هل تقتفي الجزائر أثر المغرب وتستغل صحراءها في إنتاج الطاقة الشمسية؟

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير حمزة عتبي
هل تقتفي الجزائر أثر المغرب وتستغل صحراءها في إنتاج الطاقة الشمسية؟
مشروع نور في المغربCredit: SENNA/AFP/Getty Images

الجزائر (CNN)— بالرغم أن أحدث الدراسات العالمية عن الطاقة الشمسية، بيّنت أن الجزائر من بين أحسن ثلاثة حقول شمسية في العالم، حيث صُنفت الجزائر وإيران ومنطقة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، أكبر وأحسن حقول الطاقة الشمسية، ما يجعل الجزائر بمثابة العملاق النائم للطاقة الشمسية، بيد أنه ما زال إنتاج البلاد من الكهرباء بواسطة هذه التكنولوجيا يعتبر "ضئيلا جدا"، على حد تعبير خبراء الطاقة.

وتمتلك الجزائر ثروة كبيرة من الطاقة الشمسية، حيث تستفيد من ألفين إلى ثلاثة ألاف ساعة من إطلالة الشمس، مع وجود إمكانية إنتاج 2500 كيلووات في كل متر مربع، وفقا لتقديرات الكثير من الخبراء، أما القدرات الشمسية الحرارية، فإنها تمثل خزانا معتبرا، حيث تعادل نسبة مضاعفة 10 مرات الاستهلاك الطاقوي على المستوى الدولي.

وبعد أن كانت الجزائر السباقة في مجال الطاقة الشمسية، تجاوزتها الكثير من البلدان على غرار مشروع نور بالمغرب، الذي يعد من اكبر المشاريع في هذا المجال على مستوى العالم، بينما بقيت الجزائر حبيسة سياستها الطاقوية معتمدة على النفط إلى جانب تعاملها مع شركات أجنبية احتكرت مجال الطاقة وهيمنت على السوق، ممّا يفرض ضغوطات وتبعية على الدول التي تنتهج سياستها على الطاقة البديلة.

واستبعدت الدكتورة بوقراص رقية متخصصة في العلاقات الاقتصادية الدولية، أن تقتفي الجزائر أثر المغرب في ميدان الطاقات المتجددة لأن المتغيرات، حسبها، التي تحكم هذا المجال هي بمستويين "داخلي مرتبط بالإمكانيات الاقتصادية الطاقوية و خارجي مرتبط بمن يحكم مجال الطاقات المتجددة بالتحديد الطاقة الشمسية بمعنى التكنولوجيا و الاستثمارات".

وعلّلت بوقراص في حديثها لـCNN بالعربية، تأخر الجزائر في تأسيس لمشروع طاقوي كون "الجزائر تريد دخول مجال الطاقات المتجددة ببطء مقارنة بالمغرب لأنها تملك البديل"، مضيفة أن "الجزائر لم تكن على دراية مسبقة بتراجع سعر البترول"، وهي الحتمية التي أعادت دفع صانع القرار الجزائري، وفقا لمحدثتنا،" إلى استحضار ملف الطاقة الشمسية والدليل على ذلك بداية تدشين محطات التزود بالطاقة الشمسية".

وتذهب عدة تقارير إعلامية للقول بأن مشروع "ديزرتيك" الذي رعته دول أوروبية وكان مقرّرا في صحارى عدة دول بالمنطقة، ومنها المغرب، كان على حساب دول أخرى منها الجزئر، بما أن الهدف الأساسي من هذا المشروع الذي لم يتم، كان سد خمس حاجات أوروبا من الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية، لكن اتجاه المغرب إلى الانفراد ببناء محطة خاصة به، شكل نكسة لأوروبا، مما أعاد الحديث عن إمكانية عودة هذا المشروع، وهذه المرة انطلاقًا من الجزائر.

 

وعن مشروع الطاقة الشمسية بالجزائر، يرى الخبير الاقتصادي فارس مسدور، أن المشروع "قديم جدا" يرجع، حسبه، إلى الثمانينات حيث كان للجزائر آنذاك مصنع لصناعة اللوحات الشمسية ولم يستمر المشروع كما كان مخطط له إلى أن ظهر مشروع "ديزرتيك" الذي انطلق من ألمانيا.

وحول أسباب عدم تجسيد هذا المشروع الأخير في الجزائر، يقول مسدور في حديثه لـCNN  بالعربية، أن المفاوضات كان فيها عقبات كثيرة من الطرف المفاوض الجزائري و"كأن الأمر كان مبيتا"، وأضاف مسدور "ظهر فيما بعد من يريد الاستثمار في إنتاج اللوحات من كبار رجال الأعمال الجزائريين وضاع المشروع لأغراض شخصية ضيقة".

وتابع مسدور كلامه: "الدوافع الظاهرة عدم الاتفاق على بنود في الاتفاقية تتعلق بحق كل طرف وظهر للمفاوض الجزائري أن الطرف الألماني يريد أن يهيمن وهذا فيه حساسية كبيرة من طرف السلطات عندنا، خاصة أننا كنا في البحبوحة المالية التي أعمت أبصارنا".

وبعدما أضاعت الجزائر مشروع "ديزرتيك" الألماني، يعتقد الدكتور يوسف بن يزة، في حديثه لـ CNN بالعربية، انه من المستبعد أن يكون هناك تأسيس لمشروع طاقي جديد، قائلا في هذا الصدد: "الجزائر يلزمها وقت طويل لإعادة التأسيس لمشروع طاقوي بديل خاصة وأنها راهنت على الغاز الصخري".

لكن محدثنا، رجح أن تلجأ السلطات، خلال السنوات القليلة القادمة، لإعادة فتح هذا الملف تحت ضغط العامل الخارجي والمتمثل في المستثمرين من أوروبا خاصة وكذلك العامل الداخلي بعد الرفض الشعبي المدعم من طرف قوى سياسية كبرى لمشروع الغاز الصخري.

ويبدو أن السلطات الجزائرية غير مستعدة لتأسيس مشروع طاقي بديل، في ظل وفرت المخزون الطاقي من النفط والغاز مما يجعلها تتباطأ في تقفي أثر الجارة الغربية نحو استغلال صحرائها الشاسعة من أجل تجسيد مشاريع الطاقة الشمسية، مع توفر الجزائر على إمكانيات طبيعية تؤهلها من إنتاج 5 إلى 10 % تقريبا من إنتاج الطاقة الشمسية في العالم.