CNN CNN

من "ثورة الأرز" إلى "ثورة الغضب".. ماذا بعد؟

الجمعة، 25 شباط/فبراير 2011، آخر تحديث 19:00 (GMT+0400)
الحشود الغاضبة في ميدان التحرير بوسط القاهرة
الحشود الغاضبة في ميدان التحرير بوسط القاهرة

القاهرة، مصر (CNN) -- من "ثورة الأرز" في لبنان، إلى "ثورة الغضب" في مصر، مروراً بـ"الثورة الخضراء" في إيران و"ثورة الكرامة" في تونس، العالم يحبس أنفاسه منتظراً ما ستسفر عنه هذه الثورات الشعبية، التي تطالب بالديمقراطية والحرية.

في مصر، تدفق الشعب بأعداد غير مسبوقة إلى الشوارع وسط دعوات لأيام "غضب وحرية" مطالباً رئيسه، حسني مبارك، بالاستقالة ولكن، ما هي القرائن التي تقدمها المظاهرات التي اندلعت في وقت سابق في المنطقة بشأن ما سيحدث في القاهرة؟ إن النتائج على الأرجح تبدو متفاوتة!

لقد حفزت تونس، تلك الدولة الصغيرة نسبياً والمستقرة المطلة على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط، الموجة الحالية من الاحتجاجات المناهضة للحكومات في منطقة الشرق الأوسط.

الرئيس المخلوع، زين العابدين بن عابدين، ظل يحكم تونس طوال 23 عاماً، وكان ينظر إليها بوصفها دولة بوليسية راسخة.

ولكن في ديسمبر/كانون الأول من عام 2010، أشعل بائع فاكهة يدعى محمد البوعزيزي (26 عاماً) النار في نفسه احتجاجاً على قيام الشرطة بمصادرة عربة الفاكهة التي كان يبيع بواسطتها في الشارع للحصول على لقمة عيشه، وأيقظ هذا التصرف الرمزي غضباً مكبوتاً لدى سكان البلاد، فيما بات يعرف لاحقاً بين التونسيين بـ"ثورة الكرامة."

وقام زين العابدين بن علي بزيارة البوعزيزي في المستشفى، وعاش خريج الكلية لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن يقضي متأثراً بالحروق التي أصيب بها، وذلك في الرابع من يناير/كانون الثاني، غير أن هذه الزيارة لم تتمكن من تهدئة الغضب في البلاد بعد عقود من الفساد وتدني مستويات المعيشة والقمع.

وبعد أسابيع من الاحتجاجات، التي أسفرت عن مقتل ما يزيد على 100 شخص، وفقاً للأمم المتحدة، فرّ زين العابدين بن علي من البلاد في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الجاري.

على الأثر، تولى رئيس الوزراء، محمد الغنوشي، مقاليد السلطة وشكّل حكومة وحدة وطنية ضمت أعضاء من الحرس القديم والمعارضة، غير أن هذه الإجراءات لم تهدئ الشعب، حيث واصل الشعب المطالبة بالإصلاح الكامل، بينما واصل الغنوشي تشكيل حكومة وطنية في محاولة لتهدئة الجماهير الغاضبة.

وأخيراً وعد بإجراء انتخابات رئاسية جديدة في غضون 60 يوماً من رحيل زين العابدين بن علي.

وهذه النتيجة تختلف جذرياً عما حدث في إيران قبل عام ونصف العام، عندما اندلعت احتجاجات ضخمة بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران عام 2009، حيث توقع كثير من الإيرانيين هزيمة الرئيس الحالي، محمود أحمدي نجاد، المتشدد، غير أن النتائج الرسمية أظهرت فوزه.

على الأثر، خرج الإيرانيون إلى الشوارع، التي تحولت إلى "بحر أخضر"، حيث اتشحت الجماهير باللون الأخضر، (راية الإسلام) وتحدت سلطة أحمدي نجاد محاولة الإطاحة به من السلطة.

ثورة الشعب الإيراني، أو "الثورة الخضراء" لفتت اهتمام العالم وهيمنت على مخيلته، غير أنها لم تكلل بالنجاح، إذ تمكنت قوات الأمن الإيرانية من إجهاضها، وذلك بالتعاون مع قوات الباسيج التي اجتاحت المظاهرات بالدراجات النارية والعصي، واعتقلت أعداداً لا تحصى من المتظاهرين وزجت بهم في السجون.

في لبنان، عام 2005، أدت حادثة عنيفة إلى ثورة سلمية.

فقد لقي رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، الذي يحظى بشعبية واسعة، مصرعه في عملية تفجير ضخمة بينما كان يمر بسيارته في بيروت، أسفرت كذلك عن مقتل 22 شخصاً آخرين الى جانب الحريري.

وعلى الفور، اعتقد كثير من اللبنانيين، وكذلك محققون من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، أن سوريا هي المسؤولة عن عملية التفجير.

في ذلك الوقت كان لسوريا تأثير سياسي هائل، كما كان لها وجود عسكري كبير، وذلك منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين.

أثار مقتل الحريري احتجاجات واسعة النطاق، وعرفت تلك الاحتجاجات باسم "ثورة الأرز"، وأدت في نهاية المطاف إلى انسحاب القوات السورية من لبنان، وانتخاب الائتلاف المناهض لسوريا في البرلمان، وأصبح سعد الحريري، نجل رفيق، رئيساً للوزراء.

ولكن حتى في لبنان، التي لديها خبرة كبيرة بالديمقراطية تفوق معظم البلدان الأخرى في المنطقة، تظل نتائج الثورة غير واضحة.

وأجبر سعد الحريري على التنحي عن السلطة هذا العام، بعد أن انسحب وزراء الحكومة من التكتل المتحالف مع حزب الله المدعوم من سوريا وإيران، من الحكومة.

وتم تكليف نجيب ميقاتي، الذي نال ثقة حزب الله، بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة في الاسبوع الماضي، وفي اليوم نفسه، توجه أنصار الحريري إلى الشوارع وأعلنوا "يوم غضب."

وصادف يوم الغضب اللبناني، تسريع الشعب المصري لاحتجاجاته المستمرة ضد مبارك، فيما تتوالى التظاهرات بصورة أخرى في اليمن، وكما تتوالى مظاهرات من نوع آخر في الأردن مطالبة بسقوط حكومة رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي.

وفي الأثناء، تتجه أعين العالم إلى منطقة الشرق الأوسط لمتابعة التطورات، التي كانت غائبة طوال نحو 30 عاماً، لمعرفة ماذا سيحدث؟