كيف تتعامل مع الناجين من محاولات الانتحار؟

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون من الصعب معرفة كيفية التعامل مع شخص عزيز حاول الانتحار.

وأوضحت الدكتورة كريستين يو موتير، كبيرة المسؤولين الطبيين لدى المؤسسة الأمريكية للوقاية من حالات الانتحار، أن المشكلة تكمن عندما يدفع الخوف الأحباء إلى تجنّب التعامل مع الناجين من محاولات الانتحار.

ومع ذلك، يمكن أن يساعد تعلّم كيفية القيام بذلك بتوفير نظام الدعم للناجين من الانتحار.

ولفتت موتير في رسالة بالبريد الإلكتروني، إلى أن "محاولة الانتحار في جوهرها تعد أزمة صحية تهدد الحياة، ويمكن أن تكون أساليب الدعم التي نستعين بها خلال حالات أخرى من الأزمات الصحية مناسبة في هذه الحالة أيضًا".

ويُعد الانتحار أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في الولايات المتحدة، مع نحو 50 ألف حالة وفاة في عام 2021، وفقا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

ومن جهته، أشار الدكتور كين داكوورث، وهو كبير المسؤولين الطبيين لدى التحالف الوطني للأمراض العقلية، إلى أن معدل محاولات الانتحار يُعد أعلى عدة مرات من حالات الوفاة.

وأكدت موتير أنه عقب محاولة الانتحار، من المهم بشكل خاص أن يحصل الناجي على الدعم.

وأضافت: "تُعتبر الأشهر الستة الأولى بعد محاولة الانتحار أو دخول المستشفى حاسمة بشكل خاص لتعافي الناجي، ويظل خطر الانتحار مرتفعًا طوال العام الأول بأكمله".

ورغم أن الوضع قد يبدو صعبًا، إلا أن هناك موارد وأساليب متاحة لتوفير الدعم للناجين من الانتحار.

وقالت موتير: "خلال أزمتهم مع الصحة النفسية، ربما اعتبر (الناجي) نفسه وحيدًا تمامًا، أو عبئًا على من يحبونه، لذا فإن إحدى أقوى اللفتات في هذا الوقت تتمثل بالتواجد وتوفير الدعم المستمر".

مشاعر العار

ذات مرة، قالت إحدى الناجيات لداكوورث، أنّها تشعر وكأنها "ضحية احتراق عاطفي"، وأن كل جزء منها كان مكشوفًا.

وقال داكوورث إن كيفية التعامل مع مثل هذه الحالة تتمثل في جعلها تشعر بتحسن، ولكن الأمر سيكون صعبا للغاية.

وأوضح أن ما يجعل عواقب محاولة الانتحار صعبة بشكل خاص هو الشعور بالعار الذي يرافق الناجين غالبا.

وأشارت الدكتورة أنيتا إيفريت، مديرة مركز خدمات الصحة العقلية التابع لإدارة خدمات إساءة استعمال المواد المخدرة والصحة العقلية، إلى أنه من المهم إجراء المحادثات حول الانتحار من دون إصدار أحكام. 

وأضافت إيفريت أنه إذا كان لديك وصمة عار تحيط بالاضطرابات النفسية والانتحار، فتحقق من هذا الشعور، وابحث عن طريقة لحله.

ولفت داكوورث إلى أنه حتى من دون أي وصمة عار، قد تكون هناك مشاعر قوية حول الانتحار مثل الغضب، أو الخوف، أو الحزن، أو الارتباك.

وبينما قد تشعر أنها أسئلة طبيعية، حاول تجنب مواجهة الناجي من محاولة انتحار بأسئلة مثل "ألست جيدًا بما يكفي للبقاء على قيد الحياة من أجلي؟".

وبدلًا من ذلك، ينصح  داكوورث بمحاولة "البقاء ثابتًا، وعدم البدء بإعطاء نصائح وعدم إبداء مشاعر التألم".

كيفية التحدث عن الانتحار

إذا كنت تخشى من المحادثات حول الانتحار، أوضحت إيفريت أنه قد يكون من المفيد إجراء محادثات مباشرة مع الناجي حول كيفية المضي قدمًا.

وأضافت: "افتح الباب للتحدث عما جرى ولكن لا تجبرهم على التحدث عن الأمر إلا في حال كان الشخص الذي فكر في الانتحار مستعدًا للتفكير في الأمر".

وعندما يحين وقت بدء الحديث، يمكنك أنت والناجي تحديد التوقعات معًا — إما بشكل فردي أو مع معالج نفسي، وفقًا لما ذكرته داكوورث.

وتتضمن الأسئلة التي يمكن أن تساعد ما يلي: كيف تريدني أن أتعامل مع هذا الأمر؟ ما هي أفضل طريقة يمكنني من خلالها تقديم المساعدة؟ هل تريد مني التدخل عندما تبدو وكأنك تعاني؟

وقد لا يعرف الناجي من الانتحار كيفية الإجابة على تلك الأسئلة على الفور، ومع ذلك تتمثل أهميتها في توضيح أنك تثق في هذا الشخص ليتولى مسؤولية التعافي وأنك موجود لتقديم الدعم إليه خلال هذه العملية، حسبما ذكره داكوورث.

واعترف داكوورث بأنه قد يكون من الصعب منح الناجي مساحة عندما نشعر بعدم اليقين والقلق بشأن ما قد يفعله في المستقبل.

وقال داكوورث: "الفكرة هي أن هؤلاء الأشخاص يشعرون بالعجز إلى حد ما. لذا عليك أن تذكرهم أنك تريد دعمهم بالطريقة التي يريدون أن يتم دعمهم بها".

ورغم أهمية إبقاء الحوار مفتوحًا، إلا أنه من المهم أيضًا ألا تجعل الانتحار هو الموضوع الوحيد الذي تناقشه.

وقالت موتير: "تأكد من أن الأنشطة الصحية البسيطة، مثل المشي أو مشاهدة التلفاز معًا أو المشاركة في أي هواية مشتركة، هي جزء من الروتين".

وخلال الأوقات الصعبة، عادة ما يرغب الناس في تقديم المساعدة، وفقا لما ذكرته إيفريت.

وأضافت إيفريت أن هناك طرقًا "للتواجد مع الناجين وفتح فرص التعافي لهم".

وأوصى داكوورث باتخاذ خطوات للمساعدة في توسيع رؤية الناجي للموارد المتاحة.

وقد تكون مجموعات الدعم متاحة للسماح للناجي بالتحدث عن تجاربه مع أولئك الذين يشاركونه تجارب مماثلة.

وأكد داكوورث أن العلاج، وخاصة العلاج السلوكي الجدلي، وهو عبارة عن وسيلة علاج نفسي تركز على تغيير نمط غير فعال وزيادة الضبط العاطفي المعرفي، ثبت أنه يقلل من خطر الانتحار، موضحًا أنه بعد الحصول على إذن من الناجي، يمكنك المشاركة في أي جزء من خطة العلاج التي قد تكون مفيدة.