CNN CNN

جون دفتريوس: شهادة في التاريخ

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:18 (GMT+0400)

الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

جامعة كامبريدج في لندن
جامعة كامبريدج في لندن

لندن، بريطانيا (CNN) --  في هذا الوقت من العام، تجد أعداداً كبيرة من السياح في كامبريدج بخاصة من الدول التي تشهد نمواً سريعاً شأن الصين والهند والشرق الأوسط.

لقد عاد بعض الطلاب، لكن الازدحام على طريق ريفر كام كثيف وما زال وسط مدينة كامبريدج قرب كينغز كولدج يعجّ بالرحلات السياحية.

أمّا في منتصف شهر سبتمبر فسيتغير الوضع حيث سيصبح كلّ القادمين لملء الأماكن الشاغرة في الجامعة من الشرق الأوسط، وبحسب جامعة كامبريدج، بلغت نسبة الطلاب الآتين من تلك المنطقة نحو 15 في المائة، خلال العقد الماضي.

ولا تشكّل هذه الجامعة حالةً فريدة من نوعها، فبحسب خدمة قبول الطلبات، يوكاس، في بريطانيا، فقد ازدادت الطلبات من الشرق الأوسط خمسة أضعاف تقريباً منذ عام 2001.

يبدو الأمر مثالياً لمصلحة قطاع التربية البريطاني، أما سبب هذه الزحمة في اتجاه واحد فتعود إلى مجموعة عوامل متداخلة، لنطلق على العامل الأول اسم "العامل ت" تيمناً بالتاريخ الطويل للمؤسسات البريطانية بخاصة أوكسفورد أو كامبريدج اللتان تُعرفان بالاسم المدمج اوكسبريدج.

وتقول تالا غرغور التي تدرس في جامعة ترنيتي في كامبريدج للحصول على الدكتوراه في علم الموسيقى العرقية: "لن أخبركم عن التاريخ. تحتفل الجامعة بعيد 800 عام، والتميّز هي الكلمة التي تتكرر دائماً. يشهد المرء على ذلك ويكتسبه كونه طالبا في هذه المؤسسة."

تتوقف غرغور عن الكلام لبرهة ثم تأتي على ذكر عامل آخر هو النقص في القدرات اليوم في بلدها الأم سوريا والبلدان المجاورة في المنطقة، فالدكتوراه في الموسيقى غير موجودة حتى الآن في منطقة الشرق الأوسط.

يعترف قادة الحكومات أنّ نوعية التعليم والقدرات الجامعية ما زالت عقبات صعبة على الرغم من الأموال المخصصة لتلك القضية لاسيما للتعليم العالي، لكن علينا ألاّ نتوقع تغيّر الأمور بين ليلة وضحاها.

ذهبت في رحلة إلى جامعة جيزوس في كامبريدج برفقة الطالب اللبناني سمير محمود الذي يدرس العلوم الإسلامية. وبسبب حقل دراساته والسنوات الأربع التي أمضاها في تلك الجامعة الأسطورية، يتلقى سمير طلبات من طلاب يطمحون إلى الانضمام إلى جامعات اوكسبريدج.
 
ويعلّق محمود قائلاً: "إن سألتهم عن سبب رغبتهم في الانضمام، تكون الإجابة دائماً الهيبة والاحترام. يريدون ضمان الحصول على وظيفة عندما يعودون إلى بلادهم، فمجرد الاسم يمنحهم مركزاً اجتماعياً في منطقة الشرق الأوسط حيث يكثر التركيز على الوضع الاجتماعي والرقي."

قد يفسّر ذلك استعداد الطلاب من المنطقة (أهلهم) ومن البلدان غير الأوروبية إلى دفع الأقساط التي تبلغ ثلاثة أضعاف الأقساط الجامعية المحلية. وفيما لم يجد البريطانيون أماكن شاغرة للعام المقبل، ما زال الطلاب الدوليون مرحب بهم في تلك الجامعات.

وفي هذا الصدد، يقول د. شون كورتيس من جامعات بريطانيا: "إنّ الجامعات البريطانية تتوسّع حول العالم في ما يتعلّق باستقطاب الطلاب. وما نطلبه هو تنوّع الأسواق، لذا لا يمكننا الاعتماد على الصين والهند لتزودانا بالكمّ الأكبر من الطلاب. نريد بلداناً أخرى أيضاً، لذا نريد استقبال مزيداً من الطلاب من منطقة الشرق الأوسط."

وزادت الجامعات البريطانية نسبة استقطابها للطلاب في أجواء ما بعد 11/9 عندما كانت السلطات الأمريكية تتشدد في متطلبات منح التأشيرات وحيث كانت سمعة الولايات المتحدة متردية. أمّا النزعة اليوم ففي التركيز على برامج الدراسات العليا بسبب النقص في الأماكن الشاغرة لطلاب المراحل الدراسية الأولى.
 
عددت على الأقل 8 مؤسسات بريطانية أعدت حرماً أو صفوفاً أو مكاتب تمثيلية لها في المنطقة. والحافز مزدوج: إنّهم يريدون تشجيع عدد أكبر من الطلاب على متابعة دراستهم في بريطانيا، كما يريدون أن يعدّوا البرامج على الأرض، ما سيولّد بشكل طبيعي انتقالاً مفيداً للتكنولوجيا إلى المنطقة.

إلاّ أنّ جامعات الولايات المتحدة لا تقف مكتوفة الأيدي حيث يعتبر الرئيس الجديد أنّ التعليم والبرامج التنظيمية هي أدوات أساسية لإعادة بناء سمعة البلاد في المنطقة. وقد أشار الرئيس أوباما إلى أهمية تلك العوامل في الخطاب الذي ألقاه في القاهرة.

ويقول الطلاب إنّه من المهم بالنسبة إلى تلك الجامعات أن تحافظ على استقلاليتها في ما  يتعلّق بالإدارة، وأن تجعل المناهج مطابقة للمعايير المعتمدة على الأراضي البريطانية أو الأمريكية. ويعتقد كثيرون أنّ هذا الحافز لتأسيس الفروع البعيدة سيتعثّر إن لم يمنح الاستقلالية.

وفي النهاية، ومع تطوّر الجامعات البريطانية والأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والصين والهند، ستتحول تلك الجامعات إلى مؤسسات عالمية لا تملك مكاتب وحسب بل مراكز وفروع قريبة إلى مناطق النمو، ولتحقيق ذلك، تحتاج إلى اسم معروف كما إلى "العامل ت"، أي إلى تاريخ طويل وراءها.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.