CNN CNN

رأي: باسم سكجها عن التنجيم بالعام الجديد!

الثلاثاء، 10 كانون الأول/ديسمبر 2013، آخر تحديث 02:10 (GMT+0400)
 تنجميات العام المنصرم تضمنت تكرار مشاهد 11 سبتمبر

 

تقترب السنة من الرحيل، ويحاول العام الجديد أن يُطلّ برأسه علينا، حاملاً مفاجآت يستعجل الناس معرفتها، فيستغلّ الأمر منجّمون محترفون لا يتورّعون عن التباري في تقديم الظريف، والطريف، والسخيف، والمخيف من التوقّعات، تبدأ بفواجع مقتل القادة، وتتواصل بأحاديث الزلازل والبراكين والأعاصير، ولا تنتهي عند مصير نجوم الفنّ والغناء.

ولا أظنّ أنّ شيئاً ممّا توقّعه هؤلاء للعام الحالي قد تحقّق، وليس من المُتخيّل أن يتغيّر الأمر في العام المقبل، فتصدق التنبؤات، فلا المسجد الأقصى وكنيسة القيامة عادا للعرب كمّا أعلن منجّم، وحين شكّك مستضيفه بالأمر، ردّ عليه: أنا متأكد مائة بالمائة! ولا تكرّر مشهد الحادي عشر من سبتمبر كما توقّعت منجّمة مشهورة، ومع ذلك فالناس ستواصل متابعة المنجمين، وربّما تصديقهم.

والغريب، أنّه صار لكلّ وسيلة إعلامية عربية منجّمها الخاص، وبدا أنّ التنافس على إعلان الغريب واللامألوف هو الذي يأتي بالمشاهدين، وهؤلاء يتابعون بكلّ اهتمام، ونستطيع التأكيد على أنّ حجم متابعة المواقع الالكترونية التي تعيد نشر التنبؤات والتوقّعات تتضاعف مرّات ومرّات، تماماً كما تنتعش سوق الإعلان، وكما تُباع ملايين النسخ من الكتب المتخصصة بالأمر.

وظلّ موضوع التنجيم يأسر الناس في كلّ العصور والأزمنة والأمكنة، واستخدم القادة العرافين والمنجّمين قبل اتّخاذ القرارات الكبيرة، وكثيراً ما وضعت البشرية يدها على قلبها خوفاً من الوصول إلى يوم القيامة لسبب نبوءة عابرة، وأبلغتني عرافة مغربية معروفة، قبل سنوات، أنّها تُسافر سنوياً بطائرة خاصة للقاء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، لاطلاعه على مستقبله، وهنا أتساءل مُستنكراً، ومُستغرباً: تُرى هل أبلغته بأمر الربيع العربي المقبل عبر سيدي بوزيد؟!

والشيء بالشيء يُذكر، فيقال إنّ العقيد القذافي كان يستشير أهمّ العرافين الأفارقة، وأيضاً، إنّه يُنفَق ثلاثة مليارات يورو كل عام في فرنسا على التنجيم وإنّ هناك 30 ألف محترف يعملون في هذه المهن تحت ظل القانون، أمّا في روسيا فكانت "دجونا" هي منجمة الرئيس الروسي السابق بوريس يلسين، ومثّلت مصدر ثقة له أكثر من مستشاريه أنفسهم، كما اختار الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريجان" ثلاثة منجمين ضمن مستشاريه الرسميين، ولم يأخذ أي قرار دون الرجوع إليهم.

الفضول واللهفة على معرفة المستقبل، والخوف من المجهول، من صفات البشر، وطبائعهم، وبالتالي فإنّ استثمارها تجارياً وربّما سياسياً أمر وارد ومفهوم، ولا نكتب عنه هنا، ولكنّنا نتساءل عن حجم الاستلاب واللجوء للغيب الذي يعيشه العالم في زمن المادية والعلمية، ومع وجود هذه الثورة المعلوماتية المذهلة، صارت الظاهرة العابرة للتاريخ والجغرافيا فيضاناً جارفاً يتناول كلّ شيء، من مصير الزعماء والأنظمة والدول، إلى زيجات وطلاقات الفنانين والرياضيين، وصولاً إلى تحديد ما سيجري للناس باليوم والساعة وربّما الدقيقة!

العام الجديد يُطلّ برأسه، الآن، تمهيداً لاحتلاله عالمنا سنة كاملة، ونكاد نراه يرفع لسانه في وجوهنا مُعلناً أنّ أحداً لن يعرف ما يحمله من مفاجآت، سعيدة أو محزنة، وخصوصاً لعالمنا العربي المبني مستقبله دائماً على المجهول!

ملاحظة: وجهة النظر الواردة تعكس رأي كاتبها، باسم سكجها، الصحفي والناشط في مجال الحريات ومكافحة الفساد، ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN بالعربية.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.