القاهرة، مصر (CNN)-- وصف المحامي المصري خالد علي، مقيم الدعوى القضائية ضد "تنازل" الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير، للمملكة العربية السعودية، حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود، بـ "التاريخي"، وأنه أهم حكم في تاريخ القضاء المصري.
وقال خالد علي، في حوار لـCNN بالعربية، إنه قدم للمحكمة مستندات عديدة تثبت مصرية جزيرتي تيران وصنافير، وجاءت حيثيات الحكم لتدحض كل الادعاءات، ورأى أن المنطقة أمام ترتيبات دولية أكبر من مصر والسعودية.
وكان هذا نص الحوار:
- كيف ترى حكم القضاء الإداري في قضية جزيرتي تيران وصنافير؟
خطوة كبيرة بالنسبة لمصر كلها، وليس لي بشكل شخصي، رغم أهميته الكبيرة لسمعتي كمحام، وخطوة على طريق الانتصار، أتمنى أن تصل لنهايتها في المحكمة الإدارية العليا، لأننا أمام نزاع استثنائي وغير تقليدي.
لأول مرة ينظر القضاء الإداري المصري، تنازل الحكومة في مصر عن أرض مصرية، والحكم غير تقليدي لأنه أكد على مصرية الجزيرتين أمام سلطة متسلطة، ولا أعرف كيف توافق الحومة المصرية التنازل عن أرض حارب المصريين من أجلها ومات أبنائها من أجلها!
وأذكر الجميع أن مصر هي الدولة الوحيدة التي اعترضت على قانون البحار، عندما جعل مضيق تيران، مضيقا دوليا، لأن ذلك كان يعني أنه سيتيح لإسرائيل المرور الحر في المضيق، والمحكمة أشارت إلى ذلك في حيثيات حكمها.
بشكل شخصي، أرى أن الحكم الأخير، هو أهم حكم في تاريخ القضاء الإداري، بحيثياته وصيغته، وأمام سلطة تحاول خداع الرأي العام بإخراج فاشل للقضية المطروحة على المجتمع.
- هل تتوقع أن تنفذ الحكومة حكم المحكمة؟
بالتأكيد الحكومة ستطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، ولكن ما كان يجب عليها الطعن على حكم يؤكد مصرية الجزيرتين، ولأول مرة أرى حكومة تقدم كل شيء لتؤكد عدم أحقيتها في أرض تمتلكها بالتاريخ والجغرافيا.
- ولكن البعض يرى أن القضاء الإداري غير مختص بالنظر في أمور تخص السيادة؟
هذا التبرير غير صحيح، والمادة 151 فقرة أخيرة من دستور 2014، نصت على عدم التنازل عن الأرض، وأنه لا يجوز توقيع اتفاقيات تنص على التنازل عن أراض مصرية، وبالتالي لا يملك رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء ولا مجلس النواب، التنازل عن الأرض.
- هل ستعُرض الاتفاقية على مجلس النواب بعد الحكم الأخير؟
الحكومة ستلجأ لخلق أزمة دستورية، والتشكيك في حكم المحكمة، وستصور للمجتمع أن المحكمة أخطأت في حكمها، ومجلس النواب حر في مناقشة كافة الأمور وفقا للدستور، ولكن كما قلت من قبل، أن مجلس النواب لا يمكنه التنازل عن الأرض المصرية.
وأتوقع فتح مسارات جديدة في القضية من جانب الحكومة، وستفتح النار على كل من يخالفها الرأي.
- ما رأيك الأن في الهجوم الذي تعرضت له عندما قررت إقامة الدعوى؟
تعرضت لهجوم عنيف خلال الفترة الماضية، واتهمني البعض بأني أبحث عن "شو" إعلامي، ولكن الآن أشعر بالفخر بالحكم الذي أصدرته المحكمة برئاسة المستشار الجليل يحيى الدكروري، ولو خسرت القضية لقيل عني ما في الخمر.
- على ماذا استندت في الدعوى؟
استندت على مستندات كثيرة حصلت عليها من أناس عديدة، وهذا يؤكد شعور المصريين بأحقيتهم في الجزيرتين، واستشهدت أمام المحكمة بكتاب "جورج أوغست فالين"، عن رحاله فنلندي قام برحلات إلى شبة جزيرة سيناء، وشبة الجزيرة العربية، في عام 1845، أكد فيها على مصرية جزيرتي تيران وصنافير، كما استندت على اتفاقية 1906، التي لم تنص على تنازل مصر عن الجزيرتين.
لم أكتف بذلك، بل استشهدت بكتاب "نعوم شقُير" الصادر من الهيئة العامة للكتاب المصري، الصادر في عام 1914، ويحوي على خرائط تؤكد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، كما أن المستشار وحيد رأفت، طلب رفع العلم المصري في 12 يناير / كانون ثان عام 1950، على جزر البحر الأحمر، ومن بينها جزيرتي تيران وصنافير، ونفذت الحكومة المصرية القرار وقتها.
- بماذا تفسر تأكيدات الحكومة المصرية على سعودية الجزيرتين؟
تفسير سياسي بحت لا يمت للحقيقة بصلة، لمجرد أن رئيس الجمهورية يريد منح الجزيرتين للسعودية، رغم أن الأنظمة المصرية المتعددة طوال الوقت لم تجرؤ على فعل ذلك على مدار سنوات طويلة، والغريب أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تبذل جهدا لتثبت سعودية الجزيرتين، بالرغم من أنها حاربت عليها ومن أجلها.
تقديري الشخصي أننا أمام ترتيب دولي لمستقبل المنطقة، وهو ترتيب أكبر من مصر والسعودية، ونحن أمام وضع إقليمي بمباركة دولية، وتسليم مضيق تيران للسعودية سيعني أن المضيق أصبح مضيقا دوليا.
- ولكن وزارة الخارجية أكدت أن هناك رسائل متبادلة بين مصر والسعودية تؤكد أحقية المملكة في ملكية الجزيرتين؟
الرسائل المشار إليها من وزارة الخارجية، تمت بين الملك عبد العزيز، والسفير السعودي في مصر، وليس مع الحكومة المصرية، وهذه الرسائل حصلت عليها من رسالة دكتوراة أشرف عليها الوزير السابق مفيد شهاب.
- ما رأيك في التيارات المصرية التي تدافع عن أحقية السعودية في الجزيرتين؟
لا أعتبرها تيارات مصرية، ولكنها أبواق داعمة للنظام وتبرر أفعاله طوال الوقت مهما كانت، وأرى أن النظام يخسر أرضية جديدة كل يوم، وهناك من انتخب الرئيس المصري في الانتخابات الرئاسية الماضية وانقلب عليه.
- هل ساورك الشك في القضية بعد خروج هدى جمال عبد الناصر لتؤكد أحقية السعودية في الجزيرتين؟
لم أشك للحظة في مصرية الجزيرتين، حتى بعد تراجع البعض عن قناعتهم، ولم تكن هدى عبد الناصر، هي الوحيدة التي تراجعت، بل هناك رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية، الذي أكد في البداية مصرية الأرض، ولكنه تراجع هو الآخر، وأتصور أن كل من تراجع تعرض لضغوط.
- ما تفسيرك لإثارة قضية الجزيرتين من الأساس في هذا الوقت؟
لأن مصر تمر بأضعف حالتها، وحاكم ضعيف أمام العالم، فمصر الآن مثل الرجل المريض، والسعودية في حاجة لانتصار سياسي لينسب لولي ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان).
- كيف تابعت مظاهرات التأييد والرفض لقرار الحكومة بالتنازل عن الجزيرتين؟
لم تكن هناك مظاهرات تأييد، ولكن كما أمام لجان أمنية مولتها الأجهزة بالمال، على الجانب الآخر شاهدت شباب صغير من مواليد التسعينيات يقول إن الأرض مصرية، ويتم اعتقالهم، ولأول مرة يتم جمع 5 مليون جنية في أسبوع واحد، كفالات للشباب للإفراج عنهم بعد الاعتقال.
- هل تعرضت لتهديدات خلال الفترة الماضية؟
لم تحدث تهديدات بالمعنى المعروف، ولكنها ضغوط ورسائل سباب على هاتفي المحمول وفيسبوك، وهذا لم يؤثر في.
- ماذا لو رفضت المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة القضاء الإداري؟
طوال الوقت أجهز نفسي لأسوء الاحتمالات، ولو خسرت القضية أمام المحكمة الإدارية العليا سينتهي كل شيء لأنها آخر درجة من درجات التقاضي، ولكني متفائل.