عمان، الأردن (CNN) -- علقت نقابة الصحافيين الأردنيين الخميس الاعتصام الذي كان مقرراً تنفيذه نظراً لأن جلسة مجلس الأعيان الأردني التي كانت مقررة اليوم تم تأجيلها، ما يعني أنها أرجئت إلى الدورة العادية للبرلمان، التي تبدأ مطلع الأسبوع، على أن تتم مواصلة المباحثات مع مجلس الأعيان لإلغاء المادة من مشروع القانون.
وكانت نقابة الصحافيين الأردنيين بدأت منذ صباح الأربعاء اتصالات ماراثونية للضغط باتجاه عدم إقرار بند ضمن مشروع هيئة مكافحة الفساد في البلاد من شأنه أن يغلّظ العقوبات على الصحافيين بدفع غرامات تصل إلى 60 ألف دينار أردني، في حال النشر أو التحدث في أي وسيلة علنية عن قضية فساد ما لم يكن لديه دليل.
وعلى ضوء إقرار اللجنة القانونية لمجلس الأعيان الأردني (الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة) مساء الأربعاء العقوبة، وفيما سيستأنف مجلس الأعيان مناقشة مشروع القانون الخميس، أعلنت الهيئة العامة لنقابة الصحافيين الأردنيين ومختلف العاملين في الجسم الصحافي الأردني عن تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب صباح الخميس، للمطالبة بإلغاء العقوبات.
وأثار إقرار مجلس النواب الأردني الثلاثاء، لمشروع القانون زوبعة من الجدل السياسي والحقوقي والنقابي، حيث قدم أعضاء مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين استقالات جماعية صباح الأربعاء كمحاولة ضغط على المؤسسة التشريعية للتراجع عن العقوبات الجديدة على أن تعتبر نافذة في حال إقرار الأعيان لها، فيما أعرب مجلس النقابة وأوساط صحافية عن خيبة أمل كبيرة من فرض قيود جديدة على حرية الإعلام.
نقابة الصحفيين تستهجن
واستهجن نقيب الصحافيين الأردنيين، طارق المومني، إقرار مجلس النواب المادة 23 من مشروع القانون، التي تقضي بتغريم كل من يتحدث أو ينشر في أي وسيلة علنية عن قضية فساد ما لم يكن لديه دليل، بغرامة تتراوح بين 30-60 ألف دينار أردني.
واعتبر المومني في تصريح لـCNN بالعربية، "أن العقوبات الجديدة تعتبر ضربة لحرية الإعلام والصحافة في البلاد، وطريقة جديدة لتكميم الأفواه"، مبيناً أن اتصالات تجريها النقابة مع مجلس الأعيان للدفع باتجاه ألغاء العقوبة، قبل إقرارها.
ويأتي إقرار العقوبة الجديدة بعيد أقل من أسبوعين من تصويت مجلس النواب على شطب العقوبة من مشروع القانون نهائيا، إلا أن جدلا سياسا كبيرا أثير في البلاد بعد إحالة المشروع لمجلس الأعيان، الذي أعاد العقوبة بصيغة مخففة، فيما سحبت الحكومة الأردنية مشروع القانون حينها وغلظت العقوبة مجددا قبل إعادته لمجلس الأعيان ومن ثم النواب الذي صوت لصالح إقرارها في مرحلة تصويت ثانية.
ونص مقترح الأعيان الأول على عقوبة السجن بين ثلاثة إلى ستة أشهر إضافة إلى غرامة مالية قبل أن تسحبه الحكومة، وصوتت أغلبية نيابية ( 56 من أصل 96 ) لصالح المادة.
تناقض مجلس النواب
من جهتها، أعربت النائب في البرلمان الأردني، وفاء بني مصطفى، التي عارضت بشدة إقرار العقوبة، عن خيبة أملها من "مناقضة مجلس النواب الأردني" لنفسه في التصويت على المادة برفضها في المرة الأولى وإقرارها في المرة الثانية.
وأضافت بني مصطفى، العضو في اللجنة القانونية لمجلس النواب التي قدمت مقترحا بتخفيض العقوبة ليصار إلى رفضها، لـCNN بالعربية: "الغرامة التي تم إقرارها هي غرامة فلكية ولا أعلم كيف غير مجلس النواب موقفهم إلى الموافقة، وأستغرب أيضا رفضهم للمخالفة التي قدمتها ضمن أربعة نواب من اللجنة القانونية ضد التعديل بوجود العقوبة، كما أوضحنا أن العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني هي كافية."
أما حول تدخل جهات معينة في البلاد الضغط على النواب أو إجراء اتصالات مع النواب لتغيير مواقفهم، أوضحت بني مصطفى بالقول "لا علم لي بذلك."
إلى ذلك، ما تزال احتمالات إقرار المادة 23 أو إلغائها مفتوحة بحسب المختص في الشؤون البرلمانية حكمت المومني، الذي نفى وجود أية شبة دستورية لسحب الحكومة مشروع القانون والتعديل عليه.
وأوضح المومني بالقول لـCNN بالعربية، إن موعد فض الدورة الاستثنائية يجب أن يصدر به إرادة ملكية قبل بدء الدورة العادية لمجلس الأمة، التي تبدأ مطلع الشهر المقبل، ما يعني أن إقرار المادة قد يكون اليوم الأربعاء أو الخميس في جلسات مناقشات الأعيان التي تنتهي في وقت متأخر، أو قد يؤجل إلى الدورة العادية.
ويضم مجلس الأعيان في عضويته وزيرين في الحكومة، كانا قد حسما التصويت في مناقشات الأعيان السابقة ضد شطب العقوبة، فيما رجحت مصادر انشغال الأعيان الأربعاء بمناقشات تعديلات الدستور.
نفوذ مؤسسة الفساد
في الأثناء دانت جماعة الإخوان المسلمين الأربعاء إقرار مجلس النواب للعقوبات، فيما قال رئيس الدائرة السياسية في الجماعة الدكتور رحيل الغرايبة إن إقرار القانون يدلل على "نفوذ مؤسسة الفساد في الأردن."
وأشار الغرايبة في تصريح له إلى أن هذه المؤسسة باتت "صاحبة تأثير رئيسي في القرارات الحكومية والبرلمانية وقادرة على سن قوانين لحماية المفسدين."
وشدد الغرايبة على أن القانون يأتي بهدف "حماية الفساد والتستر على الفاسدين"، وفي سياق مناقض "لما يسمى بالإصلاح"، لافتاً إلى أن ما يجري "يؤكد عدم جدية في خطاب الإصلاح المعلن."
وأكد بأن "مؤسسة الفساد" هي من أقرت القانون المشار إليه، منوهاً إلى أن "الفساد من أقوى المؤسسات الفاعلة في الأردن ولها تأثير مباشر على الحكومة ومجلس النواب"، وهو الأمر الذي يفسر صدور القانون بحسب رأيه.
ولفت إلى أن الغرامات المترتبة على القتل لا تصل إلى 10 أو 20 ألفا بينما غرامة "المس بفاسد تستحق كل هذه العقوبة" وتابع: "لا يوجد في تاريخ العقوبات في الأردن غرامات تصل إلى هذا الحد."