يُنقذ الحياة..ما هو إجراء الموجات فوق الصوتية المركّزة؟

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تخضع عملية جراحية في الدماغ لتجارب سريرية في جميع أنحاء العالم، لكنّها لا تحتاج إلى إحداث أي شق جراحي أو ينتج عنها أي دماء.

وهذا الإجراء الطبي، المعروف باسم الموجات فوق الصوتية المركّزة، يستهدف أجزاء من الدماغ بالموجات الصوتية لتعطيل دوائر الدماغ المعيبة التي تسبب أعراض المرض، مثل الرعاش مجهول السبب، والاكتئاب، وغير ذلك.

ومن جانبه، أوضح الدكتور نيل كاسيل، وهو مؤسس ورئيس مؤسسة الموجات فوق الصوتية المركّزة، أنّ "الموجات فوق الصوتية المركّزة تعد تقنية علاجية غير جراحية".

وتابع أن "الموجات فوق الصوتية المركّزة تُعد أقوى صوت لن تسمعه، ولكنه قد ينقذ حياتك في يوم من الأيام". 

ويصف كاسيل الطريقة التي يعمل بها على أنها "مشابهة لاستخدام عدسة مكبّرة لتركيز أشعة الضوء على نقطة لحرق ثقب في ورقة".

وأضاف: "باستخدام الموجات فوق الصوتية المركّزة، بدلاً من استخدام عدسة بصرية لتركيز أشعة الضوء، تستخدم عدسة صوتية لتركيز أشعة متعددة من طاقة الموجات فوق الصوتية على أهداف عميقة في الجسم بدرجة عالية من الدقة، مع تجنب النسيج الطبيعي المجاور".

وكان الإجراء مفيدًا بشكل كبير بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الرعاش مجهول السبب، وهو اضطراب عصبي يسبب الاهتزاز اللاإرادي والمنتظم. وقد يصيب أي جزء من الجسم تقريبًا، ولكن يحدث الارتجاف غالبًا في اليدين، لا سيما عند أداء المهام البسيطة، مثل الأكل، أو الشرب، أو الكتابة.

وعادة ما يكون الرعاش مجهول السبب أكثر وضوحًا على جانب واحد من الجسم، ويمكن أن يتفاقم عند الحركة. ويُعد أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 40 عامًا فأكثر، ويؤثر على نحو 25 مليونًا حول العالم، وفقًا لدراسة أجريت في عام 2021.

كيف تعمل؟

وتُعد الموجات فوق الصوتية المركزة شكلًا من أشكال جراحة الأعصاب الوظيفية، وتستهدف هياكل دقيقة في عمق الدماغ لتغييرها، أو لاستعادة وظيفتيها، أو لوقف نمو الأورام.

وقال الخبراء إنّها بمثابة علاج بديل لأولئك الذين لا يستجيبون للعلاج الدوائي التقليدي.

وتستخدم تقنية الموجات فوق الصوتية المركّزة محول طاقة لإجبار أشعة من الموجات الصوتية على الالتقاء عند نقطة واحدة لرفع درجة الحرارة، وتدمير الأنسجة.

وقبل تلقي الموجات فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة، والتي تُعد ضرورية لعلاج الرعاش مجهول السبب، يحتاج المرضى إلى حلق رؤوسهم، إذ أنّ الهواء قد يعلق في بعض الأحيان في بصيلات الشعر.

ويخضع المريض بعد ذلك للتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي المحوسب، حتى يتمكّن الأطباء من استخدام الصور الناتجة لتحديد بنية الدماغ والمنطقة المستهدفة.

إيجابيات وسلبيات

وبشكل عام، أي شخص لديه تشخيص رعاش مجهول السبب ولا يستجيب للأدوية سيكون مؤهلاً للعلاج بالموجات فوق الصوتية المركزة، وفقًا لما قاله الدكتور نير ليبسمان، وهو عالِم لدى مركز سانيبروك للعلوم الصحية في كندا.

أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يمكنهم إجراء فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي بسبب معاناتهم من رهاب الاحتجاز أو وجود جسم معدني داخل أجسامهم، فهم غير مؤهلين لتلقي علاج الموجات فوق الصوتية المركزة، بحسب ما ذكره الدكتور نوح فيليب، وهو أستاذ الطب النفسي والسلوك البشري بكلية ألبرت للطب بجامعة براون.

ومن الناحية المثالية، أشار ليبسمان إلى أن فوائد الموجات فوق الصوتية المركّزة تُعتبر دائمة، وقال: "إذا استطعنا تدمير جزء من الدماغ المسؤول عن الرعاش، فيجب أن يتمتع هذا الإجراء بتأثير دائم".

وتابع: "مع ذلك، في غضون عام واحد، سيعاني بعض هؤلاء المرضى من تكرار الرعاش، ولا نعرف سبب ذلك".

ويمكن أن يحدث مثل هذا التكرار مع العلاج الدوائي أيضًا، ولهذا السبب يلجأ بعض مرضى الرعاش مجهول السبب إلى الموجات فوق الصوتية المركّزة في المقام الأول.

ولكن، لاحظ بعض المرضى الفوائد بعد خمس سنوات من خضوعهم للموجات فوق الصوتية المركّزة، وفقًا لدراسة من عام 2022.

وبسبب الآثار الجانبية المحتملة للموجات فوق الصوتية المركّزة، من المهم خضوع الإجراء للاختبار. وإذا استهدفت المنطقة الخطأ أو عولجت بشكل مفرط، فقد يتضرر توازن المريض واستقراره على المدى الطويل.

وأوضح ليبسمان أنّ المخاطر الأكثر شيوعًا التي يواجهها المرضى هي التنميل المؤقت أو الوخز الذي يمكن أن يحدث أحيانًا في الذراع المعالجة أو في منطقة الشفاه"، مشيراً إلى أن غالبية هذه الحالات تزول مع الوقت.

وتشمل المخاطر الأخرى وهي مؤقتة في العادة، عدم ثبات طفيف في قدم المريض بعد العملية.

وأكدّ ليبسمان أن الأطباء لا يستخدمون التخدير العام ولا يدخلون المرضى إلى المستشفى لإتمام هذا الإجراء.

نشر