وجع الرأس الناتج عن شرب النبيذ الأحمر..دراسة تقترح السبب

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة
gettyimages-1083034670.jpg
Credit: Giorgio Perottino/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ربما اقترب علماء في بحث جديد وضعوه، من فهم سبب الصداع الكامن وراء استهلاك بعض الأشخاص للنبيذ الأحمر.

وجاء في الدراسة التي نُشرت في مجلة "Scientific Reports" الإثنين، أنّ مادة الفلافونول الموجودة بشكل طبيعي في النبيذ الأحمر قد تتداخل مع قدرة الجسم على استقلاب الكحول، ما يتسبّب بتراكم السموم التي يمكن أن تتسبّب بصداع سريع.

والكيرسيتين أو الفلافونول، عبارة عن مركب نباتي نجده في بعض أنواع الفاكهة والخضار، ومنها العنب، والتوت، والبصل، والقرنبيط.

وأفاد أندرو ووترهاوس، المؤلف المشارك في الدراسة، وكيميائي النبيذ، والأستاذ الفخري في قسم زراعة الكروم وعلم الخمور في جامعة كاليفورنيا، بمدينة ديفيس الأمريكية، في بيان صحفي: "عندما يدخل مركب الكيرسيتين إلى مجرى الدم، يحوّله الجسم إلى شكل مختلف يُسمى كيرسيتين غلوكورونيد. وهذا الشكل، يمنع استقلاب الكحول".

وقال الباحثون إنّ النبيذ الأحمر يحتوي على كمية من المركبات الفينولية، لا سيّما الفلافونويد، أعلى بعشرة أضعاف من النبيذ الأبيض، ما يجعل المشروب، "المرشّح الرئيسي المسؤول" عن الصداع.

وسعى ووترهاوس والباحثون الآخرون للكشف عن سبب حدوث الصداع بعد احتساء كأس أو اثنتين من النبيذ الأحمر، حتى لدى الأشخاص الذين لا يُصابون بالصداع جرّاء تناول المشروبات الكحولية الأخرى. وقاموا بدراسة كيفية تأثير الفلافونول على المتغير الجيني للإنزيم، الذي يُسمى ALDH2 ويشارك في استقلاب الكحول بالجسم.

ولدى ما يقرب من 8% من سكان العالم نوع مختلف من الإنزيم غير نشط بشكل خاص، وهذا النقص منتشر بشكل كبير بين الأشخاص من أصل شرق آسيوي، ما يؤثر على حوالي 40% من هؤلاء السكان. وارتبط وجود متغير ALDH2 باحمرار الجلد، وخفقان القلب، والصداع بعد الشرب.

وأوضح مؤلف الدراسة الرئيسي الدكتور أبراميتا ديفي، الباحث ما بعد الدكتوراه، والباحث بقسم زراعة الكروم وعلم الفطريات في جامعة كاليفورنيا بمدينة ديفيس الأمريكية، أنّه عندما يشرب الناس، يتحلّل الكحول في الكبد بواسطة إنزيم هيدروجيناز الكحولي، الذي يحوّله إلى مركب الأسيتالديهيد أي "المادة السامة والمهيجة والالتهابية المعروفة".

ويُفترض أن يكون وجود الأسيتالديهيد في الجسم قصير الأمد لأنّ إنزيم ALDH2 يحوّله إلى خلات، وهي أقل سمية.

واكتشف الباحثون من خلال الفحوص المخبرية أنّ أحد مشتقات الكيرسيتين، أي كيرسيتين غلوكورونيد، يثبط متغيّر الإنزيم. وافترضوا أن هذا التدخل سيؤدي إلى تراكم مادة الأسيتالديهيد السامة، والصداع، لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة.

آلية غير مجربة

لكن الخبراء غير المشاركين في البحث كانوا أكثر حذرًا، ووصفوا الدراسة بأنّها مقترح لنظرية ولا تشكّل دليلًا.

وقال الدكتور جوناس سباك، الأستاذ المساعد بأمراض القلب في معهد كارولينسكا بستوكهولم، لـCNN، إنّ "الدراسة أجريت في المختبر فقط، وتم اختبار المواد خارج جسم الإنسان بتركيزات أعلى بمرات عدة من تلك الموجودة في الدم بعد تناول بضعة كؤوس من النبيذ".

وأضاف أنّ هذا النوع من الأبحاث يولّد أفكارًا حول الآليات المحتملة التي تنطوي عليها العلاقة بين النبيذ الأحمر والصداع، لكن "من الناحية المثالية، كان ينبغي أن يضمّن الباحثون عينات واختبارات من البشر للتحقق من هذه الآلية".

ورأى الدكتور فاسيليس فاسيليو، رئيس قسم علوم الصحة البيئية في جامعة ييل، غير المشارك في الدراسة، أنّ القيام بذلك مهم بشكل خاص لأنه في السياقات الطبيعية لجسم الإنسان، يتولّد مشتق الكيرسيتين الذي استخدمه المؤلفون في الكبد وتفرزه الكلى.

ما الخطوة التالية في دراسة الصداع الناتج عن النبيذ الأحمر؟

يخطط المؤلفون لاختبار فرضيتهم من خلال تجربة سريرية صغيرة على الأشخاص الذين يصابون بهذا الصداع، من خلال مقارنة النبيذ الأحمر الذي يحتوي على كميات كبيرة من الكيرسيتين مع النبيذ الذي يحتوي على القليل منه.

ولفت سباك إلى أنه "من المهم أيضًا أن نذكر بأنّ استهلاك الكحول هو للمتعة فقط، وأنه لا يوجد دليل قوي على أي آثار صحية إيجابية للنبيذ الأحمر أو الكحول، بيد أنّ ثمة دليل قوي على الضرر المرتبط بالجرعة. وإذا شربت فاشرب باعتدال".

وأضاف أنه لتخفيف الصداع، يمكنك أيضًا اختبار وتجربة النبيذ الذي تصنّعه مجموعة متنوعة من المنتجين، نظرًا لأن "مستويات المركبات التي قد تسبب الصداع في النبيذ الأحمر تختلف بشكل كبير بين أنواع النبيذ المختلفة".

وقال ووترهاوس إن الكيرسيتين ينتجه العنب استجابة لأشعة الشمس، موضحًا أنه "إذا قمت بزراعة العنب وعرّضته لأشعة الشمس، فستحصل على مستويات أعلى بكثير من هذا المركب. وفي بعض الحالات يمكن أن يكون أعلى بأربعة إلى خمسة أضعاف".