مصر: تراجع الدولار في السوق السوداء بعد صفقة رأس الحكمة.. وخبراء: "فرصة" للبنك المركزي

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
مصر: تراجع الدولار في السوق السوداء بعد صفقة رأس الحكمة.. وخبراء: "فرصة" للبنك المركزي
Credit: KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- حصلت مصر على الدفعة الأولى من صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة بقيمة 10 مليارات دولار على مدار يومي الخميس والجمعة الماضيين، مما انعكس على تراجع سعر الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية. في وقت يرى خبراء أن هذه المؤشرات تعد "فرصة" للبنك المركزي ليتخذ قرارًا بتطبيق سياسة مرنة لسعر الصرف، متوقعين أن يتراوح سعر الدولار أمام الجنيه بين مستويات 40-45 جنيهًا حال اتخاذ قرار محتمل بشأن سعر الصرف.

وتسبب خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار من مصر في أزمة وفرة النقد الأجنبي في البلاد مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف يرتفع فيها الدولار أمام الجنيه عن المستوى الرسمي، الذي يبلغ 30.83 جنيه للشراء، 30.95 جنيه للبيع، إلا أنه منذ الإعلان عن صفقة رأس الحكمة شهدت السوق الموازية، المعروفة باسم السوق السوداء، هبوطًا حادًا في سعر الدولار أمام الجنيه.

قال الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، إن تسلم الدفعة الأولى من صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، انعكس على تحسن أداء الجنيه أمام العملات الأجنبية، مستندًا إلى مؤشر العقود الآجلة غير المُسلّمة للجنيه، الذي سجل 50 جنيهًا أمام الدولار- وهو أقوى مستوى له منذ منتصف يناير/كانون الثاني - كما انعكست على توفير سيولة دولارية تسهم في تلبية جزء من متطلبات استيراد المواد الخام والسلع الأساسية، إضافة إلى ذلك تسهم في سرعة التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتمثل إشارة إيجابية لعودة الاستثمارات الأجنبية لمصر.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن سعر الدولار في السوق السوداء تراجع إلى أقل من مستوى 40 جنيهًا بعد ساعات قليلة من إعلان تسلم الدفعة الأولى من صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة من الشريك الإماراتي.

غير أن الخبير مدحت نافع يرى أن هذه التدفقات غير كافية لاستمرار تحسن السوق لفترة طويلة مما يتطلب ضرورة العمل على زيادة تدفقات النقد الأجنبي مقترحًا تبني سياسة للتشديد النقدي من خلال رفع أسعار الفائدة، وتخفيض المعروض النقدي من خلال أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، واستمرار وزارة المالية في سياستها في تخفيض الإنفاق الاستثماري، خاصة للمشروعات المستنزفة للدولار.

في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الحكومة المصرية خطة لترشيد الإنفاق الاستثماري لجهات الموازنة العامة حتى نهاية العام المالي الحالي 2023/2024 بنسبة 15%، تضمنت تأجيل تنفيذ المشروعات حديثة الإدراج بالخطة، وعدم التعاقد على شراء سيارات الركوب للمؤسسات الحكومية، إضافة إلى عدم التعاقد على أي تمويل خارجي أو البدء في أي مشروع حتى من خلال مكون محلي يترتب عليه قرض أو مكون أجنبي إضافي، وفقًا لبيان رسمي.

وشدد نافع، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، على ضرورة استعادة الثقة في سوق الصرف المحلية، والقضاء على الفجوة بين سعر صرف الدولار في البنوك مقابل سعره في السوق الموازية، وذلك حتى تعود تحويلات المصريين بالخارج إلى معدلاتها الطبيعية، وكذلك عودة تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر مما يسهم في استقرار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وتحقيق استقرار في أسعار السلع الأساسية في السوق.

وتشكل تحويلات المصريين بالخارج أحد المصادر الخمسة الرئيسية للنقد الأجنبي في مصر، وتراجعت بشكل ملحوظ منذ بدء أزمة نقص النقد الأجنبي في مارس/آذار عام 2022، بسبب وجود سعرين للدولار. وبلغت التحويلات 4.5 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الحالي (الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2023) مقابل 6.4 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من العام الماضي بنسبة انخفاض 29.9%، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

من جانبها، قالت رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، آية زهير، إن سعر الدولار انخفض أمام الجنيه في السوق الموازية ليتراوح بين مستوي 47-48 جنيهًا مما يعطي إشارة على استمرار تحسن تدفقات النقد الأجنبي للبلاد، وزيادة سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، متوقعة أن يتراوح سعر الدولار أمام الجنيه في مستويات بين 40-45 جنيهًا مع نهاية العام، تزامنًا مع تسلم المزيد من دفعات الصفقة.

وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإنه من المقرر تسلم الدفعة الثانية من صفقة تطوير رأس الحكمة، البالغ قيمتها 20 مليار دولار، بعد شهرين من تسلم الدفعة الأولى.

أشارت آية زهير، في تصريحات خاصة لـCNN  بالعربية، إلى تقارير المؤسسات الدولية، التي أشادت بنجاح الحكومة المصرية في تنفيذ صفقة رأس الحكمة، وتحفز هذه التقارير على زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة المقبلة، وتحسين التصنيف الائتماني للبلاد، وكذلك النظرة لتوقعات معدل نمو مصر خلال الفترة المقبلة، بحسب زهير.

وصدرت تقارير دولية أشادت بصفقة رأس الحكمة، آخرها تقرير وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، قالت فيه إن الصفقة ستخفف من ضغوط السيولة الخارجية لمصر، وستساعد في تقدم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام محلية.

من جهته، عدّد الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبد العال، مكاسب الحصول على الدفعة الأولى لصفقة رأس الحكمة، أبرزها استمرار تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه لأقل من مستوى 40 جنيهًا، وزيادة عدد عمليات الانتربنك الدولاري مما يشير إلى ارتفاع عدد الاعتمادات المستندية للشركات للإفراج عن البضائع المستوردة، خاصة من مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية، حسب قوله.

وقال عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN  بالعربية، إن البنك المركزي المصري قد ينتهز فرصة انخفاض الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية، ويتخذ قرارًا بتحريك سعر الصرف الرسمي وتطبيق سياسة مرنة لسعر الصرف لتحفيز حائزي الدولار للتخلي عنه من خلال القنوات الرسمية، خاصة مع توقعات زيادة تدفقات النقد الأجنبي المباشر من خلال صفقات استثمارية أخرى وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، متوقعًا أن يتراوح سعر الدولار بين 42-45 جنيهًا بعد تنفيذ هذه القرارات.

وتوقع عبد العال، أن تعدل وكالات التصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبية إلى مستقرة خلال أول مراجعة لمصر خلال الفترة المقبلة، وكذلك تعديل توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري، مما ينعكس على عودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة للبلاد مرة ثانية.