الأزمة المالية تكشف فجوات تمويلية متزايدة للبلدان النامية
دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قال رئيس البنك الدولي، روبرت زوليك، الجمعة إن خطط التحفيز التي أقرتها الدول لتعزيز اقتصادها لن تتكفل وحدها بإصلاح الاقتصاد العالمي.
وقال زوليك إن على الحكومات أن تبذل جهوداً كبيرة لإصلاح النظام المصرفي، مشيراً إلى أن الخطر يكمن في أن تكون الجهود أقل مما يجب ومتأخرة كثيراً.
وقال للصحفيين خلال مؤتمر صحفي في لندن "عام 2009 يتطور على نحو يوحي بأنه سيكون عاما في غاية الخطورة."
وبين رئيس البنك الدولي أن الاقتصاد العالمي سيواجه "موجة من التحديات"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية.
وكان البنك الدولي قد قال في ورقة بحثية قبل يومين إن البلدان النامية تواجه نقصاً في التمويل يتراوح بين 270 و700 مليار دولار أمريكي هذا العام، مع ابتعاد المقرضين من القطاع الخاص عن الأسواق الناشئة، وعدم توافر الموارد اللازمة للحيلولة دون تزايد الفقر إلا لدى الربع فحسب من البلدان الأشد معاناة.
وأضاف البنك الدولي في البحث، المعد لطرحه على اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين السبت، أن مؤسسات التمويل الدولية لا تستطيع وحدها في الوقت الراهن أن تغطي النقص الذي يشمل الدين العام والخاص والعجز التجاري والذي يواجهه 129 بلداً، بل ولا النقص في الشريحة الدنيا منها.
وسيتطلب حل هذا الوضع تضافر جهود الحكومات والمؤسسات المتعددة الأطراف والقطاع الخاص. ولا يستطيع سوى ربع البلدان النامية المعرضة للمعاناة توفير التمويل لإجراءات تستهدف التخفيف من آثار التراجع الاقتصادي، ومن بينها إيجاد فرص العمل وإنشاء برامج شبكات الأمان.
وقال رئيس مجموعة البنك الدولي روبرت زوليك: "يجب علينا التفاعل بشكل فوري مع أزمة متنامية تلحق الضرر بسكان البلدان النامية... فهذه الأزمة العالمية بحاجة إلى حل عالمي."
وأضاف: "وتمثل الحيلولة دون وقوع كارثة اقتصادية في البلدان النامية جانباً هاماً من الجهود العالمية الرامية إلى التغلب على هذه الأزمة. إننا نحتاج إلى الاستثمار في شبكات الأمان وفي البنية التحتية وفي الشركات الصغيرة والمتوسطة بغية إيجاد فرص عمل وتجنب نشوب اضطرابات اجتماعية وسياسية."
وسيتراجع معدل نمو الاقتصاد العالمي على الأرجح هذا العام، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يقل النمو 5 نقاط مئوية على الأقل دون المستوى الممكن تحقيقه.
وتظهر توقعات البنك الدولي أن الناتج الصناعي العالمي بحلول منتصف عام 2009 سيكون أقل بنسبة 15 في المائة عما كان عليه عام 2008.
أما التجارة العالمية فهي على الطريق في عام 2009 نحو تسجيل أكبر تراجع خلال 80 عاما، مع وقوع أكبر الخسائر في شرق آسيا.
وسيكون للأزمة المالية آثار طويلة المدى على البلدان النامية. وسيزيد إصدار أدوات الدين من قبل البلدان المرتفعة الدخل زيادة حادة، مما يؤدي إلى إبعاد كثير من المقترضين من البلدان النامية، سواء أكانوا من القطاع الخاص أو القطاع العام. وقد اختفى فعليا كثير من المؤسسات التي كانت تقوم بدور الوساطة المالية للبلدان النامية.
أما البلدان النامية التي مازال بوسعها الوصول إلى الأسواق المالية فتواجه زيادة في تكلفة الاقتراض وانخفاضا في التدفقات الرأسمالية، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع الاستثمارات وانخفاض النمو في المستقبل.
وقالت نجوزي أوكونجو إيويال، المدير المنتدب للبنك الدولي: "حين بدأت هذه الأزمة كان الناس في البلدان النامية ولا سيما في أفريقيا هم المارة الأبرياء... ومع ذلك فليس أمامهم أي خيار إلا أن يتحمّلوا عواقبها الشديدة."
وأضافت "يجب أن ننظر إلى الفقراء باعتبارهم أصولا ثمينة لا أعباء. فالعولمة الجديدة يجب أن يكون الغرض منها اعتماد وسائل جديدة للرعاية بأطفالنا الرضع وتعليم شبابنا وتمكين نسائنا من أسباب القوة وحماية الضعفاء."
وأفادت الورقة البحثية بأن 94 بلدا من بين 116 بلدا ناميا تعاني من تراجع النمو الاقتصادي. ومن بين تلك البلدان، هناك 43 بلدا تعاني من مستويات مرتفعة من الفقر. وأشد القطاعات تأثرا حتى الآن هي القطاعات التي كانت الأكثر نشاطا، وهي في العادة قطاعات التصدير التي تتخذ مواقعها في المناطق الحضرية وكذلك البناء والتعدين والصناعات التحويلية.
ويزداد اعتماد العديد من أشد بلدان العالم فقرا على المساعدات الإنمائية مع تراجع صادراتها وعائداتها المالية بسبب هذه الأزمة. وقد تخلف المانحون بالفعل في الوفاء بتعهداتهم بزيادة المعونة والتي التزموا بها في قمة غلين إيغلز عام 2005، وذلك بمقدار 39 مليار دولار تقريبا. ومبعث القلق حاليا هو أن تدفقات المعونة ستزداد تقلبا حيث قام بعض البلدان بخفض ميزانية المعونات في حين أعادت بلدان أخرى تأكيد التزاماتها، على الأقل لهذه السنة.
وفي الأثناء، قال كبير الخبراء الاقتصاديين ونائب رئيس البنك الدولي جاستن ييفو لين إنه على البلدان المتقدمة أن تنفق جزءا من برامج التحفيز المالي في البلدان النامية حيث الآثار الاقتصادية قد تكون ضخمة.
وقال لين في هذه التصريحات "من الواضح أنه يجب ضخ موارد مالية في البلدان الغنية التي تمثل مركز الأزمة لكن تحويل استثمارات في البنية التحتية إلى البلدان النامية، حيث يمكن أن تخفف من الاختناقات على الطريق نحو النمو واستعادة الطلب سريعا، من شأنه أن يحقق قيمة أكبر لهذه الأموال ويكون عنصرا رئيسيا من عناصر الانتعاش."