احتجاجات متصاعدة من أجل التنمية في فرنانة.. والحكومة التونسية تحاول التهدئة

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
احتجاجات متصاعدة من أجل التنمية في فرنانة.. والحكومة التونسية تحاول التهدئة
Credit: fernana facebook

تونس (CNN)-- تصاعدت الاحتجاجات بمدينة فرنانة من محافظة جندوبة غرب تونس بالتزامن مع زيارة وفد وزاري حكومي للمنطقة، وتنصب الاحتجاجات حول المطابة بنصيب المدينة من التنمية  في خطوة تنذر بتزايد الاحتقان الاجتماعي في البلاد وتضع الحكومة الجديدة أمام تحدٍ عاجل. 

واندلعت المظاهرات الاحتجاجية في المدينة منذ نحو أسبوع بعد وفاة شاب حرقا إثر خلاف مع السلطات البلدية وهو ما يعيد إلى الأذهان حادثة محمد البوعزيزي مفجر الثورة قبل ست سنوات عندما عمد إلى حرق نفسه احتجاجًا على تدخل الشرطة البلدية لمصادرة بضاعته التي كان يستخدمها في عمله.

وأكد المحتجون أن مدينة فرنانة تعاني من تأخر في التنمية وتفتقر لأبسط المرافق العمومية ومقومات العيش وتعاني من التهميش من طرف سلطات الدولة، مطالبين بضرورة تدخل عاجل لتنفيذ مطالبهم التي أعلنوا تمسكهم بها إلى حين تحقيقها.

سيف مخلوفي أحد المحتجين أكد أن مدينته لا يتوفر بها شيء ومحتقرة من طرف السلطات، مشيرا إلى أن وفاة وسام النصري كانت القطرة التي أفاضت الكأس خاصة بالنسبة للشباب الغاضب من الأوضاع التي يعيش فيها ويشعر بحالة من اليأس والخذلان من مسؤولي الدولة رغم تعهداتهم المستمرة بتحقيق مطالبهم والإيفاء بوعودهم.

وقال في تصريح لـCNN بالعربية: "لا يوجد لا ماء ولا كهرباء ولا مستشفى محلي حتى الطرقات نفتقدها، الناس هنا محتاجة وتريد إيصال أصواتها، لكن لا أحد يستمع ويلبّي، هذه المرة لن نتراجع إلى الوراء إلى حين تلبية مطالبنا واسترجاع حقوق أهلنا في التنمية العادلة".

من جهتها اعتبرت كريمة زغواني أن منطقتها تحتوي ثروات هائلة تكفي أهلها ولكنها غير مستغلة لصالحها وموجهة للمدن الأخرى بسبب غياب الاستثمارات من طرف رجال الأعمال والمشاريع والمصانع وانعدام العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بين الجهات، مشيرة إلى أن وعود الثورة لم تحمل لهم شيئا وكانت زائفة.

وتساءلت في حديثها معCNN بالعربية قائلة:" يأخذون الحبوب من هنا لتعود إلينا عجين ، لماذا لا يكون لدينا معمل للعجين؟ نضخ المياه الصالحة للشراب للعاصمة والمحافظات الساحلية وأهالينا عطشى، أليس هذا ظلما؟ أين العدالة؟ لماذا نضطر للنزوح إلى مناطق أخرى للبحث عن قوتنا؟".

وفي بيان صادر عن أهالي مدينة فرنانة، طالب المحتجون  بتركيز المنشآت العامة والخدماتية في المدينة على غرار المستشفيات وشركات المياه والكهرباء، إضافة إلى تغيير المسؤولين الإداريين  وفتح تحقيق في شبهات الفساد في بعض الإدارات العامة في المنطقة.

وشدّد المتظاهرون كذلك على ضرورة استحداث منطقة صناعية في فرنانة توفر فرص العمل لشبابها وتوسعة المنطقة السقوية إلى جانب تخصيص مجلس وزاري ينظر في وضع المدينة ويتخذ إجراءات عملية تمكّن من تجاوز النقائص بها.

ولا تعدّ المظاهرات في مدينة فرنانة الأولى في تونس منذ استلام حكومة يوسف الشاهد مقاليد الحكم نهاية الشهر الماضي إذ سبقتها احتجاجات أخرى في عدة مدن متفرقة من البلاد خاصة المناطق الداخلية والحدودية تطالب بالتنمية والتشغيل وهو ما يضع هذه الحكومة أمام تحد تهدئة الأوضاع  في البلاد والتعجيل بتحقيق السلم الإجتماعية.

وكان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد طالب بهدنة اجتماعية عن طريق العودة إلى العمل والكف عن الاحتجاجات والإضرابات، من أجل عودة الانتاج و التسريع في نسق النمو الاقتصادي للبلاد، كما تعهد بالعمل على إيلاء ملف تنمية الجهات المحرومة الأولوية في برنامج عمل حكومته.

ويرى مراقبون أن فشل حكومة الشاهد في احتواء الأوضاع وعدم النجاح التعامل مع ملف التنمية في المناطق الداخلية سيفاقم من الأوضاع ويمهّد لاتساع التحركات الاحتجاجية الاجتماعية  في البلاد تؤدي إلى حالة من الفوضى.

المحلل السياسي باسل ترجمان يرى أن تطور الاحتجاجات يعكس حالة القلق العميق التي تعيشها المناطق الداخلية المهمشة التي نسيها قطار التنمية وزادت أوضاعها صعوبة في السنوات الخمس الماضية والتي تعكس بدورها طبيعة الأوضاع الصعبة التي تعيشها تونس، مضيفا أن أي حدث يتطلب من الحكومة التحرك لإيجاد حلول له ومحاولة التعامل بمفاهيم ردود الفعل لتهدئة الأوضاع المشتعلة هنا وهناك.  

وأضاف في تصريح لـCNN بالعربية  أن الأوضاع الحالية التي ورثتها حكومة الشاهد بعد أربع سنوات من تعاقب الحكومات الفاشلة وإغراق الدولة بالديون وإفلاس خزنتها يجعل من قدرة الحكومة على إيجاد الحلول لهذه المشاكل أصعب بكثير من سابقاتها اللواتي تجاهلن عمدا ملف التنمية، مشيرا إلى أنه من الصعب توقع أيجاد حلول في القريب العاجل.

وخلّص قائلا "الخوف من تصاعد الاحتجاجات مع انعدام الحلول العاجلة قد يقود لتوسع الحراك والغضب الاجتماعي والذي هنالك للأسف أطراف سياسية تحاول ركوب هذه الاحداث لإيجاد بوابة تعود فيها للمشهد السياسي بعد فشلها في الانتخابات وهذا سيهدد الجميع لأن اندلاع الفوضى القادمة لن تستثني أحدًا ممن كان له دور بعد سقوط نظام بن علي 2011".