عرض: حسام طوقان
الفيلم عالج مواضيع حساسة حتى بالمجتمعات الغربية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعد فيلم The Reader أو "القارئ" من الأفلام التي تثير الكثير من القضايا الشائكة التي تجتاح المجتمعات الغربية المعاصرة، فهو يناقش عدة قضايا، ابتداء من صمت المثقفين وصولا إلى العلاقات "الجنسية المحرمة"، في إشارة إلى حالة التناقض الصارخ التي تعانيه هذه المجتمعات ما بين المخفي والمعلن.
تدور أحداث الفيلم في العاصمة الألمانية برلين عام 1995، وذلك عندما يعود المحامي الألماني، مايكل بيرغ بذاكرته إلى سنة 1958، ليتذكر علاقة عاطفية أقامها، وهو في الخامسة عشرة من العمر مع هانا شميتز، 36 عاما، عاملة باص كهربائي، في إشارة إلى كسر المحرمات في ذلك المجتمع.
وتتميز علاقتهما، أنه بعد لقاءاتهما الجنسية، يجلسان عراة كي يقرأ لها مايكل شتى أنواع الكتب، من روايات الأديب الروسي تولستوي، وصولا إلى أوذيسة الشاعر اليوناني القديم هوميروس، وذلك في نوع من التواصل العاطفي الذي يتجاوز منحى أن تكون علاقتهما من النوع العابر، خصوصا وأن هانا لا تعرف القراءة والكتابة.
وتتوالى الأيام، حتى تختفي هانا بشكل مفاجئ، ولا يعثر مايكل لها على أثر، حتى يُصدم لاحقا عام 1966، وهو طالب نابغ بالقانون، بأن هانا متهمة مع مجموعة من السيدات بأنها كانت ضمن قوات الـSS التابعة للزعيم النازي أدولف هتلر، وقد وجهت لها تهمة إحراق 300 امرأة يهودية في كنيسة بأحد المعتقلات النازية.
ويصل الفيلم إلى نقطة فاصلة عندما تعترف هانا بأنها كتبت تقريرا حول هذه "المحرقة"، في حدث استسلامي واضح، إذ أنها - كما لاحظ مايكل - لا تجيد القراءة والكتابة، وبالتالي لا يحرك ساكنا لرفع الظلم عنها وعن مأساتها، وإجلاء الأمور، خصوصا وأنه حكم عليها بالسجن المؤبد.
وتستمر العلاقة بين العشيقين السابقين، بصورة غريبة، فهو يرسل لها أشرطة كاسيت ويقرأ لها مجموعة من النصوص الشهيرة، أسوة بما كان يصنعه بعد لقاءاتهما الجنسية في السابق، واستمر ذلك حتى انتحرت هانا قبل خروجها من السجن.
الفيلم رغم طابعه المأساوي يطرح قضية شائكة، وهي مسألة صمت المثقف عن الحقيقة، وحالة الكتمان الشديد التي تطفو على السطح رغم ما تزعمه المجتمعات الغربية من تميزها بالانفتاح والشفافية.
ويطرح الفيلم مسألة في غاية الالتباس، حيث يظهر كيف أنه حتى في الإطار الجنسي لا يزال المجتمع الغربي في حالة من التكتم، وهو ما تجلى في علاقة هانا ومايكل، الذي يبلغ أقل من نصف عمرها.
وبالمقابل، لا يخلو الفيلم من "توابل" إنتاجية، إذ نرى عدة مشاهد تظهر مفاتن، الممثلة الانجليزية، كيت وينسليت (هانا)، وهو الأمر الذي رفضه بعض النقاد، مثل ثيلما آدامز على موقع "هفينغتون بوست" الإلكتروني، إذ رأت أن هانا قد استغلت مايكل جنسيا، معتبرة أن مشاهدهما معا عبارة عن "مقاطع تستغل القاصرين إباحيا."
ومن جهة أخرى فإن الفيلم كان قد حقق نجاحا كبيرا، إذ فازت وينسليت بعدة جوائز، على رأسها الأوسكار كأفضل ممثلة، عن دور هانا، حيث تميز أدائها بقدر كبير من الشفافية والبراعة، في الوقت الذي تميز فيه المخرج ستيفن دالدري، بقدرة فائقة على ربط خيوط الفيلم الذي تتأرجح قصته بين الماضي والحاضر.