المسيح: هل كانت لديه زوجة وأولاد؟

منوعات
نشر
9 دقائق قراءة
بالصور..ما هي أفلام هوليود الدينية المرتقبة لعام 2014؟
LightWorkers Media/Hearst Produc
6/6بالصور..ما هي أفلام هوليود الدينية المرتقبة لعام 2014؟

ويلعب كريستيان بيل دور الرسول موسى في الفيلم المرتقب "Exodus" من إخراج رايدلي سكوت.

كاتب المقال: جاي ياريني، شاعر وروائي، يعمل مدرساً في جامعة ميدلبيري في فيرمونت بأمريكا، ونشر مؤخراً سيرة ذاتية بعنوان: "Jesus: The Human Face of God". (الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN).

عاد السؤال القديم ذاته ليطفو مجدداً: هل كان للمسيح زوجة أم لا؟

إذ نشر كاتبان هذا الأسبوع ترجمة عن نص قديم اسمه "The Lost Gospel"، أي "الإنجيل المفقود" وفقاً للتسمية التي أطلقها الكتاب عليه، وقد ظل النص بحيازة المكتبة البريطانية منذ عام 1847 لكنه لفت انتباه الباحثين في السنوات السابقة فقط، ويبحث النص في احتمالية وجود زوجتين للمسيح وطفلين، وأن مريم المجدلية، التي غلب الظن بأنها كانت مجرد صديقة مقربة للمسيح، هي في الواقع مريم العذراء، وليس كما هو الحال اليوم، إذ يطلق هذا اللقب على والدة المسيح.

كما يذكر النص بأنه كانت هنالك محاولة لاغتيال أطفال المسيح ومريم قبل عقد من صلبه، عندما بلغ عمره 20 عاماً، ولكن ما هو مدى صحة هذه الادعاءات.

قد تبدو هذه القصة مجرد إعادة سرد لرواية "شيفرة دافينشي" التي ألفها دان براون عام 2003، ولكن الروايات المتعلقة بمريم المجدلية والمسيح تم تداولها من فترة طويلة، ليعمل "الإنجيل الضائع" على إضافة بعض المعطيات فقط.

أما فيما يتعلق بصحة ما ورد في "الإنجيل المفقود" فإن الباحثين سيتعمقون في دراسته، مثلما فعلوا عند العثور على جزء آخر من الإنجيل المفقود، الذي أعلنت كيرين كينغ، الباحثة في جامعة هارفارد عن اكتشافه قبل عامين، ولكن الشائعات التي وردت حينها بتزييف الوثيقة لم تكن صحيحة أبدأ، إذ كشفت فحوصات كربونية بأن تاريخ كتابتها كان في القرن الثامن الميلادي، وهو تاريخ أحدث مما اقترحته كينغ.

وانتشرت الادعاءات الجديدة بوجود "إنجيل خامس" من قبل البروفيسور في جامعة يورك بكندا، باري ويلسون، وكاتب النصوص وصانع الأفلام الإسرائيلي سيمكا جاكوبوفيك، اللذين بحثا بعمق في وثيقة "The Ecclesiastical History of Zacharias Rhetor"، والتي كتبت على جلود الحيوانات، وباللغة السريانية المشتقة من الآرامية، وهي اللغة التي كان المسيح يتحدث بها.

وهنالك الكثير من الأعمال الأدبية الموثقة باللغة السريانية، التي عدت من اللغات المهمة في توثيق الآداب بالشرق الأوسط بالأخص بعد القرن الرابع الميلادي، ووصلت الوثيقة إلى بريطانيا بعد شرائها من دير بمصر في أواسط القرن التاسع عشر، وقام الباحثون بدراستها حينها لكنهم اعتبروها وثيقة غير مهمة، ولا يزال مصدرها الأصلي مجهولاً، وفقاً لما قاله تيرينس ماكوي في مقال لواشنطن بوست.

لكن الناس لن يعتبروا هذه الوثيقة الأولى من نوعها، إذ انتشرت الأفكار حول احتمالية زواج المسيح من مريم المجدلية عندما نشر الروائي اليوناني نيكوس كازانتزاكيس كتاب "The Last Temptation of Christ" عام 1953، وقد أنتج المخرج مارتن سكورسيزي فيلماً مبنيا على الرواية عام 1988، ليقفز دان براون إلى الركب الذي أحدث ضجة حول العالم برواية "شيفرة دافينشي."

وأشار كتاب المؤلفين - شرحاً للوثيقة الجديدة - إلى وجود ترجمة من نصوص إغريقية أصلية، وفقاً لرسالة رافقت الوثيقة المكتوبة باللغة السريانية في المكتبة البريطانية، وفق ما أشار إليه مقال في "دايلي ميل" عن الكتاب.

وبهذا مهما نظرنا إلى هذه الوثيقة يمكننا التأكد بأنها قديمة بالفعل، وأن أصلها يمكن أن يعود للقرن الأول الميلادي، عندما كتبت الأناجيل الكنسية الأربعة، من قبل القديس متى ومرقس ولوقا ويوحنا، ولكن هذا هو انعكاس لحدس ويلسون وجاكوبوفيك.

القصة بالسريانية لا تشير إلى المسيح مباشرة، بل إلى رجل يدعى "جوزيف" وهو أحد الأسماء التي يوصف بها عيسى المسيح، وتحكي عن زوجة جوزيف "أسينيث"، والتي يقال بأنها إشارة لمريم المجدلية، وفي تفسيرهما للوثيقة فإنه يشار إلى "جوزيف" بوصف "ابن الله"، وهنالك مقاطع تشابه اللغة التي صيغت بها طقوس القربان المقدس في التقاليد الدينية المسيحية.

وتحكي الوثيقة عن قصة زواج جوزيف وأسينيث على يد فرعون مصري، الذي يقول في زواجهما: "إن رب جوزيف قد أحل البركة عليك لأنك أول مواليد الرب، وأنت ستسمين من الآن فصاعداً بابنة الله مصدر رفعة وفخر جوزيف من الآن وإلى الأبد."

ومن المهم أن أذكر بأن كتابة معظم الأناجيل تمت خلال العقود، وحتى القرون التالية لموت المسيح، وليس فقط تلك الأربعة التي يعترف المسيحيون بها، وقد ظهرت هذه الأناجيل والتي تعرف أيضاً باسم "أناجيل نجع حمادي" إلى العلن عام 1945 عندما اكتشفت في الصحراء المصرية، وقد احتوت هذه المخطوطات على كتابات تعود لأوائل الحقبة المسيحية، من ضمنها إنجيل توماس، وأجزاء من أناجيل فيليب وماري، بالإضافة لغيرها.

ولم يتم التحكم بكتابة الأناجيل حتى نهاية القرن الميلادي الثاني، عندما أعلن قديس ليون، أيرنيوس، بأن الأناجيل التي كتبها متى ومرقس ولوقا ويوحنا ستشكل الأعمدة الأربعة التي سيقوم عليها أساس الديانة المسيحية، وكانت السلطة التحريرية بحذف ما يريد تعود له وحده.

لكن ما الذي يتوجب على المسيحيين تصديقه عندما تظهر كتابات جديدة تصف فيها زواج المسيح؟ هل يمكن وجود أناجيل أخرى من كتابات متى ومرقس ولوقا ويوحنا؟ هل يمكن أن المسيح، وعلى سبيل المثال، كان متزوجاً ولديه أطفال؟ وما هو الدور الذي لعبته مريم المجدلية في حياته؟

من الواضح بأن مريم المجدلية كانت مقربة من المسيح، إذ كانت تناديه باسم "رابوني" بالآرامية، أي المعلم، مثل غيرها من تلاميذه، لكنها أيضاً كانت بالقرب منه عند صلبه، وكانت أول من زار قبره بعد موته، هل يمكن لغير الزوجة أن تأتي لزيارة قبر رجل تم صلبه للتو؟ يبدو تصرفاً نابعاً من الحميمية بعض الشيء.

وكشف المسيح عن نفسه أمامها أولاً عندما قام من الموت، وفي القرن الأول الميلادي كان من المعتاد بأن يكون الرهبان متزوجين، ونحن نعلم جيداً بأن بطرس وهو أحد التلامذة المقربين للمسيح، كان متزوجاً، وعلمنا ذلك بسبب الروايات عن زيارة المسيح لحماة بطرس المريضة، وفي الوقت ذاته لا نعلم أكثر عن زوجة بطرس نفسها أو حتى عن احتمالية زواج التلامذة الآخرين المقربين من المسيح.

إن الاناجيل التي قبلت، أو تم قبولها، لا تشير إلى أن المسيح كان متزوجاً، وحتى لو كان متزوجاً بالفعل، فإنه كان من الضروري أن تذكر الأناجيل الأربعة هذا الجزء الكبير من حياته الشخصية، ومن المفيد أيضاً أن نتذكر بأن الإنجيل وبطبعه غني ومتنوع، فهو مليء بالمعلومات المذهلة والتي لا تتعلق فقط بالدواعي الكنسية، ولا يمكننا أن نعلم بالضبط ما هو الأصلي من عدمه ضمن الكتابات الأولى في وصف المسيح.

أما بالنسبة إلي، فإنني أشك بأن النص السرياني الذي كشف عنه حديثاً لا يتعدى أطر الخيال، وهي نسخة قديمة لرواية "شيفرة دافينشي"، إذ اختلطت الروايات حول المسيح بعد موته، وأجبر أتباعه على اختيار عدد من الروايات الكثيرة التي رأوا ارتباطها بالجانب الروحي.

وقد اتخذت الكنسية المسيحية خيارها، لتهمش كل الكتابات والملحقات الدينية لتوصف بـ "المبتدعة"، لذا فإن الاهتمام بهذه الكتابات يجب ألا يفاجئ أياً منا، في الوقت الذي يتوجب على كل من سمع بهذه الادعاءات التي تحملها الوثائق التدقيق فيها، والتشكيك بمن يروج لها.