الفودو.. جزء من المعتقدات الدينية لدى سكان هاييتي
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- في يوم من أيام ربيع عام 1980، وصل رجل غريب يمشي بتثاقل، وتعلو وجهه نظره غريبة، إلى سوق بلدة "لا استرا" في هاييتي، وقد أثار منظره الرعب في قلوب الفلاحين المحليين، خاصة عندما اقترب من امرأة تدعى أنجيلينا نارسيسا، ليقول لها إنه شقيقها كلارفيس الذي يفترض أنه مات ودُفن عام 1962.
ورغم غرابة الحادثة إلا أنها ليست فريدة من نوعها في هاييتي، التي تشهد سنوياً ظهور أكثر من حالة لعائدين من بين الأموات، وهي الظاهرة التي ألهمت هوليوود شخصية "الزومبي" أو "الميت الحي."
ورغم أن ظاهرة "الزومبي" مرتبطة بطقوس من ممارسات "الفودو" السحرية التي تنتشر في بعض جزر الكاريبي، حيث يزعم الكهان، الذين يطلقون على أنفسهم اسم "بوكرز،" القدرة على إحياء الموتى بعد تأدية طقوس معينة، إلا أن أخصائي في علم النفس يعتزم نشر بحث علمي يثبت من خلاله أن الظاهرة حقيقية في الواقع وتستند إلى أسباب منطقية.
ويقول الدكتور لامارك دويان، رئيس مركز "بورتو برنس" للأمراض العصبية إنه راقب ظاهرة "الزومبي" وتتبع حالاتها على مدار ربع قرن واكتشف الحد الفاصل فيها بين الأساطير والعلم.
وقد أجرى دويان مقابلات مع 15 من "الزومبي" الذين يؤكد أن جميعهم مصابون بإعاقات عقلية أو حالات تخلف ذهني أو أنهم مدمنون على الكحول، وفقاً لمجلة "تايم."
وبعد دراسة مكثفة على حالة كلارفيس، خلص دويان إلى أن الرجل الذي يفترض أنه عاد من بين الأموات لم يكن ميتاً بالفعل، بل كان ضحية سم يقوم بإخفاء المؤشرات الحيوية للبشر بشكل يجعلهم يبدون وكأنهم أموات كي يتم دفنهم وهم أحياء، لينبشون في وقت لاحق.
واعتمد دويان في استنتاجاته على تحليل مادة كيماوية حصل عليها من أحد سحرة الفودو في مختبرات الولايات المتحدة، حيث اتضح أنها تتضمن مجموعة من الأعشاب المحلية التي تسبب تهيج الجلد، إلى جانب بقايا من ضفدع "بوفو مارينوس" الذي يفرز مواد تسبب الهلوسة وتشل الجهاز العصبي، والقليل من سمكة "النفيخة" التي تحمل سماً عصبياً قاتلاً يدعى تيترودوتكسين.
وذكر دويان أن هذه السمكة تعيش أيضاً على سواحل اليابان، حيث يصنع منها طبق باهظ الثمن وشديد الخطورة، لأنه قادر على تسميم من يأكله إن لم يُعد بصورة جيدة تقضي على سم السمكة.
وأضاف أن مستشفيات اليابان تستقبل سنوياً عدة حالات لضحايا التسمم بسمكة "النفيخة" حيث تظهر عليهم عوارض "الزمبي" إذ تختفي مؤشراتهم الحيوية مثل التنفس ودقات القلب، وغالباً ما يعودون إلى الحياة قبل دفنهم بساعات، ويعانون من عوارض تستمر لفترة طويلة، وتظهر عبر ضعف في قدراتهم الجسدية والحسية.
ويقول دويان إن بعض حالات "الزومبي" تتم في هايتي بهدف استعباد الأشخاص الذين "يعادون إلى الحياة" ففي حالة كلارفيس الذي ترك عائلته لأعوام، فقد اتضح أنه عمل كعبد في مصنع لقصب السكر، حيث كان يقتات على طبق يعد من البطاطا ونبته "داتورا" المحلية التي تسبب بدورها الهلوسة وتضمن انقياد "الزومبي" لأسيادهم الجدد.
ويعتقد دويان أن عملية تحويل المرء إلى "زومبي" في هاييتي غالباً ما تتم لمعاقبة الذين يخالفون إرادة عائلاتهم أو مجتمعهم، حيث كان كلارفيس على سبيل المثال مختلفاً مع عائلته حول بيع قطعة أرض، في حين تعرضت سيدة أخرى للتجربة نفسها بسبب رفضها الزواج من رجل اختارته عائلتها لها.