CNN CNN

عُمان: استياء لإغلاق "الزمن" وسجن رئيس تحريرها

الأحد، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011، آخر تحديث 17:01 (GMT+0400)

مسقط، سلطنة عُمان (CNN)-- قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الجمعة إن على محكمة الاستئناف العُمانية أن تبطل حكم المحكمة الابتدائية المتعلق بحرية التعبير، وأن تسقط كل التهم الموجهة لصحيفة الزمن ورئيس تحريرها والموظف الحكومي بتهمة الإساءة لوزير العدل ونائبه في الخبر الذي نشرته الصحيفة بتاريخ 14 مايو/أيار الماضي.

وأشارت المنظمة الدولية إلى أن التهم تنتهك على ما يبدو المعايير الدولية لحرية التعبير، بما في ذلك حق انتقاد وزراء الحكومة.

وكان الشارع العماني قد أصيب بذهول كبير إثر حكم أصدرته محكمة ابتدائية في مسقط بإغلاق جريدة "الزمن" اليومية لمدة شهر، وسجن رئيس تحريرها الشاعر إبراهيم المعمري ومسؤول التحرير يوسف الحاج لمدة خمسة شهور نافذة.

واعتبر مئات العمانيين وقعوا على بيان أن الحكم "انتكاسة حقيقية لحرية الرأي والتعبير التي يُطالب بها الإعلام العماني"، مطالبين بفصل السلطات في عمان وعدم تركيزها في يد من أسماهم البيان "مجموعة لا تراعي استحقاقات تأسيس دولة المؤسسات والقانون بقدر ما تراعي هيبة ومصالح مسؤوليها دون الاكتراث لما يعزز من  مكانة عُمان الدولة والمجتمع في مجال حقوق الإنسان ولا حتى سمعة هذا الوطن إقليميا ودوليا."

وكانت محكمة ابتدائية عمانية قد قضت بإغلاق جريدة "الزمن" العمانية لمدة شهر، وسجن المعمري والحاج، إضافة إلى موظف بوزارة العدل خمسة شهور نافذة بتهمة إهانة كرامة وزير ووكيل وزارة العدل العمانية، بعد أن نشرت الجريدة خبراً عن موظف بوزارة العدل، اتهم فيها الوزير والوكيل بالتسويف والخداع في إعطائه حقوقه الوظيفية.

واعتبر رئيس تحرير الجريدة أن الحكم الصادر ضده وضد الجريدة "رسالة واضحة وقاسية لجريدة 'الزمن'، مفادها أن الحدود التي وصلت إليها عليها أن لا تتعداها، أو حتى تتراجع قليلا عن آخر خط وصلت إليه."

واعتبر أن "النقطة الأخيرة التي وصلت إليها الجريدة، ربما حركت البعض، حين رأى أن طلائع الصحفيين وصلوا إلى الخطوط الحمراء، بالقرب من بوابات القلاع القديمة. لذا دق ناقوس الخطر، فاحتشد البعض، فألقى القبض على الذين وصلوا .. إنها رسالة لعدم الوصول مرة أخرى لتلك الخطوط، وإلا سيكون المصير حتما، في أحد سهول سمائل، حيث السجن الكبير."

وفي حوار خص به CNN بالعربية، اعتبر إبراهيم المعمري الحكم بإغلاق الجريدة لشهر "تدميرا لها"، مشيراً إلى أن "إغلاق جريدة يومية لفترة يعني العقوبة الأكثر خطورة بالنسبة لمؤسسة صحفية، والهدف أحداث هزة كبيرة في أعمدتها، وخطوها لتعطيلها."

وقال المعمري: "لا أريد أن أقول إنني متفائل لكني سأعمل بمن معي إذا حصلنا على البراءة، أو حتى في مرحلة ما بعد السجن، لأن نكون أكثر قوة من مرحلة ما قبل الحكم."

وكانت جريدة "الزمن" قد استأنفت الحكم الصادر ضدها الأمر الذي أتاح لها استمرار الصدور حتى صدور حكم آخر من محكمة الاستئناف التي ستنظر في القضية منتصف أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وقال المعمري "لا يوجد لدينا خيار سوى المواصلة، وعرض القضية حتى المحكمة العليا، إن لم نقتنع بحكم الاستئناف، وكل ما نريده ويريده محامونا محاكمة عادلة لا تحوم حولها الشكوك، ولا تطرح حول خطواتها الأسئلة، ويشعر المتهم فيها بالعدالة حتى لو أدين. محكمة تصغي، ولا تملي. تنصت، ولا تسكت. تعطي المتهم كل الوقت لعرض قضيته، والشاكي والمتهم متساوون."

واعتبر المعمري الحكم بأنه صادم له وللجميع، "لأنه قاس جدا، بحيث أنه في هذا الزمن وفي هذه الظروف، تخرج مثل هذه الأحكام" وأن لحظة النطق بالحكم "أشبه بفيلم سينمائي، نقل بعض الحاضرين عبر آلة الزمن إلى القرون الوسطى."

من جانبه أوضح محامي جريدة "الزمن"، أحمد العجمي، الحكم "باطل بطلاناً مطلقاً لعدم اختصاص المحكمة الولائي لنظرها باعتبار الهيئة التي نظرت القضية في إجازة قضائية ما يعني قانونياً أنها غير صالحة لنظر الدعوى."

وكان المحامي العجمي قد فاجأ المحكمة في الجلسة التي سبقت النطق بالحكم حين قدم وثيقة تثبت أن القاضي في إجازة قضائية الأمر الذي يعني مخالفته لأحد قوانين القضاء العماني التي لا تجيز للقاضي النظر في أي دعوى خلال إجازته القضائية.

واعتبر المحامي أن "الطعن في الأحكام هو الضمانة الأكيدة للمتقاضين لتفادي الأخطاء القضائية وتمهيد الأمر لإصلاحها من قضاء أعلى يتمتع بسلطة مراقبة الحكم والتأكد من صحة التطبيق القانوني وتكييف الوقائع."

يذكر أن جريدة الزمن كانت قد نشرت في مايو/أيار الماضي "تظلما" لموظف بوزارة العدل يدعى هارون المقيبلي يتهم فيه الوزير والوكيل بمساومته على مستحقاته المالية وممارسة الخداع والتسويف معه مقابل التنازل عن دعوى قضائية تقدم بها ضد الوزارة، حيث أقنعه وكيل الوزارة - وفقاً للخبر- بسحب القضية التي يطالب فيها بحقوق وظيفية.

ووفقاً للخبر، بعد أن سحب الموظف القضية من أمام محكمة القضاء الإداري والتنازل، لم يحصل الموظف على ما وُعِد به، ما جعله يتجه بقضيته إلى جريدة "الزمن" التي نشرت القصة كما جاءت على لسان هارون، وموثقة بوثائق كانت في يده، مما أثار غضب وزير العدل وجعله يرفع قضية إهانة كرامة على الموظف والصحيفة معا.