عمان، الأردن (CNN) -- انعكست قضية استمرار اعتقال ناشطين أردنيين بتهمة "إطالة اللسان" ضد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، على حالة الحراك الشعبي الذي شهدته عدة محافظات بالبلاد، خاصة الجنوبية منها، فيما بدأت دعوات جديدة منددة بحكومة رئيس الوزراء عون الخصاونة، احتجاجا على صيغة النظام الانتخابي المتوقع.
وخرجت قوى سياسية وحزبية محسوبة على تيارات إسلامية ويسارية وقومية، في اعتصامات ومسيرات احتجاجية على السياسة الحكومية بفرض القبضة الأمنية في محافظات، واعتقال ناشطين والاعتداء عليهم في المراكز الأمنية، بحسب جهات غير حكومية.
وفي العاصمة عمان، شنت جماعة الإخوان المسلمين هجوما غير مسبوق على رئيس الحكومة الخصاونة، على خلفية تسريبات لاعتماد قانون ونظام انتخابين جديد ين للبلاد، من المتوقع الاعلان عنه رسميا السبت، ما شكل صدمة لمختلف القوى السياسية.
وسبق انتقادات الإخوان المسلمين للحكومة ولمجلس النواب الأردني، تصعيدا إعلاميا بين الإخوان والنواب، على خلفية وصف رئيس مجلس النواب الأسبق القيادي في الإخوان، عبد اللطيف عربيات، النظام الانتخابي بأنه ترسيخ "لنواب المناطق والخدمات،" واقترح استبدال الشعب الأردني واستيراد آخر كي لا يفوز الإسلاميون بالانتخابات."
من جهته، نفى القيادي في الحركة الإسلامية زكي بني ارشيد، أن تكون الحكومة قد عرضت على جماعة الإخوان أي مقاعد في البرلمان المقبل، مؤكدا رفض الحركة لصيغة مشروع قانون الانتخابات المسرب، وقائلا: " في حال إقراره فإنها قيادة نحول فشل الدولة الأردنية."
ولم يعتبر بني أرشيد، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن الدعوة إلى رحيل الحكومة من شأنه أن تشكل مخرجا للأزمة السياسية في البلاد، وقال :"إن المطلوب هو تغيير النهج لأن الحكومات في الأردن سريعة الذوبان."
وبين بني ارشيد أن الحركة الإسلامية ستعلن موقفها رسميا عند إحالة مشروع القانون إلى البرلمان، معتبرا أن الإبقاء على المقترح " هو إدارة ظهر لجميع القوى السياسية ويثبت بأن الإصلاح كان مجرد ثرثرة."
وأشار القيادي إلى أن فشل الحكومة في إنتاج قانون انتخاب توافقي، من شأنه أن يجدد نشاط الحراك الشعبي في الشارع.
ويتجه النظام المقترح، بحسب تصريحات مسؤولين حكوميين، اعتماد نظام الكتلة وتخصيص صوتين للناخب في المحافظة، مقابل تخصيص قائمة أخرى لدائرة الوطن، دون اعتماد مبدأ التمثيل النسبي الذي تنادي به القوى السياسية بمختلف أطيافها.
إلى ذلك، نددت مسيرة خرجت من منطقة وسط البلد في عمان، باستمرار عمل محكمة أمن الدولة العسكرية في محاكمة المدنيين، حيث يستمر اعتقال نحو 21 ناشط بتهم إطالة اللسان والإساءة إلى النظام الملكي والمطالبة برحيله، وطالبت بالإفراج الفوري عن المعتقلين وإلغاء المحكمة .
واعتقلت السلطات الأردنية 8 ناشطين في محافظة الطفيلة في السادس من مارس/آذار الماضي ووجهت لهم تهمة إطالة اللسان، فيما اعتقلت 13 ناشطا آخر نهاية الشهر نفسه، اعتصموا أمام المقر الحكومي للمطالبة بالإفراج عن زملائهم الناشطين.
ولم تستجب السلطات الأردنية للان لدعوات حقوقية بالإفراج عن الناشطين، في الوقت الذي طالبت فيه كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش، الحكومة الأردنية بالإفراج الفوري عن المعتقلين وصفتهم بمعتقلي "رأي."
من جهته، ندد عضو هيئة الدفاع عن الناشطين المحامي محمد الحراسيس، بتصرحي لـCNN بالعربية، باستمرار اعتقال 21 ناشطا سياسيا بمن فيهم معتصمي المقر الحكومي، عقب استخدام السلطات الأردنية القوة المفرطة في فض اعتصامهم.
وقال الحراسيس، الذي كان أحد المعتصمين المعتقلين المفرج عنهم في العاصمة، إن المحكمة لم ترد على سادس طلب لتكفيل نشطاء محافظة الطفيلة ( 180 كم جنوب العاصمة،) فيما أكد أن دعوى قضائية سيتم تحريكها ضد عناصر الشرطة الأردنية، تتعلق بانتهاكات وتعذيب خلال توقيف ناشطي المقر الحكومي.
وتعرض ناشطو المقر الحكومي إلى الضرب المبرح على أيدي قوات الأمن الأردنية خلال التوقيف، وهو ما أكدته مصادر متطابقة نقلا عن محاميين، فيما أكد الوزير الأردني الأسبق، محمد داوودية، تعرض نجله عمر للضرب والاهانة، عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك.
وبحسب مشاهدات الحراسيس، فإن زملاءه من الناشطين تعرضوا "لكل أنواع الضرب بالهراوات والإساءة" خلال فترة التوقيف في المركز الأمني، مؤكدا أن أحد النشطاء ويدعى المحامي عماد العياصرة، أصيب بالإغماء لتعرضه للضرب المبرح، بسبب إصابته بالروماتيزم.
ونقل الحراسيس الموكل في قضية الناشطين، عن أحد المحامين ممن زاروا محل إقامة الناشطين الجدد في سجر الموقر (45 كم جنوب شرقي العاصمة،) أن أحد الناشطين وجهت له مختلف الاهانات من بينها قيام أحد ضباط السجن "بالبصق في فم الناشط" وفقا له.
وفيما تشهد البلاد حراكا شعبيا مطالبا بالإصلاح السياسي وترسيخ مبدأ الحكومات البرلمانية ومحاربة الفساد، منذ أكثر من عام ، أعلنت الحكومة الأردنية تشكيل فريق قانوني من المركز الوطني لحقوق الإنسان ( هيئة حقوقية معترف بها دوليا) لمتابعة قضية الناشطين من المتوقع الإعلان عن نتائج عمله خلال الأيام المقبلة.