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تبدو شوارع طهران هادئة للغاية، في الذكرى الأولى لاندلاع الاحتجاجات السياسية التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية، وما تبعها من نزول عشرات آلاف المؤيدين للتيار الإصلاحي، ومرشحه مير حسين موسوي، إلى الشوارع للاعتراض على النتيجة واتهام السلطات بالتزوير.
فقبل أيام، أعلنت المعارضة عن إلغاء مظاهرات كانت تعتزم تنظميها بالمناسبة، وأعادت المعارضة القرار إلى "مخاوف على سلامة الناس،" بعد أن أسفرت الموجة السابقة من المظاهرات عن مقتل وجرح واعتقال المئات، بينما واصلت السلطات في إيران تعقب المناوئين لها، إذ ذكرت مصادر مقربة من الناشطة الفائزة بجائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، أن الشرطة أوقفت إحدى الناطقات باسمها.
وذكرت المصادر أن قوات الأمن اعتقلت قرابة منصف الليل نرجس محمدي من منزلها في طهران، دون أن تتضح أي ملابسات للحادث.
ويأتي اعتقال الناطقة باسم عبادي بعد بث التلفزيون الإيراني الجمعة برنامجاً مخصصاً لانتقاد عبادي، ظهر خلالها زوجها الذي اعتقل في العام الماضي خلال الاحتجاجات، وأدلى بآراء رفض فيها مواقفها العامة.
وقال الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، وهي منظمة مركزها الولايات المتحدة، إن زوج عبادي، جواد تفازوليان، كان قد أدلى بتلك التصريحات في المعتقل، بعد أن تعرض لتعذيب جسدي ونفسي.
وكانت عبادي قد راسلت CNN الجمعة، وقالت في مقالة مكتوبة إن هناك الآلاف من المثقفين والصحفيين والناشطين والمحامين الذين يخضعون للملاحقة بسبب مشاركتهم في احتجاجات الصيف الماضي، ضد ما بات يعرف بـ"الثورة الخضراء" أو "المخملية."
ولفتت عبادي إلى أن الحكومة الإيرانية "قامت إلى جانب الاعتقالات بممارسة أنواع مختلفة من التكتيكات القمعية ضد المعارضين، مثل اعتقال واختطاف أقاربهم وتعرضهم لضغوطات نفسية لإخضاعهم."
وانقسم الإيرانيون الذين تحدثوا لـCNN في الأيام الماضية حيال تطلعاتهم المستقبلية، وقال كل من نيما وأزادي، وقد استخدما أسماء مستعارة خشية الملاحقة الأمنية، إنهما متشوقان للعودة إلى الشارع، بينما قال إحسان وكينوش إنهما يخشيان العودة إلى الاحتجاجات بسبب ما تعرضا له.
وقالت نيما، وهي باحثة جامعية تبلغ من العمر 30 سنة: "قبل الانتخابات الرئاسية، كنت أعتقد أن شرائح من الشعب الإيراني تؤمن بالنظام الحاكم، ولكن الجميع شاهد كيف استخدم النظام أسلوب القمع العنيف ضد المحتجين."
ولكن تراجع ضغط المعارضة في الشارع، وخاصة بعد احتجاجات الحادي عشر من فبراير/شباط الماضي، جعلت الكثير من المراقبين يعتقدون بأن التيار الإصلاحي بات ضعيفاً وعاجزاً عن التحرك، ولكن هذا الموقف يجد معارضة عدد من الخبراء بالشأن الإيراني.
ويقول كينوش، وهو مدوّن معروف اضطر للفرار خارج إيران بعدما داهمت عناصر أمنية منزله، ما اضطره للاختباء في قبو ببيت أصدقائه لمدة شهر قبل أن يتمكن من مغادرة البلاد بعد دفع رشى: "تضحيات المعارضة لم تذهب هباء، لقد جرى التأسيس لأمر بالغ الأهمية وهو كسر حاجز الخوف من النظام الحاكم."
أما أزادي، فبرر تراجع الاحتجاجات في الشارع بنضوج الحركة الاعتراضية قائلاً: "تحركنا كان في الأساس مثل طفل صغير، ولكن اليوم بات يافعاً وقادراً على الظهور بأشكال جديدة، وما من ضرورة بالتالي للجوء إلى العنف."
من جهته، قال المحلل السياسي علي ألفوني، الزميل في مؤسسة "انتربرايز" الأمريكية لأبحاث السياسة الخارجية، إن أسلوب الاحتجاج لا ينفع مع النظام الإيراني الذي لا يستوعب المعارضين، وبالتالي يجب تبديل هيكل النظام الذي يعتمد على قوة عسكرية مستقلة هي الحرس الثوري، الذي لا يخضع إلا لأوامر المرشد.
وشرح ألفوني قائلاً تحول الحرس الثوري إلى قوة سياسية واقتصادية واجتماعية تمتلك نفوذاً متغلغلاً في كافة نواحي الحياة والمجتمع في إيران، وقد تولى بعض قادته مناصب إدارية في وقت لاحق، فعينوا سفراء ومحافظين ووكلاء وزارات ووزراء."
وتشير يوميات "الثورة الخضراء" إلى أن الحرس الثوري كان له دور حاسم في مواجهة المتظاهرين، عبر فرق الدراجات النارية التي كانت تخترق صفوفهم، وعناصر "الباسيج" الذين كانوا باللباس المدني، إلى جانب نجاح الحرس في شل المعترضين عبر ضرب القيادات الوسطى التي كانت همزة الوصل بين القيادة والقاعدة.
ويشير البعض إلى أن الأهم من تراجع تحركات المعارضة في الشارع، هو تقلص تحركات الحكومة في الشارع، لعدم رغبتها في أن يعود هذا العملاق للانطلاق من القمقم.
وقال مهدي خالجي، الباحث في معهد دراسات الشرق الأدنى بواشنطن: "فلننظر إلى ما جرى الأسبوع المنصرم، فبعد أن اعتادت إيران على إحياء ذكرى رحيل مطلق الثورة، روح الله الخميني بتجمعات مليونية حول ضريحه تنقل عبر قنوات التلفزة الرسمية، اقتصرت أيام الحداد على يوم واحد، وقدرت مصادر مستقلة الحشد الذي تجمع حول الضريح ببضعة آلاف."
وتابع: "وكذلك تجنب السلطات دعوة الناس للتظاهر بسبب الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي كان متجهاً إلى قطاع غزة، وذلك لأنها تدرك بأنها باتت عاجزة عن السيطرة على الناس."