دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- ليس من الصعب الإجابة عن سؤال لماذا تعدّ ألمانيا إحدى أكبر قوى كرة القدم على مر التاريخ؟

فالسياسة الشبابية في ألمانيا مصدر إلهام لكثير من الدول، كما أنّ منتخب المانشافت هو أعند فريق يمكنك أن تراه منذ عقود، كما أضافت السياسة المالية الحذرة ضمانا إضافيا لعودة كرة القدم في بلاد بيكنباور إلى التألق.

ومع تأهل بايرن مونيخوبوروسيا دورتموند إلى المباراة النهائية من دوري الأبطال في ويمبلي، يأتي سؤال أكثر أهمية: هل نحن إزاء عصر جديد من السيطرة الألمانية؟

أحرز بايرن مونيخ أربع بطولات ضمن دوري الأبطال، لكن ميلان وليفربول وريال مدريد أحرزوا إنجازات أفضل.

كما أن عمالقة بافاريا لم يتسيدوا القارة العجوز منذ بداية القرن.

ومع بايرن، هناك ناديان ألمانيان آخران فقط أحرزوا أغلى الألقاب، وذلك سيء مقارنة بإنجلترا مثلا التي أحرزت خمسة أندية منها اللقب.

وإجمالا، أحرزت الأندية الألمانية ستة ألقاب أي خلف إيطاليا التي أحرزت اللقب 12 مرة وإسبانيا التي أحرزت اللقب 13 مرة.

أما حال المنتخب فيكفي أن نشير إلى أنه أحرز ثلاث بطولات عالمية آخرها كان قبل نحو ربع قرن.

منذ 1990 تسيدت البرازيل وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، لكن لا أحد بإمكانه معادلة رقم ألمانيا في بلوغ المربع الذهبي باثنتي عشرة مرة.

ليس ذلك فقط، لا أحد في أيامنا هذه يمكنه أن يشكك في كون الجيل الشاب الحالي هو أفضل ما أنجبت ألمانيا في التاريخ.

من الواضح أن ألمانيا غيرت خطتها وباتت توازن الدفاع والهجوم لكن الأوضح أن مانويل نوير وماتس هاملس وإكلي غوندوغان وماريو غوتزه وماركو رويس وطوماس مولر، هي أسماء مرعبة بكل المقاييس.

ما السر في ذلك؟

الأسرار اقتصادية وتربوية بالأساس.

سياسة الشباب في البلاد انضمت إلى سياستها الاقتصادية الصارمة هما من يقف وراء النجاح في كرة القدم.

اسألوا أي كشّاف مواهب وسيبلغك أنّه ما من وصفة للنجاح تعادل أن يكون لديك أكبر عدد من الصغار الذين يمارسون كرة القدم.

فبقدر ما كان ما تزايدت القاعدة بقدر ما كان بإمكانك الاختيار من ضمن عدد كبير من المواهب، وبالتالي بقدر ما تضمن حصولك على نجوم لاحقا.

راهنت ألمانيا على خزان المهاجرين البولنديين والأتراك والأفارقة ومن ضمنهم العرب، والأمر المخيف هنا هو الذي لعب دورا جيدا للجميع بمن فيهم المهاجرون وألمانيا نفسها.

فكونك ولدت في ألمانيا لا يعني ضرورة أنك ستحصل على الجنسية الألمانية مثلما هو معمول به في سياسات الهجرة في غيرها من الدول، حيث ينبغي أن تطلبها.

يعني ذلك أن الأمر سهل لضخ الدماء الجديدة للمنتخب كلما أراد وأيضا سهل للاعب نفسه عندما يقرر الانضمام.

والتركي الأصل مسعود أوزيل والتونسي الأصل سامي خذيرة مثالان جيدان رغم انخفاض أسهمهما مع ريال مدريد.

ويقول خبراء إنّ سياسة التشقف التي قررتها إسبانيا أثرت سلبا على الأندية الإيبيرية رغم أن الضعف المالي لناديي ريال مدريد وبرشلونة ليس أمرا جديدا.

وعلى العكس من ذلك فإن ألمانيا تتعامل مع الأزمة المالية بكيفية مختلفة عن بقية الدول ولكنها غير جديدة بالنسبة إليها حيث أنها ظلت على مدى التاريخ بعيدة عن التأثر بنقص الأموال.

وتعد البوندسليغا أفضل دوري يدار ماليا في مختلف أصقاع المعمورة.

ووفقا لأرقام رسمية فإنّ الدوري الألماني يأتي في المركز الرابع من حيث الثراء خلف إنجلترا وإسبانيا وفرنسا.

لكنه مع ذلك يعد الدوري الأكثر نموا، فهو أكثر دوري مشاهد من قبل الجمهور داخل الملاعب ناهيك أنّ مداخيل الملاعب تجاوزت للمرة الأولى حاجز 2.6 مليار دولار للمرة الأولى هذا العام.

لكن قبل المال، لنستذكر القاعدة الرئيسة التي لطالما صنعت معنى كرة القدم الألمانية.

إنها تماما مثلما وصفها النجم الإنجليزي السابق غاري لينيكير الذي سئل عن معنى كرة القدم فأجاب قائلا "إنها لعبة يشارك فيها 22 لمدة 90 دقيقة ثم يفوز فيها الألمان."

وقبل المباراة التي سحق فيها بايرن مونيخ نادي برشلونة، قال المدافع الإسباني جيرار بيكيه "إنّ مفهوم لينيكير لكرة القدم لم يعد صالحا الآن."

وبعد الأهداف السبعة التي تلقتها شباك برشلونة على يد بايرن، تبيّن أن جملة لينيكير باتت خالدة.

شاهدنا حتى الساعة دربيات إيطالية وإسبانية وإنجليزية في نهائيات أوروبا، وهي المرة الأولى التي سنحضر فيها قمة ألمانية خالصة، وهي التي ستقرر أفضل ناد في أوروبا وبالأحرى في العالم.