لهذه الأسباب يجب أن لا تقتل كل حشرات البعوض

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُزعجنا حشرات البعوض منذ الأزل. وتُسبّب لدغات البعوض عددًا كبيرًا من الأمراض الناتجة عن الفيروسات والطفيليات التي تحملها هذه الحشرات، من الملاريا إلى فيروس زيكا، وغيرها.

ووصفت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمر اض والسيطرة عليها (CDC) حشرات البعوض بأنها من  الأكثر فتكًا في العالم، والمسؤولة عن مئات الآلاف من الوفيات في جميع أنحاء العالم سنويًا.

وقد تتفاقم المشكلة مع ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية نتيجة تغير المناخ.

ولكن هل يمكننا وببساطة التخلص من هذه الحشرات بشكلٍ كامل؟ إليك آراء بعض الخبراء.

بعض أنواع البعوض مفيدة

هناك أكثر من 3 آلاف نوع من حشرات البعوض المُعترف بها في جميع أنحاء العالم.

وشرحت الأستاذة المساعدة في قسم علم الحشرات بجامعة ولاية لويزيانا الأمريكية، كريستين هيلي أن "كل نوع من حشرات البعوض يختلف تمامًا من حيث بيئته، والأماكن التي يتواجد فيها، وسواءً كان يلدغ البشر، أو الضفادع، أو الطيور".

ونظرًا لهذا التنوع، توجد الكثير من الدورات البيئية (العلاقات بين الأنواع وبيئتها) التي يجب أخذها بعين الاعتبار.

وقامت هيلي، وهي تشغل أيضًا منصب رئيسة الجمعية الأمريكية لمكافحة البعوض، بتقديم ولاية لويزيانا كمثال.

وتُعتبر الولاية موطنًا للعديد من المستنقعات التي تزدهر فيها حشرات البعوض، وأوضحت: "قد تؤدي حشرات البعوض دورًا مميزًا في بيئة دورات حياة المستنقعات، وتغذية الأسماك، واللافقاريات الصغيرة الأخرى في النظام المائي. وربما هناك حيوانات صغيرة أخرى تتغذى على حشرات البعوض".

وقد تلعب أنواع أخرى من حشرات البعوض أدوارًا مماثلة في موطنها الأصلي، لذا، قد يؤدي التخلص من هذه الحشرات بشكلٍ كامل إلى بعض الآثار الضارة.

وعلاوةً على ذلك، يعتبر الخبراء أنّه من غير المرجح امتلاك القدرة على إبادة جميع حشرات البعوض نظرًا لأعدادها الهائلة، وانتشارها على نطاقٍ واسع.

من المشكلة؟

وتشكل أنواع "Aedes"، و"Anopheles"، و"Culex" مشكلة، إذ يمكنها نقل فيروسات أو طفيليات متعددة، وقد لا نحتاج إليها في أنظمتنا البيئية.

وقال الأستاذ في مجال الإحصاء الحيوي وعلم الأوبئة بجامعة كاليفورنيا، بيركلي الأمريكية جون مارشال، لـCNN: إنّ "أنواع حشرات البعوض الناقلة للأمراض، مثل الزاعجة المصرية، والزاعجة المنقطة بالأبيض، عبارة عن أنواع دخيلة في أجزاء كثيرة من العالم.. كنّا بخير من دونها".

وأضاف: "هناك الآلاف من أنواع حشرات البعوض، وينقل عدد قليل منها فقط مسببات الأمراض البشرية. لذا، إذا تم القضاء على الأنواع الناقلة للأمراض، فإن الأنواع غير الناقلة للأمراض غالبًا ما تكون متاحة لملء أدوارها البيئية".

وأشارت هيلي إلى أنّ هذه الأنواع أيضًا تتمتّع بـ"علاقة وثيقة جدًا" بالفيروسات أو الطفيليات التي تحملها.

ويعني ذلك أنّه بينما يمكن لبعض الأنواع الشقيقة من الناحية النظرية أن تتحور، لتصبح قادرة على نقل الأمراض ذاتها، فإنه من غير المرجّح أن نرى الأنواع غير المتعلقة ببعضها البعض، وهي تصبح حاملة للأمراض فجأة إذا تخلصنا من الأنواع المسببة للمشكلة.

ما الذي نحاول القيام به؟

وأصبح استخدام المواد الكيميائية المسببة للمشاكل، والتي تتمتع بآثار غير مقصودة على النظام البيئي، شيئًا من الماضي، إذ يتم الاعتماد الآن على استراتيجيات مكافحة للبعوض أكثر تخصصًا، بحسب الخبراء.

وأوضحت أستاذة علم الحشرات في جامعة "كورنيل"، لورا هارينجتون: "على سبيل المثال، تم إحراز بعض النجاح باستخدام ولباتشيا (عدوى بكتيرية تُصيب البعوض) كأداة لتعقيم بعوضة الزاعجة المصرية (وهي ناقلة رئيسيّة لفيروس حمى الضنك ، وزيكا، والحمى الصفراء)".

واستُخدِمت بكتيريا "ولباتشيا" لتعقيم ذكور حشرات البعوض.

ولا تسمح تلك البكتيريا أيضًا للفيروسات المُسببة لمرض "زيكا"، وحمى الضنك، والحمى الصفراء، وداء الشيكونغونيا بالتكاثر داخل بعوضة الزاعجة المصرية.

كما يوفّر تحرير الجينات استراتيجيات واعدة أخرى، بما في ذلك وسائل إضافية لإصابة مجموعات البعوض بالعقم.

وتشمل الاستراتيجيات الأخرى، وفقًا لما ذكرته هيلي، استخدام وسائل غير كيميائية لقتل حشرات البعوض غير الناضجة، مثل جلب الأسماك لأكل اليرقات، ووضع مصائد السكر، واستخدام طائرات "درون" لرصد المياه الراكدة، وإزالتها.

وأكّدت هارينجتون: "يجب إجراء الكثير من الأبحاث لتطوير وتقييم الأدوات التي ستكون ميسورة التكلفة، ومقبولة، وخصوصًا بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في بيئات فقيرة الموارد، والذين يعانون من العبء الأكبر للمرض".

ويُعد تثقيف الأشخاص بشأن مكافحة حشرات البعوض أمرًا أساسيًا أيضًا، إذ يمكن للاستخدام غير الصحيح للبخاخات على سبيل المثال أن يضر بحشرات أخرى، مثل النحل.