استياء في تونس من تصريحات السفير الفرنسي الجديد ومطالب بالاعتذار

العالم
نشر
7 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
استياء في تونس من تصريحات السفير الفرنسي الجديد ومطالب بالاعتذار
Credit: MARTIN BUREAU/AFP/Getty Images

منية غانمي، تونس (CNN)-- خلّفت تصريحات السفير الفرنسي الجديد في تونس ردود فعل غاضبة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت إهانة للبلاد ومسًا من سيادتها وإساءة لصورتها، كما أعادت الحديث والنقاش عن طبيعة العلاقة بين فرنسا وتونس.

وقال الديبلوماسي الفرنسي "أوليفيي بوافر دارفور" في تصريحاته لإحدى الإذاعات الفرنسية عقب تعيينه سفيرا جديدا لبلده في تونس، إن "مهمته الرئيسية تتمثل في حماية الجالية الفرنسية المقيمة في تونس وتوفير الأمن لـ 30 ألف فرنسي على أرض تونس من بينهم 15 ألف تلميذا، لأن الجالية الفرنسية عُرضة للاستهداف في بلد مثل تونس عُرف بتصدير الإرهاب والجهاديين المتطرفين".

تصريح خلّف ضجة في تونس حيث انفجرت التعليقات المنددة على وسائل التواصل الاجتماعي ومازالت متواصلة إلى حد اليوم مطالبين بضرورة الاعتذار.

الكاتب معز بن رجب اعتبر أن تصريح سفير فرنسا الجديد مهين وخطير وعلى الدولة التونسية أن تطلب في شأنه توضيحا من نظيرتها الفرنسية وإلا ستدخل فعليا في مرحلة جديدة من الحماية كالتي بدأت سنة 1881، مشيرا إلى أن حماية الجميع في تونس هو من مهام الأمن والجيش التونسيين وليس السفير الفرنسي.

وتعد تونس أول بلد يعيّن فيها "أوليفيي بوافر دارفور" سفيرا لبلاده خلفا لمواطنه فرنسوا غويات. وتعد هذه التجربة الأولى له في العمل الديبلوماسي، إذ سبق وأن تولى منصب رئيس المتحف الفرنسي للبحرية لمدة أربع سنوات، كما تولى إدارة إذاعة فرنسا الثقافية لمدة خمس سنوات وهو كاتب ورجل ثقافة ولد سنة 1958.

وفي هذا السياق اعتبر الدبلوماسي والسفير السابق لتونس في لبنان، سمير عبد الله، في تدوينه له على صفحته على موقع فيسبوك أنّه من سوء حظّ تونس أن تكون أوّل بلد يشتغل فيها " دارفور" كسفير، مشيرا إلى أن تصريحاته المسيئة لتونس ولصورتها وبالخصوص المس بسيادتها، أمر لا يمكن القبول به و لا تقبله أيّ دولة تحترم نفسها و تذود عن كرامتها.

وتساءل في هذا السياق: "هل يجهل سعادته مبادئ القانون الدولي التي تجعل من الدولة التونسية المسؤولة الوحيدة عن أمن جميع المقيمين على ترابها سواء كانوا مواطنين أو أجانب، أم أنه سيجلب قوات خاصة لحماية الفرنسيين" المهددين"، حسب قوله؟ وهل فات سعادته أن الديبلوماسي لا يكشف عن خطة عمله وملتزم بواجب التحفظ؟".

من جهته استنكر الناشط الحقوقي محمد بلعيد هذا التصريح مؤكدا أن تونس لم تعد محمية فرنسية وليست في تبعية لها لأن عهد الاستعمار قد ولّى، مضيفا أن تونس دولة قائمة الذات مسؤولة وقادرة على حماية أمنها وأمن المواطنين المقيمين على أراضينا بمفردها بقطع النظر عن جنسيتهم، داعيا إلى ضرورة المطالبة باعتذار رسمي من السلطات الفرنسية على ما اقترفها سفيرها من خطأ في حق دولة صديقة وشريكة.

وتابع في تصريح لـCNN بالعربية قائلا " إن رضيت الحكومة بهذه الإهانة، نحن لن نرضاها، فرنسا الآن محتاجة لتأمين رعاياها على أراضيها أكثر من حماية جاليتها هنا، تونس اليوم أقل خطرا من فرنسا، لذلك وجب عليها الالتفات إلى وضعها الداخلي وإلى تنامي الجهاديين على أراضيها أفضل لها من التدخل في شؤون غيرها".

وفي تفاعلها مع الجدل الذي أثير حول تصريحات سفيرها قالت السفارة الفرنسية في تونس، في بيان نقلته وكالة الأنباء التونسية، "إن أوليفيي بوافر دارفور ذكّر لدى سؤاله من قبل صحفي فرنسي بإذاعة "آر تي آل" حول المناخ الأمني بتونس، بالمهام الأساسية للسفارات والقنصليات بالخارج، ومن بينها الحرص الدؤوب على أمن الرعايا الفرنسيين، مبينة أن أمنهم  في تونس تضمنه وتسهر عليه بشكل مستمر السلطات التونسية"، مؤكدة أن الحوار والتعاون معها متواصل وجيد.

وأضافت السفارة في توضيحها أن السفير تطرق كذلك خلال الحوار الصحفي إلى مساندة جهود دعم الديمقراطية في تونس وتعزيز الشراكة الإقتصادية ودفع جهود التنمية والتعاون في المجالين الثقافي والتعليمي، مشيرة إلى أنه في انتظار الانطلاق الفعلي لمهامه كسفير لفرنسا لدى تونس فإنه بصدد العمل مع فريقه على الإعداد لحدثين هامين، يتمثل الأول في الندوة الدولية (تونس 2020)، التي تنتظم بالتعاون المشترك مع فرنسا وستمكن من مزيد حشد الدعم الدولي لتونس، في حين يتمثل الثاني في انعقاد الدورة الأولى للمجلس التونسي الفرنسي للحوار السياسي رفيع المستوى.

من جهته اعتبر عبدالله العبيدي الديبلوماسي السابق أن تصريحات السفير الفرنسي عادية ووقع تناولها بمبالغة كبيرة في تونس، موضحا أنها تصريحات وجهها الديبلوماسي الفرنسي للرأي العام في بلده من أجل تطمينه على الجالية الموجودة بتونس وعلى مصالحه هناك.

وبخصوص تأكيد الديبلوماسي الفرنسي على أن مهمته الأساسية هي حماية الفرنسيين بتونس، رأى العبيدي أنه أمر طبيعي يصنف ضمن الحماية الغير مباشرة والتي يقصد بها التعاون والتنسيق الاستخباراتي مع السلطات التونسية في المجال الأمني من أجل حماية أمن المؤسسات الفرنسية أو الرعايا من أي خطر قد يهددها، مضيفا أن فرنسا سبقت وأن تعاونت مع تونس وحذرتها من عدة عمليات إرهابية واغتيالات تستهدف ناشطيها وأكدت دعمها للانتقال الديمقراطي في البلاد.

وأضاف في تصريح لـCNN بالعربية ،أن السفير لم يأت بالجديد عندما قال أن تونس مصدّرة للإرهابيين لأنه واقع موجود تحدثت عنه عدة دول وأكدته منظمة الأمم المتحدة على لسان الأمين العام بان كي مون، مؤكدا أن تصريحاته لا يوجد فيه أي مس من السيادة التونسية أو خدش لهيبة الدولة إلا في صورة وجود أو تدخل قوات فرنسية على الأراضي التونسية تختص بحماية الفرنسيين.