سلمان الأنصاري يكتب لـCNN عن "القوة الدافئة" للسعودية

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير سلمان الأنصاري
سلمان الأنصاري يكتب لـCNN عن "القوة الدافئة" للسعودية
أعضاء القوات الخاصة السعودية لوحدة مكافحة الارهاب يعرضون مهاراتهمCredit: FAYEZ NURELDINE/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم سلمان الأنصاري، والآراء الواردة فيه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

بناءا على المتابعة العامة للمعطيات في الشأن السياسي والأمني، وبحكم عملي المباشر مع احدى أكبر المنظمات العالمية المختصة في تقديم حلول مكافحة تمويل الإرهاب. أجد أن السعودية لديها وبلا مواربة احدى أقوى أجهزة الإستخبارات في العالم فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب. ولذلك فانه ليس من الغريب أن تتم الإشادة بجهود المملكة العربية السعودية الإستثنائية في مكافحة الإرهاب العالمي.

ففي بداية هذا الشهر، أشاد السيد ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا بدور المملكة الكبير في مساعدتهم على الكشف عن الكثير من الجماعات الإرهابية وقال بالحرف الواحد: "لقد قدمت السعودية لنا معلومات ساعدت في الحفاظ على مئات الأرواح البريطانية." وبالاضافة الى ذلك يجب أن لا ننسى بأن السعودية قدمت سابقا معلومات متعددة للسلطات الأمريكية عن خطط وخلايا إرهابية وشحنات ملغمة وأشخاص ينوون تفجير طائرات من خلال تفخيخ أنفسهم. هذه الإشادات المستمرة والشكر المكثف من قبل دول الغرب للمملكة يؤكد بأن هذه الأمثلة المذكورة والمعلن عنها ما هي إلا جزء يسير من حجم التعاون الإستراتيجي والمعلوماتي بين السعودية والدول الصديقة. من الضروري معرفة أن طبيعة مساعدات المملكة لدول العالم في مجال مكافحة الإرهاب ينبع من مسؤوليتها العالمية للحفاظ على الأمن العالمي وينبع من إصرارها الدائم على التمسك بمباديء الدين الحنيف الداعي للسعي في حفظ الأرواح البريئة.

لتبسيط المفهوم، أود أن أقدم مختصر مبسط عن العناصر الرئيسية لمكافحة الإرهاب. فبناءا على التقرير الرسمي للمملكة بخصوص مكافحة الإرهاب والمنشور في موقع سفارة المملكة في واشنطن باللغة الإنجليزية. مكافحة الإرهاب تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية وأود للاختصار أن أسميها بالميم الثلاثية: الأشخاص، المال، الفكر. Men, Money, Mindset   

الأولى تتناول مكافحة الإرهاب المباشرة وهي المكافحة الأمنية للأشخاص (الإرهابيون) وهذا هو دور الجهات الأمنية و العسكرية. القسم الثاني هو مكافحة تمويل الإرهاب من خلال تجفيف منابع مواردهم المالية، والثالث هو مكافحة الفكر والأيدلوجيا والعقلية التي يستند إليها الإرهابيون.

أرى أن معرفة هذه العناصر المبسطة ضروري جدا لكل مهتم في شأن مكافحة الإرهاب بشكل عام. وبطبيعة الحال ، من المؤكد أن مكافحة الإرهاب تعتبر من أعقد الملفات الشائكة في هذا العصر لأنه يتطلب عملا دؤوبا وربط تنسيقي مابين الثلاثة عناصر المذكورة. بالاضافة إلى تطلب هذه المكافحة إلى ربط تنسيقي عالي المستوى ما بين الدول لتفكيك شفرات الخلايا السرطانية الإرهابية. فالسعودية بحكم إكتوائها السابق بالإرهاب وبحكم خبرة وحنكة قبطانها الأمني ولي ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في هذا الشأن وأيضا بحكم تشرف المملكة بالقيادة المعنوية للعالم الإسلامي أرى أنها تقريبا الوحيدة القادرة على سبر خبايا العقلية التكفيرية وتحليلها وربطها مع المعطيات بكل فعالية و اقتدار.

هنالك حتما جزئية مهمة جدا تتعلق في عنصر المكافحة المباشرة للأشخاص (الإرهابيون) وهي أن القوة المحركة لهذا العنصر هي القوة الإستخباراتية والمعلوماتية. فالقوة العسكرية وخطط المداهمة لا تمثل تحدي حقيقي في مكافحة الإرهاب لدى الدول المتماسكة والقوية بل التحدي متمركز في جلب المعلومة وربط البيانات المؤدية إلى معرفة من هو الإرهابي وبماذا يفكر ويخطط.

أنا بطبعي أميل للمسميات والإختصارات لإيماني بأنها عامل لغوي مساعد لفهم وتبسيط الكثير من النظريات والمسائل ولهذا أود أن أطلق تسمية جديدة للقوة الإستخباراتية والمعلوماتية وهي  (القوة الدافئة) وأترك للقارىء حرية تخيل سبب هذه التسمية.

المملكة استطاعت بخبرتها وبقوتها الدافئة دحر الجماعات التكفيرية في أرضها وفي أماكن أخرى وبتناغم مميز فيما بين عناصر الميم الثلاثية. ولهذا معظم دول العالم كانت ومازالت متتلمذة في مقاعد المدرسة السعودية لمكافحة الإرهاب. وبطبيعة الحال، التحديات مازالت قائمة ومتصاعدة والمتغيرات مستمره والإرهاب لم يعد كالسابق (اضرب واهرب) بل أصبح خطرا عابرا للقارات وذا حواضن جغرافية كبيرة وموارد مالية يتم تحريكها من خلال النظام المالي العالمي. ولهذا على المملكة التحرك للتحفيز والضغط على بعض الدول المتهاونة أو المتكاسلة عن قصد أو غير قصد خصوصا فيما يتعلق بمجال التعاون الإستراتيجي في مكافحة الإرهاب. خصوصا أن هنالك بعض الدول التي أصبحت بتساهلها كما لو كانت محطات عبور رئيسية ورسمية للمقاتلين الراغبين في الذهاب لأماكن الصراع. وعلى دول الغرب وبالأخص أمريكا وضع ثقة أكبر في آراء المملكة فيما يخص الملفات الأممية الشائكة كملف إيران على سبيل المثال لارتباط هذه الدولة بالكثير من قصص الفوضى المتسببة في تغذية الفكر المتطرف في المنطقة.

 بشكل عام، العالم وبالأخص أغلبية دول الغرب، يعلمون بأن دور المملكة وبالأخص في (قوتها الدافئة) يعتبر مفصليا ومهم جدا في الكشف والقضاء على الجماعات المتطرفة وإجتثاثها من جذورها. للإختصار، أرى وبالأدلة القاطعة أنه حينما يتعلق الموضوع بمكافحة الإرهاب، فالسعودية هي العقل والغرب هو العضلات!