دراسة تبيّن أنّ الحمية المتوسطية تقلّل من علامات الزهايمر بأنسجة الدماغ.. لماذا؟

علوم وصحة
نشر
9 دقائق قراءة
gettyimages-56910285-2.jpg
Credit: David Silverman/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بيّنت دراسة جديدة أنّ الأشخاص الذين يتبعون حمية البحر الأبيض المتوسط ​​ونظام MIND الغذائي، الذي يركز على الدماغ، أقل عرضة لظهور علامات مرض الزهايمر البارزة لديهم، مثل لويحات بيتا أميلويد اللزجة وتشابكات تاو بالدماغ، عند تشريح الجثة.

ويجمع نظام "مايند" الغذائي بين حميتي "البحر الأبيض المتوسط" و"داش"، وهو بمثابة تدخل سريع لتأخير التنكس العصبي.

ووفق الدراسة، فإنّ الأشخاص الذين يتّبعون أيًا من الحميات الغذائية، لديهم "احتمالات أدنى بنسبة 40٪ تقريبًا" كي يظهر لديهم عدد كافٍ من اللويحات والتشابكات في أنسجة الدماغ لتشخيص إصابتهم بمرض الزهايمر.

وجاء في بيان حول الدراسة، أنّ "الأشخاص الذين سجلوا التزامًا كبيرًا بالنظام الغذائي المتوسطي ​​كان المعدل الوسطي لكميات اللويحات والتشابك في أدمغتهم مماثلًا لمن هم أصغر بـ18 عامًا مقارنة مع من التزموا بالحمية بدرجات".

وتابع البيان: أنّ "الباحثين وجدوا أيضًا أن الأشخاص الذين سجلوا التزامًا بنظام مايند الغذائي كان المعدل الوسطي لكميات​ ​اللويحات والتشابك في أدمغتهم مماثلًا لمن هم أصغر بـ12 عامًا مقارنة مع من التزموا بالحمية بدرجات أدنى".

ولفتت الدراسة إلى أنّ إضافة فئة طعام واحدة فقط من أي نظام غذائي، مثل تناول كميات موصى بها من الخضار أو الفاكهة، قلّلت من تراكم الأميلويد في الدماغ إلى مستوى مماثل لمن هم أصغر بنحو أربع سنوات.

وقالت مؤلفة الدراسة بوجا أغاروال، الأستاذة المساعدة في الطب الباطني بالمركز الطبي في جامعة راش بشيكاغو إنه "يمكن أن يؤدي إجراء تعديل بسيط في النظام الغذائي، مثل إضافة المزيد من الخضار، والتوت، والحبوب الكاملة، وزيت الزيتون، والأسماك، إلى تأخير ظهور مرض الزهايمر أو تقليل خطر الإصابة بالخرف عند تقدمك بالسن".

وأضافت أنّ الفائدة الأكبر تكمن في الخضار الورقية، مشيرة إلى أنّ إضافة المزيد من التوت، والحبوب الكاملة، والأطعمة الصحية الأخرى التي أوصت بها الحميات الغذائية مفيدة أيضًا.

من جهته قال الدكتور ريتشارد إيزاكسون، الباحث في مرض الزهايمر، وطبيب الأعصاب الوقائي بمعهد الأمراض العصبية التنكسية في فلوريدا، غير المشارك في الدراسة، إنه "في حين أن هذه الدراسة لا تثبت بشكل قاطع أنه في الإمكان إبطاء شيخوخة الدماغ من خلال الخيارات الغذائية، فإن البيانات مقنعة بالنسبة لي لإضافة الخضار الورقية الخضراء إلى معظم وجباتي، ولأقترح على المرضى اتباع نظام غذائي مثل حمية البحر الأبيض المتوسط.

أما البروفسور رودي تانزي، أستاذ علم الأعصاب بكلية الطب في جامعة هارفارد، غير المشارك في الدراسة، فقال: "بالطبع، حمية البحر الأبيض المتوسط صحية للقلب أيضًا.. من خلال تقليل مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وتلف الأوعية الدموية العصبية التي في وسعها زيادة خطر الإصابة بأمراض الزهايمر أيضًا".

وتابع تانزي مدير وحدة أبحاث الوراثة والشيخوخة في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، أيضًا، أنّ "ما هو مفيد للقلب مفيد للدماغ".

قوام حمية البحر الأبيض المتوسط

تركز حمية البحر الأبيض المتوسط ​​على الطبخ المستند على النبات. إذ تتكون معظم الوجبة من الفاكهة، والخضار، والحبوب الكاملة، والفاصولياء، والبذور، إلى قليل من المكسرات. هناك تركيز كبير على زيت الزيتون البكر الممتاز. ونادرًا ما تستهلك الزبدة والدهون الأخرى. كما يندر فيه الحلويات والسلع المصنّعة من السكر المكرّر أو الدقيق.

قد يكون استخدام اللحوم نادرًا فيها، بغرض تنكيه الطبق. عوض ذلك، قد تشمل الوجبات البيض، ومنتجات الألبان والدواجن، لكن بكميات أصغر بكثير من النظام الغذائي الغربي التقليدي. ومع ذلك، فإن الأسماك، المليئة بأحماض أوميغا 3 المعززة للدماغ، تعتبر عنصرًا أساسيًا.

وكانت دراسات عديدة تمحورت حول حمية البحر الأبيض المتوسط​​، التي تتوّج كأفضل نظام غذائي منذ سنوات، وجدت أنّ طريقة تناول الطعام هذه قد تحد من التدهور المعرفي، لكنها تساعد القلب، وتقلّل من مرض السكري، وتحد من كسر العظام، وتشجع على فقدان الوزن.

قوام حمية مايند (MIND)

طوّر باحثون من شركة راش حمية مايند الغذائية عام 2015، بسعي منهم لنقل حمية البحر الأبيض المتوسط ​​إلى المستوى التالي من خلال التركيز على صحة الدماغ. فبدلاً من تقديم بيان شامل، يضم تناول المزيد من الخضار والفاكهة، إسوة بحمية البحر الأبيض المتوسط​، يوصي نظام مايند الغذائي بكميات محددة من الأطعمة المعروفة لصحة الدماغ، على حد قول أغاروال.

على سبيل المثال، يحتم نظام مايند الغذائي تناول الخضار الورقية، ويستحسن أن يكون لونها داكنًا. وتشمل الجرجير، والملفوف، والهندباء، وأوراق العنب، واللفت، والخردل الأخضر، والخس الروماني، والسبانخ، والسِلق السويسري، واللفت الأخضر.

كما يفضّل في هذه الحمية تناول التوت أكثر من أنواع الفاكهة الأخرى. إذ يجب تناول التوت الأسود، أو العنب البري، أو التوت البري، أو الفراولة، خمسة أيام في الحد الأدنى أسبوعيًا.

وكانت دراسة وضعت عام 2017، شملت قرابة 6000 أمريكي من كبار السن الأصحاء، بمتوسط ​​عمر 68 عامًا، توصلت إلى أن من اتبع بينهم الحمية المتوسطية ​​أو حمية مايند، قلّلوا من خطر الإصابة بالخرف بمقدار الثلث.

فوائد الخضار الورقية

راجعت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Neurology الأربعاء، أدمغة 581 شخصًا تبرعوا بأجسادهم كجزء من مشروع الذاكرة والشيخوخة في جامعة راش. وقالت أغاروال إن المشروع، الذي بدأ عام 1997، يجمع معلومات سنوية عن النظام الغذائي للمشاركين منذ عام 2004.

وحللت الدراسة الحالية بيانات النظام الغذائي منذ عام 2014، لمدة تتراوح بين ست إلى سبع سنوات كمعدل وسطي​​، ثم قارنت تلك المعلومات مع عدد اللويحات والتشابكات في دماغ كل شخص عند تشريح الجثة.

وأشارت أغاروال إلى أنّ النظر إلى أنسجة الدماغ لتحديد المستوى المحدد لعلامات الخرف كان جزءًا فريدًا من الدراسة. ولفتت إلى أنّ "الدراسات السابقة التي تمحورت حول خطر الإصابة بالخرف ركّزت أكثر على النتائج السريرية، مثل الأداء المعرفي بمرور الوقت، لكنّ دراستنا تبحث عن علامات المرض في الدماغ بعد الموت".

ووجدت الدراسة أنّ الأشخاص الذين تناولوا كميات أكبر من المعجنات، والحلويات، والأطعمة المقلية، والمأكولات الجاهزة كانت لديهم مستويات أعلى بكثير من اللويحات والتشابك في أنسجة الدماغ.

ما هي المأكولات الأكثر فائدة في تقليل هذا التراكم؟ الخضار الورقية الخضراء، المليئة بالمواد الحيوية، والمواد الكيميائية الموجودة في الأطعمة تقلل الالتهاب وتعزز الصحة. تشمل أمثلة المركبات النشطة بيولوجيًا الفيتامينات والمعادن والفلافونويد (مضادات الأكسدة) والكاروتينات (أصباغ في قشرة الخضار).

وأفاد بيان حول الدراسة أن أنسجة الدماغ لدى من تناولوا أكثر الخضار الورقية بدت أصغر بنحو 19 عامًا لجهة تراكم الترسبات مقارنة مع من تناولوا حصة واحدة أو أقل في الأسبوع.

وأوضحت أغاروال "أن الجمع بين العناصر الغذائية والمواد الحيوية النشطة المختلفة التي نقع عليها في الخضار الورقية يجعلها فريدة من نوعها". وتابعت "أنها غنية جدًا بالعديد من المنشطات الحيوية والفلافونويد واللوتين، وهو أمر مهم لصحة الدماغ."

وقالت الدراسة إنّ الأثر الأكثر إثارة للدهشة للنظامين الغذائيين، تمحور حول تراكم بيتا أميلويد، وليس التشابك، و"الارتباط العكسي بحمل بيتا أميلويد كان أقوى في حمية البحر الأبيض المتوسط ​​منه في حمية مايند".

ولفتت أغاروال إلى أنه كان هناك بعض الانخفاض في تشابك تاو، العلامة الرئيسية الأخرى لمرض الزهايمر، لكنها لم تكن قوية مثل تلك الموجودة في الأميلويد. ورغم ذلك، أجرت أغاروال وفريقها دراسة أخرى وجدت فيها أن تناول التوت، الجزء أساسي من نظام مايند الغذائي، كان مفيدًا بتقليل التشابك في الدماغ.