مقتل قيادي بارز بحماس في بيروت يزيد المخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة

(CNN)-- ظهرت صورة لمبنى مدمر في العاصمة اللبنانية على شاشات التلفزيون المحلية بينما تصاعدت أعمدة من الدخان الأسود في السماء. قالت حماس إن ذلك جاء في أعقاب غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل أحد كبار مسؤوليها، صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، وعدد من الأعضاء الآخرين.

ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي مسؤوليتها عن الهجوم.

إذا كان هذا صحيحا، فإن العاروري سيكون أكبر مسؤول في حماس تقتله إسرائيل منذ بداية الحرب التي اندلعت بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر. ومن شأن الضربة المشتبه بها أن تخاطر أيضًا بتوسيع ساحة الصراع بين إسرائيل وحماس.

كان هدف إسرائيل المعلن من تلك الحرب هو القضاء على حماس في غزة وتحرير أكثر من 240 رهينة أسرتها الحركة من إسرائيل خلال هجومها.

لكن إسرائيل لم تعتقل أو تقتل حتى الآن كبار قادة الحركة في القطاع ــ حيث تسببت الضربات الإسرائيلية في عدد هائل من القتلى ــ ولا يزال العديد من الرهائن محتجزين لدى حماس.

ويعتبر هجوم، الثلاثاء، أكبر هجوم إسرائيلي على العاصمة اللبنانية منذ حرب عام 2006 بين البلدين.

ووقع الهجوم في الضاحية الجنوبية لبيروت، في حي شعبي يعد أيضًا معقلًا لجماعة حزب الله المدعومة من إيران، مما أثار مخاوف من أن الحرب قد تجتاح الدول المجاورة وتخاطر بجذب قوى إقليمية مثل إيران والولايات المتحدة.

ووصف رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، ما حدث بأنه “جريمة إسرائيلية جديدة تهدف إلى جر لبنان إلى مرحلة جديدة من المواجهات”، في إشارة إلى الصراع المتبادل المستمر بين حزب الله والقوات الإسرائيلية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، كان القتال بين حزب الله وإسرائيل محصوراً إلى حد كبير في نطاق يبلغ حوالي أربع كيلومترات (2.5 ميل) من المنطقة الحدودية، حيث قام حزب الله بضرب إسرائيل بينما ضربت إسرائيل لبنان.

وبدا الأمر في بعض الأحيان وكأنه يتأرجح على شفا حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله، أقوى جماعة شبه عسكرية في الشرق الأوسط، لكنه فشل في إشعال الصراع الذي كانت تخشاه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.

ربما تغير ذلك بعد ظهر الثلاثاء، حيث بدا أن قواعد الاشتباك تغيرت فجأة مع الانفجار الذي وقع في بيروت.

وقال فراس مقصد، وهو زميل أول في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، على منصة أكس (تويتر سابقًا) إن "خيارات حزب الله تقتصر على الانتقام أو الاستسلام.. يفضل حزب الله حرب المنطقة الرمادية التي تضايق إسرائيل، ولكن دون الحرب. لقد أصبح الأمر أكثر صعوبة اليوم... سيتعين على حزب الله الآن أن يصعد سلم التصعيد ويرد بالمثل".

وتعهد حزب الله بالرد، وقالت الجماعة في بيان لها على موقعها الإلكتروني، ليلة الثلاثاء: "نعتبر جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري ورفاقه الشهداء في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداء خطيرا على لبنان وشعبه وأمنه ومقاومته"، وأضافت "نحن في حزب الله نؤكد أن هذه الجريمة لن تمر دون رد وإجراءات عقابية".

وفي خطاب خُطط له مسبقًا، بمناسبة الذكرى الرابعة لمقتل القائد العسكري لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، حذّر نصرالله، الأربعاء، من أنه إذا شنت إسرائيل حربًا على لبنان فإن الرد سيكون "بلا حدود وضوابط"، مضيفا "لسنا خائفين من الحرب".

وفي خطابين ألقاهما منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ولكن قبل انفجار، الثلاثاء، أثار نصرالله مرارا وتكرارا احتمال نشوب حرب شاملة مع إسرائيل، ولكن بدا في نهاية المطاف أنه يشير إلى أن حزب الله كان عازما على قصر قتاله على المنطقة الحدودية.

واشتد القتال منذ ذلك الحين في المنطقة الحدودية وهدد المسؤولون الإسرائيليون بتكثيف هجماتهم على حزب الله.

وقال مارك ريجيف، أحد كبار مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لشبكة MSNBC إن إسرائيل لم تتحمل المسؤولية عن مقتل العاروري.

وقال ريجيف "لكن أيًا من فعل ذلك يجب أن يكون واضحا أن هذا لم يكن هجوما على الدولة اللبنانية. ولم يكن هجوما حتى على حزب الله"، وأضاف: "من فعل ذلك فقد قام بضربة جراحية ضد قيادة حماس".

لكن مسؤولًا أمريكيًا قال لشبكة CNN إن إسرائيل نفذت الغارة، مضيفًا أنه لم يتم إبلاغ إدارة بايدن بالعملية مسبقًا.

وجاء هجوم بيروت وسط توترات متصاعدة في المنطقة أثارت بالفعل شبح حرب أوسع نطاقا.

وكثفت الولايات المتحدة مؤخرا تدخلها العسكري في الشرق الأوسط. وفي الشهر الماضي، نفذ الجيش غارات جوية على كتائب حزب الله المتمركزة في العراق و"الجماعات التابعة لها" بعد هجوم أدى إلى إصابة ثلاثة جنود أمريكيين.

وفي الأسبوع الماضي، أغرقت مروحيات أمريكية ثلاثة زوارق للحوثيين في البحر الأحمر بعد تعرضها لإطلاق نار، مما أسفر عن مقتل من كانوا على متنها. وكان هذا الحدث هو المرة الأولى منذ اندلاع التوترات في وقت سابق من العام الماضي الذي تقتل فيها الولايات المتحدة أعضاء من الجماعة المتمردة. وقال البيت الأبيض إنه لا يسعى إلى صراع أوسع.

ونفذ الحوثيون، الذين أدانوا هجوم بيروت باعتباره "جريمة جبانة" من جانب إسرائيل، عدة هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر ردا على الهجوم الإسرائيلي على حماس، مما أدى إلى تعطيل التجارة في أحد أهم الممرات المائية في العالم.

وفي الأسبوع الماضي، اتهمت إيران والعديد من وكلائها المسلحين إسرائيل باغتيال قائد إيراني كبير في سوريا وتوعدوا بالانتقام، ولم تعلق إسرائيل على الأمر.

وقال تريتا بارسي، نائب الرئيس في معهد كوينسي في واشنطن على موقع أكس: "هذا (هجوم بيروت) يظهر مرة أخرى أنه مع مرور الوقت ورفض بايدن الضغط من أجل وقف إطلاق النار (في غزة)، فإننا نقترب أكثر فأكثر من حرب شاملة في المنطقة"، وكتب "إننا نشهد تصعيدًا في البحر الأحمر ونشهده في لبنان. ونحن نشهد ذلك في العراق وسوريا، حيث استهدفت الميليشيات القوات الأمريكية... ومن المرجح جدًا أن تنجر الولايات المتحدة إلى حرب على مستوى المنطقة".