كامليا انتخابي فرد تكتب لـCNN: الطيّار الأردني وفتاة كوباني كلاهما شهداء

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير کاملیا انتخابی فرد

هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

مرّ اسبوعان منذ أن بدأت تركيا هجومها غير المبرر ضد الأكراد السوريين في منطقة عفرين السورية. العملية العسكرية أطلق عليها الأتراك اسم "غصن الزيتون"، وهو استخدام آخر لكلمات جوفاء بلا معنى يستخدمها غالباً الناس الذين يبحثون عن السلام ويريدون وضع الخلافات جانباً، لكن من غير الواضح ما هو نوع السلام الذي يبحث عنه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إذا كان هدفه هو تدمير الأكراد واحتلال أراضي دولة ذات سيادة بذرائع واهية، مثل إيجاد منطقة آمنة لنقل اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا حالياً إليها.

لقد وجد الأكراد، الذين كانوا من أهم شركاء الولايات المتحدة وقوات التحالف في القتال ضد إرهابيي داعش في سوريا، أنفسهم وحيدين بعد أن تعرضوا للخيانة من قبل جميع الشركاء.

من يستطيع أن ينسى صور آلاف النساء من كوباني الذين أخذهن مقاتلو داعش المتوحشون ليكونوا رهائن لديه؟ طفلة لم تتعد العاشرة من العمر تعرضت للاغتصاب وبيعت في سوق النخاسة فيما كنا نشاهد بأسى وحزن ما يحدث غير مصدقين المدى الذي انحدرت إليه الإنسانية حتى يقوم إنسان بإهانة أخيه الإنسان بهذا القدر من النذالة والوضاعة!

المقاتلون والمقاتلات الأكراد الشجعان الذين يقاتلون منذ فترة طويلة في الجبال من أجل الحصول على حقوقهم الأساسية كانوا دائما يعانون من التمييز والاضطهاد من قبل حكوماتهم.

01:35
عفرين بين الأكراد والأتراك.. ما هو مصير الحدود التركية السورية؟

الكرد كانوا في وقت ما يعيشون متحدين في أراضي بلاد فارس (الآن إيران)، لكن مناطقهم فُصلت عن بعضها البعض عندما تم رسم الحدود وتحديد المناطق الجديدة في المنطقة، بحيث توزعت أراضي الأكراد بين إيران وسوريا وتركيا والعراق. ولكن رغم تقسيمهم جغرافياً بين عدة دول، بقي الأكراد متحدين فيما بينهم عبر الحدود. هذه الوحدة الروحية هي السبب الرئيسي الذي يجعل الدول الأربع التي يعيش فيها الأكراد لا تثق بهم لأنها ترى أنهم يشكلون جيشاً انفصاليا محتملاً.

لكن من المثير للاهتمام أن كلاً من هذه الدول الأربع تعتمد بين الحين والآخر على الأكراد من أجل مصالح معينة، لكنها سرعان ما تتخلى عنهم عندما يتعرضون لأزمة بعد انتهاء الحاجة إليهم. مثال جيد على ذلك هو التعاون الأمني والتجاري الذي كان قوياً بين إيران وأكراد العراق في المرحلة التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، لكن هذا التعاون تلاشى فجأة عندما طالب مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، بإجراء استفتاء حول الاستقلال في سبتمبر الماضي. في ذلك الوقت، وضعت الدول الأربع خلافاتها جانباً وواجهت الأكراد في صف واحد مخافة أن يؤدي ذلك إلى تقوية النزعة الاتفصالية لدى الأكراد عندهم.

اليوم، تهاجم تركيا الأكراد في عفرين لأن الولايات المتحدة أرادت استخدامهم كحرس حدود في سوريا، الأمر الذي اثار مخاوف الرئيس التركي أردوغان، وحتى الرئيس السوري بشار الأسد، من أن ذلك سيشكل تهديداً لأمنهم بسبب تلقي الأكراد الدعم من الأمريكيين. أردوغان يدّعي أيضاً أن حزب العمل الكردي (بي كي كي) هو حزب إرهابي يقوم بعمليات داخل تركيا ويتعاون مع وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وأن العملية العسكرية التركية تسعى لمنع هذه التهديدات على حدودها.

لكن مثل هذه الذرائع لا يمكن أن تبرر تعاون الأتراك مع إرهابيين معروفين مرتبطين مع تنظيم القاعدة (جبهة النصرة) لقتال الأكراد الذين ساعدوا على طرد داعش من الأراضي السورية.

لقد بكى قلبي دماً، مثل ملايين الناس، عندما رأيت المشاهد الفظيعة للهجوم على مقاتلة كردية شجاعة من كوباني، حيث قام الإرهابيون بقتلها وتقطيعها أشلاء. ذلك المشهد أعاد إلى ذاكرتي صورة الطيار الحربي الأردني الشجاع الذي اعتقله إرهابيو داعش بعد سقوط طائرته وقتلوه بأبشع الصور.

الطيار الأردني وفتاة كوباني كلاهما شهداء، عربي وكردية كانا يقاتلان من أجل الحرية.