الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حول تركيا ودورها الجيوسياسي الحالي والمستقبلي.
نقوم بزيارة إلى المدينة الصاخبة اسطنبول، لنفهم جوهر دور تركيا دائم التطوّر في العالم.
مضيق البوسفور يفصل أوروبا عن آسيا.. أما الجسر الضخم الذي يحمل الاسم نفسه والذي يعبر المضيق، فيربط القارتين ببعضهما البعض.
وبغض الطرف عن المدينة الصاخبة، يشهد البلد اليوم توسّعاً لدوره كباني جسور، ويعود السبب بنسبة كبيرة إلى ربّ البيت الأبيض الجديد.
يحمل انتقاء باراك أوباما لتركيا كمنصة كلام أولى له خلال الأيام المائة الأولى من حكمه، رمزية كبيرة كونها دولة مسلمة.
وتبقى تركيا علمانية، وتستمر في دقّ باب الاتحاد الأوروبي في محاولة للانضمام إليه، كما أنّها تملك الكثير من العلاقات المهمة في منطقة الشرق الأوسط، والتي قد تؤثّر في عملية السلام.
وخلال مقابلة حصرية له في بروكسل، لمّح الرئيس التركي عبدا لله غول أكثر من مرّة إلى الدبلوماسية المكوكية، بمباركة واشنطن، الجارية الآن. وقد التقى الرئيس غول القائد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي قبل أيام من توجّه الرئيس أوباما برسالة إلى إيران، وليس ذلك بصدفة.
وعلّق غول على هامش القمة الأوروبية للأعمال قائلاً: "تمكّنت من التحدّث في جو من الحرية والصدق. وأنا واثق من أنّهم يصغون إلى ما أقول ويتناقشون بشأنه، وأنا متأكّد أنّهم في النهاية عندما يقتنعون أنّ كل ّتلك الرسائل صادقة، سيتصرّفون."
وحين سئل إذا ما كانت الإجابة على غصن الزيتون الذي لوّح به الرئيس أوباما ستأتي بعد الانتخابات، أجاب غول قائلاً "على السياسيين أن يكونوا شعبيين قبل الانتخابات. وبالتالي، قد تتمّ معالجة هذه المسائل المهمة بشكل أفضل بعد الانتخابات."
وفي الوقت عينه، تحافظ تركيا على علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وسوريا، والرئيس غول متفائل جداً بشأن التغير في مركز القيادة في واشنطن وتأثيره العام على منطقة الشرق الأوسط.
فيقول: "يجب ألاّ يفوّتوا (قادة منطقة الشرق الأوسط) هذه الفرصة لأنّ الرئيس أوباما يقول إنّهم سيصغون لهم ولن يطبّقوا سياساتهم الخاصة عليهم. ويُعتبر ذلك نقطة بداية جيّدة."
وفيما تتطوّر السياسة في منطقة الشرق الأوسط، تضطلع تركيا بدو آخر بالنسبة إلى الغرب بصفتها مرفأ لنقل الطاقة بغية إحلال التعويض عن الخطوات غير الثابتة التي تتخذها موسكو في أوروبا. وقد كانت واشنطن الداعم الأكبر لخطّ أنابيب النفط BTC (باكو، تبليسي، شيهان) الذي يصل من أذربيجان إلى تركيا على الساحل الجنوبي الشرقي.
أما الهدف التالي فهو احتمال بناء خط أنابيب النفط نابوكو Nabucco الذي يجرّ الطاقة من وسط آسيا إلى النمسا عن طريق تركيا. لكن بعض الخلافات القديمة الطراز قد نشأت خلف الكواليس في ما يتعلق برسوم الترانزيت والتزويد المحلي لتركيا، فيما تنشغل روسيا في محاولة ربط التزويد بالغاز بشبكتها الخاصة. لكن في الواقع، ستلعب تركيا دوراً اكبر على هذه الجبهة خلال العقد القادم.
وفي هذا الإطار، يقول نوبو تاناكا، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية "لا شكّ أنّها تلعب دور جسرٍ هام من للموارد بين الشرق الأوسط والغرب في مجال الطاقة."
بحسب مركز الإصلاح الأوروبي، تملك تركيا ما يقارب 70 بالمائة من المخزون العالمي المثبت. أمّا البلدان المجاورة لها مثل إيران والعراق فلم تستغلّ مجال تصدير الغاز الطبيعي بعد.
ويصف الرئيس غول موقف تركيا من هذه اللعبة الجيوسياسية بـ"الدور الفريد" حيث يقول: "يجب تنويع المصادر، وفي حال توفّر المصادر، يجب تأمين النقل."
قد يبدو ذلك بسيطاً وسهلاً لكنّه ليس كذلك. فمع توق تركيا إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بأسرع ما يمكن، تخشى بروكسل أن تلعب القيادة التركية ورقة الطاقة. فباستطاعتها أن توفّر الطاقة إلى الغرب وبخاصة أوروبا لكنّ توقّعوا سعراً مرتفعاً لقاء ذلك.
وبحسب الرئيس السابق لجمعية الأعمال التركية توسياد TUSIAD، "تعتبر بعض القوى والشركات أن دور تركيا أمر مفروغ منه، لكن لا أعتقد أنّ الأمر سيجري بهذه السهولة."
لم يدّعِ أحدٌ يوماً أنّ التواجد على جانبي السياج سهل، والامتداد بين قارتين أكثر تعقيداً وأكثر تشويقاً.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.