لوحة يتيمة لأعضاء فرقة "البيتلز" تُباع بأكثر من مليون و700 ألف دولار أمريكي

ستايل
نشر
8 دقائق قراءة
لوحة يتيمة لأعضاء فرقة "البيتلز" تحقق أكثر من مليون و700 ألف دولار أمريكي
لوحة لفرقة البيتلز رسمها عام 1966، "صور امرأة"، بيعت في مزاد نظمته دار كريستي في فبراير/ شباط 2024. Credit: Christie's Images Ltd. 2023

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان ذلك في صيف عام 1966. كانت فرقة البيتلز وسط جولة تشمل تقديم خمسة عروض خلال ثلاثة أيام فقط، في صالة نيبون بودوكان الشهيرة في اليابان. لكن، في أوقات فراغهم، كانوا يتحصّنون داخل الجناح الرئاسي لفندق طوكيو هيلتون من أجل إنشاء عمل فني، أطلق عليه اسم "صور امرأة".

هذه اللوحة التي يعتقد بعض الخبراء أنها العمل الفني الوحيد الذي أنتجه أعضاء فرقة البيتلز الأربعة على نحو مشترك، أو أقلّه موقعة من قبل الأربعة، بيعت لدى دار كريستي للمزادات بنيويورك، في الأول من فبراير/ شباط.

وقالت كايسي روجرز الخبيرة لدى درا كريستي لـCNN، إن لوحة "صور امرأة" كان متوقعًا أن تحقق ما بين 400 ألف و600 ألف دولار، و"توثّق لحظة سحرية بتاريخ البيتلز". إلا أنّ سعر مبيعها النهائي قارب ثلاثة أضعاف الحد الأقصى لهذا التقدير محققة 1,744,000 دولار.

ولفتت روجرز في تناولها للوحة التي يبلغ حجمها 54.61 × 78.74 سنتيمترًا، إلى أنه "من النادر جدًا أن يكون هناك عمل على الورق خارج كتيب الموسيقى التي ينتجونها الخاص بهم أي عبارة عن أثر مادي، وهذا عمل فني ملموس ساهم بإنجازه أعضاء فرقة البيتلز الأربعة".

وتابعت: "إنها قطعة تذكارية، إنها عمل فني، وربما تنال إعجاب شريحة أكبر بكثير من هواة الجمع.. إنها قطعة رائعة من رواية القصص". 

كيف رُسمت لوحة "صور إمرأة"؟

كما تقول القصة، قضى فريق Fab Four حوالي 100 ساعة في اليابان، خلال جولتهم عام 1966.

خارج إطار العروض، وبعيدًا من حالتي تسلّل كل من بول مكارتني وجون لينون بمساندة أعضاء من الوفد المرافق لهم لمشاهدة معالم المدينة في طوكيو، بقيت المجموعة في غرفتهم بالفندق بناءً على طلب السلطات المحلية التي كانت قلقة بشأن سلامتهم. وقد جذبت زيارة الفرقة إلى البلاد المشجعين والمتظاهرين على حد سواء، وكان ثمة تقارير عن تهديدات من القوميين اليابانيين، ضمنًا بعض الغاضبين من فرقة روك غربية تعزف في ساحة تعتبر موطنًا روحيًا للفنون القتالية.

 

بيتلز في اليابان
وصول فرقة البيتلز إلى مطار طوكيو للقيام بجولة قصيرة في اليابان عام 1966.Credit: Keystone-France/Gamma-Rapho/Getty Images/File

وبحسب بيان صادر عن دار كريستي، أهداهم أحد الزوار بعض اللوازم الفنية التي دفعتهم للتحلق حول طاولة عليها ورقة بيضاء من الورق الفني الياباني ومصباح فوقها. جلس كل عضو من الفرقة في إحدى الزوايا، يرسم كل منهم أمرًا مختلفًا، وفي الخلفية موسيقى تسجيلات لألبوم "Revolver" الذي سيصدر لاحقًا.

وحضر المصور روبرت ويتاكر، الذي قدّمه مدير الفرقة بريان إبستاين، لالتقاط صور للمجموعة أثناء العمل. وقال، بحسب ما جاء في بيان كريستي: "لم أرهم قط أكثر هدوءا أو رضىً مما كانوا عليه في هذا الوقت".

لم يكن أعضاء فرقة البيتلز غرباء عن الفن البصري. فلينون التحق بمدرسة الفنون وكذلك مكارتني. وأضاف البيان الصحفي لدار كريستي أن كل من جورج هاريسون ورينغو ستار كانا يرسمان "في كثير من الأحيان وبقدر كبير من الموهبة".

لكل من زوايا اللوحة لمسة شخصية، تترافق مع تنوع كبير في الأشكال والألوان المستخدمة. يبدو أن جزء هاريسون، الذي يستخدم ضربات فرشاة أكثر قتامة وغضب، تأخذ مساحة منبسطة أكبر من زاويته، في حين أن منطقة ستار أصغر حجمًا وكرتونية. ولاحظت دار كريستي أن كلاً من لينون ومكارتني عملا في المقام الأول بالأكريليك، في حين اعتمد هاريسون وستار أكثر على الألوان المائية.

ثم في وسط اللوحة، حيث وضع المصباح ذات يوم، توجد التواقيع.

لم تمنح فرقة البيتلز عنوانًا رسميًا للوحة، لكنها صارت تُعرف باسم "صور امرأة" في أواخر الثمانينيات عندما "اعتقد صحفي ياباني أنه يستطيع رؤية الأعضاء التناسلية الأنثوية في كوادرنت بول"، وفقًا لدار كريستي.

وعلّقت روجرز بأن "كل هذا من منظور الناظر إلى حد كبير، أليس كذلك؟ لم تكن هذه نية اللوحة بالضرورة عندما رُسمت. أعتقد أن الأمر كان أكثر مرونة، وكان أكثر حرية وكان الأعضاء فقط يعبّرون عن أنفسهم".

وأضاف أنه "من المثير للاهتمام حقًا أنّها حملت تفسيرات أخرى مع مرور الوقت، ويحتمل أن تستمر في الحصول على تفسيرات أخرى".

بيتلز في اليابان
صورة أخذت في 29 يونيو/ حزيران 1966 لفرقة البيتلز (من اليسار إلى اليمين) بول مكارتني، وجون لينون، ورينغو ستار، وجورج هاريسون، خلال مؤتمر صحفي عُقد في طوكيو. أثناء عدم أدائهم في ساحة نيبون بودوكان، أمضى أعضاء المجموعة وقتهم في غرفتهم يرسمون. Credit: Jiji Press/AFP/Getty Images/File

بعد اكتمالها، حصل تيتسوسابورو شيموياما على اللوحة، وهو المسؤول التنفيذي في صناعة الترفيه وكان آنذاك رئيسًا لنادي معجبي البيتلز في طوكيو. في عام 1989، اشتراها صاحب متجر التسجيلات تاكاو نيشينو، وفق ما ذكرت مجلة The Atlantic في عام 2012، عندما قام نيشينو بدوره بعرض "صور امرأة" للبيع بالمزاد. وحفظ نيشينو اللوحة تحت السرير لسنوات عدة.

بعدما قرّر نيشينو التخلّي عن اللوحة، قال لمجلة أتلانتيك: "في الأساس، اعتقدت أنه من الأفضل الاحتفاظ بها كجزء من التراث الثقافي الياباني؛ ولم تغادر الأراضي اليابانية مطلقًا منذ 46 عامًا. لكن ظاهرة البيتلز كانت وستظل ظاهرة عالمية".

الجاذبية المستدامة للبيتلز

استمرت حالة الهوس بفرقة البيتلز (بيتلزمانيا) خلال العقود التي تلت تفكك الفرقة، وكما أشارت روجرز، "إنهم لم يغييوا يومًا عن العناوين الرئيسية". وقالت إنّ الاهتمام بموسيقى الفرقة، وحياة أعضائها، ومساهماتهم في الثقافة الشعبية لعب دورًا كبيرًا في جاذبيتهم "الدائمة".

وقالت: "لقد رأيناهم في الأخبار أخيرًا (الشهر الماضي) بمساعدة الذكاء الاصطناعي"، غامزة إلى  إصدار أغنية "Now and then"، الأغنية غير المكتملة منذ فترة طويلة وتم الانتهاء منها الآن بواسطة الذكاء الاصطناعي".

كانت "صور امرأة" جزءًا من "مبيعات درا كريستي الاستثنائية"، وهو حدث تنظمه الدار سنويًا في نيويورك، ولندن، وباريس.

وأشارت روجرز إلى أنّ لوحة فرقة البيتلز معروضة للبيع بالمزاد إلى جانب تذكارات موسيقى الروك أند رول الأخرى، بالإضافة إلى الأعمال الفنية الجميلة: "إنها تحفة فنية، وغالبًا ما تكون قطعًا نادرة فريدة من نوعها ذات أهمية تاريخية".

بيتلز في اليابان
إحدى الحفلات الموسيقية التي أحيتها فرقة البيتلز في نيبون بودوكان بطوكيو عام 1966. وبحلول أغسطس/ آب من ذلك العام، اتخذت الفرقة قرارًا بالتوقف عن القيام بجولاتها وحولت انتباهها إلى تسجيلات الاستوديو الخاصة بها.Credit: Jiji Press/AFP/Getty Images/File

ورغم عدم الاحتفال بها على نطاق واسع، أو حتى عدم شهرة لوحة "صور امرأة"، إلا أنها الثمرة الفريدة للحظة معينة من مسيرة الفرقة المهنية. بحلول نهاية أغسطس/ آب 1966، أي بعد أقل من شهرين على مغادرة اليابان، كانت فرقة البيتلز أقامت حفلها الأخير ورغم تقديم حفل واحد على السطح عام 1969، في كاندلستيك بارك بسان فرانسيسكو، ما وضع حدًا للجولات الصارمة وحول تركيزها إلى العمل في الاستوديو.

وعلّقت روجرز: "أعتقد أنّ لوحة ’صور امرأة‘ تعكس حقًا تلك الساعات الـ100 التي قضوها معًا.. ربما تكون إحدى اللقاءات الأخيرة التي جلسوا فيها معًا، للتفكير، وليس لديهم جداول زمنية تتطلب منهم أي مكان آخر غير بودوكان لحفلاتهم الموسيقية". 

وأشارت: "وربما، في الوقت عينه، كان ذلك بمثابة إصدار خلال هذا الحجز، المنفذ الإبداعي العظيم لهم".