سمعان موزع الحليب في الفيلم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- استطاع المخرج اللبناني الواعد، سيمون الهبر، على إخراجنا، ولو لوهلة، من حياتنا الصاخبة التي تعج بالهموم والمشاكل إلى الهدوء الذي تتوق إليه النفس من خلال فيلمه الوثائقي "سمعان بالضيعة"، الذي تدور أحداثه في إحدى ضيع جبل لبنان الأخضر في زمن الحرب.
الفيلم الوثائقي الذي افتتح به مهرجان بيروت السينمائي منذ شهرين، ويعرض الآن ضمن مهرجان دبي السينمائي، يفتح شهية المشاهدين "للتبولة" اللبنانية، والحليب الطازج، والعناب الأحمر، الذي يكثر في تلك المناطق، ويذكرنا بحلاوة الحياة الجبلية، والاستمتاع بهوائها النظيف والعليل.
ويروي المخرج قصة عمه المزارع سمعان الهبر، الطاعن بالسن، والذي يعيش في قرية "عين الحلزون" الواقعة في ضواحي بيروت. والعم سمعان هو آخر سكان هذه القرية التي هجرها سكانها عام 1982 بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان.
ويصرّ سمعان على البقاء في قريته، رغم رحيل جميع السكان هرباً من الحصار الذي فرض عليها خلال الحرب التي استمرت خمسة عشر عاماً، حيث يعود إليها سكانها فقط في مواسم جني قطاف مزارعها.
ويعرض الفيلم جانب من حياة المزارع، الذي بات يستأنس بحيوانات مزرعته، حيث يستيقظ منذ الفجر لإطعام أبقاره، والاهتمام بشؤونها، ليواصل بعد ذلك روتينه اليومي، الذي يبدأ باحتساء فنجان قهوة، وتدخين شيجارة أمام منظر يخطف أنفاس المشاهدين.
ومع مرور الزمن، أصبح اليوم طويلا بالنسبة إلى سمعان، الذي قام بتسمية كل واحدة من بقراته وأحصنته وكلابه، ليسهل الحديث معها، وكأنها تفهم فعلا ما يقول.
ولكن لا ينكر سمعان الجهد الكبير والعزلة التي يواجهها في بيته، والألم الذي يحيط به عند تذكر أمه، التي راحت ضحية للحرب، وتركته في عمر صغير.
وسمعان، لا يزال يخطط لبناء مرحاض في بيته المتواضع، كما إنه يحاول العثور على امرأة، تشبه، بحد وصفه، المغنية شاكيرا ليتزوجها.
ويركز المخرج سيمون في فيلمه على جانب تدخل السياسة بحياة المواطنين اللبنانيين، وكيفية تغير أحوال الناس إثر الحرب الأهلية، حتى في القرية الصغيرة، التي غالبا ما تضع اللوم على التدخل الإسرائيلي في البلاد.
ولا شك أن سيمون الهبر أستطاع أن يقدم عملاً مؤثراً، صوّر من خلاله، وبأسلوب مبدع ورائع تأثير الصراعات التي عاشها لبنان على العديد من المزارعين وسكّان القرى، أمثال سمعان، الذين تركوا وحدهم من أجل مواجهة الدمار والتهجير.
ويذكر أن فيلم "سمعان بالضيعة" هو من الأفلام الفائزة بمنحة ملتقى دبي السينمائي في مهرجان العام الحالي 2008.