تقرير: يوسف رفايعة
هل تتمكن الأسهم السعودية من التعافي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تواصل الأسهم في السوق السعودية، أكبر بورصة عربية، مشوارا نزوليا ما يزال مستمرا منذ بداية العام الماضي، ما أفقدها أكثر من ثلثي قيمتها حتى الآن، وسط غياب مؤشرات على أي انتعاش قريب.
وتظهر بيانات بورصة الرياض، أن السوق فقدت 129.59 مليار ريال (نحو 34.6 مليار دولار) من قيمتها منذ بداية العام، وحتى نهاية تداولات الأربعاء، ما يزيد من خسائر السوق في 15 شهرا، لتصبح 1.151 تريليون ريال (307.4 مليارات دولار).
البورصة أنهت عام 2008 متراجعة بنحو 56 في المائة، عن العام الذي سبقه، ومع نهاية تداولات ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إذ بلغت قيمة الأسهم المدرجة نحو 925 مليار ريال، في حين كانت قيمتها 1.946 تريليون ريال في نهاية 2007.
ويعزو محللون هذه الانتكاسة في السوق السعودية إلى عوامل عدة، أبرزها الأزمة المالية العالمية وانعكاسها محليا، والتذبذبات القياسية لأسعار النفط، إضافة إلى تراجع أرباح الشركات المدرجة في السوق عام 2008.
ويقول ياسر صليان، وهو محلل في شركة سمسرة سعودية، إن عام 2008 يعد الأسوأ لأسواق المال حول العالم.. إذ تفاقمت تأثيرات أزمة الرهن العقاري، وتزايدت الإفلاسات، مما أثر على الأسهم السعودية بالترافق مع تراجع حاد في أسعار النفط."
والتراجع الذي تعرضت له بورصة الرياض، عمق خسائرها التي منيت بها منذ عام 2006، لتصبح نحو 80 في المائة، قياسا إلى أعلى مستوى وصله المؤشر عند مستوى 20635 نقطة في 25 فبراير/ شباط 2006 (المؤشر الآن 4130 نقطة).
وأضاف صليان، في تصريح لموقع CNN بالعربية: "كل ذلك ترك أثرا على نفسيات المتعاملين، وحالة من الإحباط في السوق، إضافة إلى عمليات المضاربة التي لم تخدم أحدا."
ووفقا لتقرير سنوي أعدته مجموعة "بخيت" الاستثمارية، فإن "أرباح الشركات السعودية شهدت تراجعاً خلال العام 2008، وبالأخص في الربع الرابع، حيث تأثرت بالأزمة المالية العالمية كما كان متوقعاً، وتباين تأثيرها بين التراجع الحاد في الأرباح إلى تسجيل الخسائر."
وأوضح التقرير أن "الشركة القيادية سابك سجلت في الربع الرابع 2008 أرباحاً بقيمة 311 مليون ريال بانخفاض حاد عن أرباح الربع الثالث 2008، والبالغة قيمتها 7.2 مليار ريال، وجاءت هذه الأرباح بفارق كبير عن الحد الأدنى لتوقعات المحللين عند مستوى 3 مليار ريال."
وأضاف التقرير: "البنوك السعودية أيضا سجلت بمجملها انخفاضاً في أرباحها، بمعدلات تراوحت بين 20 في المائة إلى 30 في المائة مقارنة بالربع الثالث 2008، كما سجلت الاتصالات السعودية انخفاضا نسبته 61 في أرباحها عن الربع الثالث 2008."
ولفت التقرير إلى انه "وبوجه عام فإن أداء معظم الشركات المدرجة جاء سلبياً، كما هو الحال في الشركات القيادية، وسجل مجموع صافي أرباح الشركات المدرجة في السوق تراجعاً في الربع الرابع 2008 بنسبة 69 في المائة مقارنة بالربع الثالث 2008، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها أرباح الشركات السنوية تراجعاً منذ العام 2003."
وإزاء ذلك التراجع، حاولت الحكومة السعودية التدخل بحزمة من الإجراءات لوقف تعثر السوق، لكن محللين قالوا إن تلك الإجراءات لم تؤتي ثمارها كما كان مؤملا، ولم توقف نزيف الأسهم.
ومن بين تلك الإجراءات، تطبيق الهيكلة الجديدة لقطاعات السوق ومؤشراته القياسية والتي تم العمل بها ابتداء من أبريل/ نيسان 2008، بهدف "إعطاء مقياساً أفضل لأداء الشركات في السوق حسب تنوع النشاط ويتم حسابها بناءاً على الأسهم الحرة (المتاحة للتداول)."
كما بدأت هيئة سوق المال السعودية بعرض قوائم كبار الملاك في الشركات المدرجة بالسوق على موقع "تداول" الإلكتروني، متضمنة أسماء جميع من يمتلك نسبة (5 في المائة) أو أكثر من أسهم كل شركة حسب سجلات مركز الإيداع لدى شركة تداول، ويتم تحديث هذه القائمة بشكل يومي.
وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مستوى الشفافية والإفصاح في تعاملات السوق، بحيث يطلع المستثمر على هذه المعلومات، بما يسهم في تعزيز الثقة لديه، ويساعده في اتخاذ القرار الاستثماري المناسب.
وجاء قرار الهيئة السعودية السماح للمستثمرين الأجانب (غير المقيمين) بالاستثمار في سوق المال المحلي، من خلال إبرام اتفاقيات المبادلة مع الأشخاص المرخص لهم بممارسة الأنشطة الاستثمارية في السوق، ليؤكد محاولات الحكومة لإنعاش السوق.
ويقول صليان: "رغم تلك المحاولات وحزمة الإجراءات الحكومية التي اتخذت على مدار العامين الماضيين، إلا أن ذلك لم يوقف نزيف الأسهم، ولم يعيد التفاؤل والثقة إلى المتعاملين في بورصة الرياض."
ورغم تدني مستويات التداول والتراجع اليومي للمؤشر، إلا أن آمال الانتعاش ما تزال تداعب المتعاملين في بورصة الرياض، وسط حذر في الشراء وتسرع في البيع، ربما يسهم في استقرار السوق، ولكن دون شك لن يعيدها إلى مستويات 2005.