CNN CNN

رأي: من غير التاريخ في 2013؟

السبت، 28 كانون الأول/ديسمبر 2013، آخر تحديث 15:55 (GMT+0400)

كاتبة هذا المقال فريدا غيتيس، وهي صحيفة متخصصة في الشؤون الدولية بصحيفتي "ميامي هيرالد" و"وورلد بولتيكس ريفو"، عملت سابقا كصحفية ومراسلة لـCNN، ومؤلفة كتاب "نهاية ثورة: عالم متغير في عصر التلفزيون المباشر."

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- عام 2013 كان مختلفا عن سواه من الأعوام السابقة، فأبرز حوادثه صنعتها جماعات أو حركات، تندلع ثورات من حيث لا تدري، وتُحتل الساحات دون قيادات مرئية، هذا عام.. قام فيه أفراد بأحداث درامية وغير متوقعة على الإطلاق.

أهم قصص هذا العام هي نتيجة تمازح الأفراد بتحدي المؤسسات والمنظمات والأوضاع القائمة، أحيانا يفشلون فشلا ذريعا، وفي أحيان أخرى ينجحون، لكن على كل الأحوال يتركون بصمتهم في التاريخ، بمحاولة تغيره نحو مسار مختلفة.

بالنسبة لي هؤلاء هم المرشحون لتحديد الشكل الذي اتخذه عام 2013.

التجسس على الجواسيس

لم يكمل إدوارد سنودن عامه الثلاثين، حينما أسدل الستار وكشف عن كم مثير للدهشة من عمليات تجسس وكالة الأمن القومي، ففيما كان الجهاز يراقب أشياء أخرى، قام متعاقد واحد بهزة أرضية، تاركا وظيفته وحاملا معه مئات الآلاف من الوثائق السرية، التي تكشف عن تجسس الجهاز على الاتصالات، والبريد الإلكتروني، وحتى قادة العالم وحلفاء أمريكا.

والكشف أظهر مدى قدرة وكالة الأمن القومي على معرفة كل أسرارنا، ورغم ذلك، عرّاها رجل واحد على نحو محرج.. هو بنظر البعض بطل، وخائن في تقدير آخرين، لكنه مثل اختبارا إجباريا، للمدى الذي يذهب إليه المجتمع طواعية، للسماح للحكومة بالتجسس على حياة الناس، فلو لم يتحرك كيف لنا بمعرفة ما تفعله حكومتنا؟

بابا مهموم بعدم المساواة أكثر من الفضائح الجنسية

عندما اختار الكرادلة الكاثوليك في روما أول قسيس أرجنتيني ليكون أول حبر أعظم غير أوروبي منذ قرابة 1300 عام، بدأ البابا فرانسيس في التصدي للقوة الجبارة لتقاليد الكنيسة، وانتقد بشدة هوسها ضد المثليين والإجهاض وتحديد النسل، داعيا الكاثوليك إلى محاربة الفقر وعدم المساواة، وأصبح مصدرا لمفاجآت لا حصر لها مثل رفضه الانتقال إلى المقر الباباوي.

هل ينجح البابا في إحداث تغيير دائم في واحدة من أعرق المؤسسات وأكثرها مقاومة للتغيير بالعالم.. هذا ما سنراه؟

الصراع مع إيران لإخراج الأرنب من القبعة

بدأت صفحة جديدة للصراع مع إيران حول برنامجها النووي، مع الانتخاب المفاجئ للرئيس حسن روحاني، الذي تحول موقفه بشدة إلى نبرة تصالحية، لكن تظل هناك شكوكا إذا ما كان سينجم عن ذلك تغييرا حقيقيا.. أوباما وضع احتمالات التوصل لاتفاق نهائي بنسبة 50/50.

فالأمر لا يتعلق بروحاني، بل برئيسه القائد الأعلى آية الله على خامنئي، الذي له الكلمة الفصل في إيران، فكل ما يحدث هناك بمباركته، حتى تغير النبرة، ولم يتضح بعد إذا ما قرر تغير أهداف البرنامج النووي لبلاده.

مر عقدان الآن منذ فرض الولايات المتحدة، ودول أخرى، عقوبات تجارية على إيران، بهدف منعها من تحقيق ما يخشونه، ونفي إيراني متكرر بأن برنامجها لإنتاج أسلحة نووية.

لقد توصلت إيران، وقوى العالم بقيادة واشنطن، لاتفاق مبدئي يبطئ من تقدم إيران بنحو ستة أشهر، والعودة مجددا لبعض العقوبات.. نتيجة خلقت نوعا من الإثارة لدى البعض وتوجس لدى آخرين، خصيصا لأن إيران تبدو وكأنها وجدت طريقة لتخصيب اليورانيوم رغم مطالبة الولايات المتحدة تحديدا بوقف ذلك..

من الفائز.؟ البعض يقول إيران.. شكرا لروحاني.

أوباما وبرنامج التأمين الصحي "أوباما كير"

تحدي باراك أوباما النظام القائم وتعثر به.. هذا هو حال كل من يحاول التصدي لوضع قائم .. للقصة ربما عدة توابع، منها عدم الرضا السياسي، وإغلاق الحكومة، الذي أثار حفيظة الأمريكيين ضد واشنطن.. ويبدو أن أوباما أحرز نقاطا هناك، بوقوفه بثبات أمام الجمهوريين، إلا أن ما أوقعه، وبشكل مؤلم، ودون تدخل المنتقدين، هو انطلاقة برنامج التأمين الصحي، الذي يعرف بـ"أوباما كير" فما أن أفاق الأمريكيون من صدمة الإغلاق الحكومي، حتى وقعوا بأخرى جراء الافتتاحية الكارثية للبرنامج، لتهبط شعبيته إلى أدنى مستوياتها، زادت سوءا بإنكاره وجود مشكلة، ورغم اعترافه لاحقا وتحميل نفسه المسؤولية، لكن بعد فوات الأوان.

في سوريا.. ارتبك أوباما وظل نظام الأسد بالسلطة

مع اقتراب نهاية 2013 لا تبدو في الأفق نهاية لمعاناة السوريين، من كان يعتقد أن نهاية العام لن تزيد النظام السوري سوى قوة؟ فبعد دعوات متكررة من أوباما،  للرئيس السوري بالتنحي، يبدو أنه، والغرب كذلك، في حيرة بشأن الخطوة التالية.. فهو قلق من أن يؤدي القتال للإطاحة بالنظام الحالي، لبزوغ نظام جديد يسيطر عليه الإسلاميون المتشددون.

حدد أوباما استخدام السلاح الكيماوي كخط أحمر، واستخدمه الأسد، وقرر الرئيس الأمريكي إن بلاده لن تتدخل، فهو شخص بطبيعته غير مخاطر، لقد تراجع سريعا عن قرار بالتحرك في سوريا، تحسبا من تحدي الرأي العام، لقد فاجأ الجميع بإعلانه أنه بانتظار تفويض الكونغرس.

وبدأ قرار الكونغرس مترددا عقب تلميح وزير الخارجية جون كيري، بأن تسليم الأسد لترسانته الكيماوية سيحول دون التدخل العسكري، والتقطت روسيا، حليف سوريا، الفكرة كنواة لعملية دبلوماسية مضادة، أنقذت بها الأسد من هجوم الغرب، وأوباما من الخزى السياسي.

النصر كان حليف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فيما يرزح الشعب السوري تحت هجمات لا هوادة فيها من قبل الأسد وحليفه اللبناني، حزب الله، لتتنامى حصيلة الموت والضحايا الذين زاد فصل الشتاء من معاناتهم..

بالحيلة والدهاء تفوق بوتين على أوباما.. وكان لديكتاتور آخر الضحكة الأخيرة..

ننظر للوراء لعام 2013 الجدير بتذكره، ليس لكوننا جميعا شهودا عليه، بل لكوننا أبطال حاضرنا في التاريخ..  الأفراد بمقدورهم تغيير التاريخ سواء للأسوأ أم الأفضل.

ويشار إلى أن الآراء الواردة بالمقالة لا تمثل موقف الشبكة وتخص فريدا غيتيس فقط.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.