عرض: سامية عايش
نجدت أنزور خلال تصوير أحد المشاهد
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبل نحو عقدين من الزمان، تم إنتاج مسلسل "رأفت الهجان"، الذي اعتبره البعض من أهم الأعمال في عالم الجاسوسية بين إسرائيل ومصر، ورأى فيه عدد من النقاد توجها مهما نحو معالجة القضايا الحساسة بين إسرائيل ومصر.
وبعد نحو عشرين عاما، نفذ المخرج السوري نجدت إسماعيل أنزور عملا يعتقد كان يعتقد بأنه سيتفوق في قدرته الإنتاجية والإخراجية، بل والدرامية، على مسلسل رأفت الهجان، الذي ورغم تواضعه، نجح في نقل المشاهدين إلى عالم الجاسوسية بين مصر وإسرائيل.
"رجال الحسم" هو عنوان العمل الجديد لنجدت أنزور على شاشات التلفزيون خلال شهر رمضان، وهذا العمل من بطولة باسل خياط، وياسر المصري، ومايا نصري في ثاني تجاربها التمثيلية بعد مسلسل "بعد الفراق" المصري.
يحكي المسلسل قصة الشاب فارس، وهو شاب جولاني يعايش فترة احتلال الجولان في 1967، ويسافر إلى ألمانيا لينخرط "صدفة" في العمل الجاسوسي، ويتعرف إلى شبكة إسرائيلية تنتمي للموساد، ويخاطر من أجل الحصول على أسرار إسرائيلية قد تعين بلاده في المرحلة المقبلة.
ولعل أكثر ما يلفت الانتباه في هذا العمل هو مواقع التصوير التي اختارها المخرج وطاقمه لإتمام مسلسله، وهذه المواقع تنوعت ما بين الغوطة السورية، وألمانيا.
إلا أن المسلسل، وبحسب النقاد والمشاهدين، لم ينجح في الدخول إلى عالم الجاسوسية بشكل واضح وصريح، بل بدا العمل وكأنه يروي حكاية "الفارس المغوار" الذي لا يمكن لأحد أن يتصدى له، وأن همه الكبير والوحيد هو الوطن والأرض، ولا شيء آخر يهمه.
فمنذ بداية المسلسل، نرى الشاب فارس، وهو مدرس للغة العربية، هو من يحل جميع ألغاز القرية، وهو من يهتم لأمر الوطن، بينما الجميع مشغول بهموم الحياة اليومية، والتي، وبحسب متابعين، قد تكون في بعض الأحياة بالنسبة للإنسان العادي أهم من "ما قد يفعله الإسرائيليون في الأيام القليلة المقبلة."
وعندما يقرر فارس السفر إلى ألمانيا، نجد أنه يتقن الألمانية، ويتقن العربية والعبرية على السواء، وهو شاب لم يخرج خارج حدود الجولان، والمصادر العلمية في تلك الفترة لم تكن بوفرة المصادر هذه الأيام.
ولم تكن شخصية فارس هي الشخصية الوحيدة التي لم تحظ بإعجاب الجماهير والنقاد، بل هناك أيضا شخصيات أخرى لم تكن واقعية أبدا، كشخصية ميراج، أو سارة، التي تقوم مايا نصري بلعب دورها، حيث أن العيب قد يكون لدى الممثلة نفسها في عدم قدرتها على أداء الدور بشكل جيد، إلا أن ما يُشهد لها هو صمتها في بعض الأحيان ونظرات عينيها القادرة على إيصال المعاني أفضل من حديثها.
هناك أيضا بعض الأحداث التي تجري في المسلسل والتي قد لا تمت للواقع بصلة.
فمثلا، تقيم وفاء، ابنة أبي عدنان، علاقة خارج إطار الزواج مع شاب تتعرف إليه في دكان أبي فارس، وعندما يعلم الأهل بما حصل، يتصرفون كأن شيئا لم يكن، وأن ما حصل قد يكون "غلطة" يمكن للفتاة والشاب إصلاحها عبر الزواج، في حين أن المجتمعات العربية عموما لا تتعامل مع قضايا مثل تلك بمثل ما يشبه التساهل.
وعلاقة الشخصيات ببعضها البعض بدت غامضة بعض الشيء، فالعلاقة بين فارس وشقيقته بدت وكأنها علاقة بين حبيبين، ويظهر ذلك في شوقها له، ورغبتها في رؤيته، وسهرها الليل حتى تتمكن من لقائه في اليوم التالي.
كما أن علاقة الثقة المفرطة بين فراس، أو إيشاك، وهو اسمه اليهودي، وبين أفراد الموساد الآخرين، هي علاقة ثقة مطلقة، وكأن الموساد وأجهزة المخابرات تقوم فعلا على مثل هذه العلاقات.
بشهادات الكثيرين، لا يبدو "رجال الحسم" مصيبا في ما يعرضه، ولا يبدو أن نجدت أنور نجح فعلا في تغيير صورة الجاسوسية على الشاشات العربية، والتي ترسخت ولن تنسى أبدا منذ زمن "رأفت الهجان".