رأي لجواد مبروكي.. جهاز التعايش: طريقة وكيفية الاستعمال

العالم
نشر
9 دقائق قراءة
تقرير جواد مبروكي
رأي لجواد مبروكي.. جهاز التعايش: طريقة وكيفية الاستعمال
Credit: William B. Plowman/Getty Images

هذا المقال بقلم جواد مبروكي، ولا يعبّر عن وجهة نظر شبكة CNN.

بينما كنت أتجول يوم أمس في شوارع مدينة مكناس، رأيت في الجانب الآخر من الشارع، قصر المؤتمرات وملصقا على جدرانه جاء فيه : "وأخيرا، اخترعت الصناعة الروحانية جهاز التعايش".

فوجئت و شعرت بنوع من الارتباك مما قرأت ، هل توجد صناعة روحانية ؟

حسب علمي كل ما هو روحي غير مادي، كيف يمكن صنع جهاز مادي لمسألة تتعلق بالروح؟

دفعني فضولي لتغيير الوجهة وأقصد قصر المؤتمرات.

دخلت قصر المؤتمرات باحثا عن مكتب الاستقبال للحصول على برنامج المؤتمر،لأجد  نفسي أمام عشرة أشخاص، فتيات جميلات وفتيان من جميع الألوان، يبدو من لباسهم أنهم ينتمون لديانات مختلفة لكنهم بالرغم من ذلك منسجمون مع بعضهم في أجواء يملؤها اللطف و المودة و الشعور بالفرح والأمان.

استقبلني الحضور بترحاب لا علاقة له بالترحاب اليومي السطحي أو المجاملة التي تعودنا عليها، ترحاب ملائكي روحي من أشخاص كأنهم الحور العين تنقصه فقط الأنهار الجارية ليكون حلما حقيقيا .

ألقيت التحية وسألت: "هل يمكن الحصول من فضلكم على برنامج المؤتمرو بعض المعلومات عن منظميه؟"

مدت لي إحدى السيدات الجميلات وكأنها حورية بحر صندوقا أبيض اللون كبير الحجم يبدو وكأنه يزن خمسة كيلوغرامات على الأقل، ولكن عندما استلمته لاحظت أنه خفيف الوزن عكس ما ظننت، ربما  لا يخضع لقانون الجاذبية، تملكني الخوف وانتابتني حمى ورعشة هزت بدني.

ليخاطبني صوت ملائكي سائلا: كيف الحال ؟

- بخير، بخير، شكرا لكم، هل يمكن الحصول على برنامج المؤتمر من فضلك؟

أجابتني إحدى المضيفات يغطي شعرها منديل بلون لافت: "لا يوجد أي مؤتمر هنا، أمامك الدليل والعيّنة من "التعايش" استلم هذا الجهاز هو هدية مجانية منا لك، اقرأ التعليمات ودليل الاستعمال جيدا، نتمنى لك استعمالا جيدا.

  • هل لي أن أتوفر على الضمانة من فضلك ؟
  • هذا الجهاز لا يصاب بالعطب أبدا، يعمل بكيفية جيدة طالما شحنته ولكنه قد يتوقف عن العمل إذا توقفت عن شحنه.

كانت المضيفة تحمل  قلادة الصليب على عنقها، صوتها به نبرة خاصة وكلماتها كأنها موسيقى أنغامها تطرب القلوب وتسافر بك لعالم أجمل.

  • هل أعيد شحنها بالبطاريات أم بالتيار الكهربائي؟

أجابني شخص بصفة ملاك بصوت وابتسامة أشعرتني بفرح لا مثيل له، كان يرتدي لباسا برتقاليا تحيط بمعصمه مسبحة:"هذا الجهاز سيدي لا يحتاج إلى بطاريات ولا للتيار الكهربائي".

إنها نكتة على ما أعتقد؟ ظننت أنّي في قاعة السينما أشاهد فيلما خياليا لستيفن سبيلبرغ.

أجابني بعد ذلك  شاب، بصوت أكثر ليونة من بياض القمر، معمما بعمامة خضراء: "سيدي، اقرأ التعليمات وطريقة الاستعمال وستفهم كل شيء".

  • حسنا، أشكركم على الهدية.

في طريقي إلى المنزل، لم أعد أفكر إلا في هذه العينة من الشباب، في الانسجام السائد بينهم، والحب، والسلام والسكينة المنبعثة منهم، بينما هم مختلفون تماما عن بعضهم البعض، كل منهم ينتمي لدين مختلف، ويرتدي لباسا مختلفا ، كحديقة جميلة من الزهور من جميع الألوان وجميع الأنواع، إنها "الوحدة في التنوع".

شعرت في لحظة أني  قد حُملت بآلة التحكم من بعد إلى الجنة ! أثناء المشي، شرعت في مناجاة نفسي كما هي عادتي، أعشق التحدث إلى نفسي أمام المرآة، أشاهد نفسي وأتحدث إلى صورتي، وأؤكد لكم أنها أفضل طريقة للحديث مع النفس و ضمان تجاوب إيجابي .

لكن انتبهوا !!!! إنها مراجعة النفس! فالأسئلة كثيرا ما تكون مضطربة...  باختصار أعود إلى العلبة البيضاء التي تسلمتها و التي حرصت على حملها بكلتا يديّ، بدأت أتشاور مع "أنَاي":
- إنها الجنة؟
- لا، لا ! أتهذي أم ماذا؟إنه الواقع فعلا!
- هل تعتقد أنه من الممكن أن يكون الفردوس في الأرض؟
- نعم، نعم، يا صديقي.
- هل تعتقد أنه من الممكن أن نتعايش فيما بيننا على الرغم من تنوعنا الديني والثقافي والعرقي؟ أن نعيش في سلام؟ أن ينتهي الخلاف و تنتهي الحروب؟ ينتهي والبؤس والفقر والإقصاء؟ أهذا ممكن حقا؟
- نعم أيها الصديق، نعم، والدليل ِأنك رأيت العيّنة بنفسك.
عندما أحدّث نفسي في كثير من الأحيان، أفعل ذلك بصوت مرتفع .. نعم  ممكن أني مجنون!

وأنا ألج بيتي وضعت العلبة البيضاء بحذر على الطاولة وشرعت في قراءة الإرشادات:

لقد حصلتم على جهازكم الجديد" التعايش" ونهنئكم على اختياركم. هذا الجهاز مختلف تماما عن الأجهزة الأخرى التي استعملتموها إلى حد الآن.

  1. الاحتياطات :

افتح العلبة بلطف ستجد العديد من العلب المتداخلة (لتوفير أقصى حماية للجهاز) اسحب العلبة الصغرى، افتحها بعناية ستبدو لك فارغة لكن ستجد  بالداخل رقاقة صغيرة غير مرئية تسلح بالثقة وتابع أدخل سبابتك في العلبة، الرقاقة غير المرئية ستلتصق بأصبعك وستشعر بها، آنذاك أخرج السبابة وألصقها على قلبك، حيث ستجد الرقاقة مكانها تم اسحب سبابتك دون تخوف.

إن جهازك "التعايش" الآن جاهز للاستخدام، لا يتطلب غير إعادة شحنه.

  1. شحن الجهاز :

لضمان أفضل أداء لجهازك الجديد "التعايش" يجب أن تشحنه، هذا الجهاز لا خوف عليه من الشحن الزائد على عكس الأجهزة الأخرى كلما زدت في شحنه ازداد كفاءة واستدامة.
عليك أن توفر المواد التالية لإنتاج الطاقة اللازمة لشحن جهازك ستحتاج إلى كمية كافية من :
1- احترام الآخر.
2- الطيبوبة .
3- الحب .
4-السلام .
5- العناية .

 6- الكرم .
7-اللطافة .

8ـ العدالة .
9- الرحمة .
10- الإنصاف .
11. صفاء القلب .
12- الانقطاع .
13- الخدمة .
14- الصدق .

هذه المواد لازمة لإنتاج الطاقة الضرورية لجهازك ستجد هذه المواد في منجم قلبك سيعينك دينك، معتقدك أو روحانيتك على استخراجها.

هذه المواد عوامل مشتركة بين جميع البشر دون استثناء،وجميع الأديان توفر الأدوات اللازمة لاستخراجها.
عندما تتجمع هذه المواد جميعها خلطها في وعاء كبير. تحصل على "مسك الروحانية " متناسق خفيف جدا  بلون الضوء اشربه بكل ثقة بمجرد ما تشرب مسك الروحانية، يشتغل  الجهازعلى الفور.

عندما يشتغل الجهاز يمكنك التعامل مع كل إنسان دون أي تعصب، يمكنك معاشرة جميع الأديان بكل مودة، لن تصدر الحكم على الآخرين، لن تنظر إلى أنك الوحيد دون غيرك الذي تمتلك الحقيقة، و لن تعتقد أكثر أنك ذاهب  إلى الجنة وغيرك إلى الجحيم، ولن تعتبر أن دينك هو الأفضل بالمقارنة مع الأديان الأخرى، ولن تؤمن أنك تشكل جزءا من شعب الله المختار دون غيرك، لن تكره أحدا، ستتحول وتصبح جيدا، سعيدا، تزرع السلام في قلوب جميع الناس، سترى في كل إنسان أخاك وفي كل سيدة أختك لن ترى الفرق بينك وبين الآخرين، سترى أنك وغيرك في حيك، مدينتك، بلدك، قارتك، كوكبك، كلكم  أوراق وفواكه شجرة واحدة.

 

  1. كفاءة بطارية الجهاز:

تتوقف على كمية "مسك الروحانية" التي زوّد بها وكلما استهلكت أكثر كلما اكتسب جهازك طاقة أكبر.

 

  1. ازدواجية جهاز "التعايش":

ليس للصانع حقوق على العكس من أجل دوام جهازك ، يجب مضاعفة استعماله وتقديمه إلى كل الذين تلتقي بهم كلما استعملته أكثر كلما طور جهازك كفاءته وطاقته، ومن أجل مضاعفته يكفي أن تضع سبابتك على الرقاقة غير المرئية الموضوعة على قلبك، اسحب سبابتك، ثم ألصقها على سبابة غيرك الذي تطلب منه أن يضعها بدوره على قلبه مزوداً إياه بنسخة من دليل الإرشادات.