إيران تعد بمناسك ''هادئة''
الرياض، المملكة العربية السعودية (CNN)-- حذرت السعودية الاثنين جميع الذين يقصدون أراضيها في موسم الحج من أنها "لن تسمح لأي جهة" بتعكير صفو أداء هذه الفريضة، داعية جميع الحجاج إلى "الالتزام بمقاصد الحج الشرعية،" كما توعدت كل من يسعى لـ"العبث بأمن الحجيج ومحاولة شق الصف الإسلامي."
وجاءت المواقف السعودية خلال اجتماع مجلس الوزراء، برئاسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وذلك بعد أيام على تلويح إيران بتحركات تعتزم القيام بها خلال موسم الحج، ما أثار أزمة دفعت طهران إلى التراجع عن هذه التصريحات الاثنين، عبر التأكيد بأن مناسك الحج "ستجري بهدوء تام ومن دون أزمات."
وكان العاهل السعودي قد ترأس جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في قصر اليمامة بمدينة الرياض، وقد تحدث بعد الجلسة وزير الثقافة والإعلام، عبدالعزيز خوجة الذي قال إن المجلس "استمع إلى تقرير عن استعدادات جميع القطاعات ذات العلاقة بخدمة الحجاج."
وأضاف خوجة أن المجلس: "شدد على أن سياسة المملكة لا تسمح لأي جهة بتعكير صفو الحج والعبث بأمن الحجيج ومحاولة شق الصف الإسلامي مناشداً جميع الحجاج البعد عن كل ما يعكر صفو الحج وعليهم الاستفادة من وجودهم في الأراضي المقدسة في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى والالتزام بمقاصد الحج الشرعية."
بالمقابل، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن مندوب المرشد الإيراني لشؤون الحج، ري شهري، قوله إن مناسك الحج في العام الجاري "ستجري بهدوء تام ومن دون أزمات،" معتبراً أن ذلك "سيدخل اليأس في قلوب الأعداء."
وانتقد شهري ما قال إن وسائل الإعلام روجت له "حول نية الحجاج من إيران إثارة البلبلة خلال مناسك الحج هذا العام،" وأضاف أنه لا يمكن "قبول أي إجراء يهدد الوحدة و لا ينسجم مع توجهات کافة المسلمين،" علماً أنه من المتوقع وصول 60 ألف حاج إيراني إلى السعودية هذه العام.
وكان الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، قد حذر السعودية مما وصفه بـ"فرض قيود" على الحجاج الإيرانيين، وأكد بأنه لو لم تحترم مكانة الشعب الإيراني، فإن طهران ستتخذ إجراءات مناسبة.
واعتبر نجاد في کلمه له في اجتماع المجلس الأعلى للحج، أن مناسك الحج "فرصة استثنائية لنشر تعاليم الإسلام الأصيل والذود عن الإسلام"، وقال إن التواجد النشط للمسلمين وخاصة الإيرانيين في مناسك الحج، "من شأنه أن يحبط مؤامرات الأعداء ويؤلف قلوب المسلمين."
وأكد نجاد على ضرورة الاستفادة من كافه طاقات هذه الشعيرة، ومنها "البراءة من المشركين"، باعتبار ذلك "فرصة استثنائية"، على حد تعبيره.
من جانبه، قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إنه يجب "إبداء الحساسية في الحج إزاء الممارسات المناهضة للوحدة الإسلامية، أو المحاولات التي تتم بهدف المساس براية العالم الإسلامي الخفاقة المرفوعة في إيران."
وكان خامنئي واضحاً في استخدام مصطلح "الشيعة" وليس الإيرانيين في الحديث عن الحجاج، عندما انتقد ما وصفه بـ"الإهانات والتصرفات التي تتم ضد المسلمين الشيعة، وحتى الإساءة إلى الأعراض في البقيع أو المسجد الحرام ومسجد النبي، قائلاً إن إجراءات كهذه هي معادية للوحدة وباتجاه أهداف ومطالب أمريكا."
وقد استدعت هذه المواقف رداً حازماً من وزير الحج السعودي، فؤاد بن عبد السلام الفارسي، الذي حذر مما قال إنه "استغلال الحج لأغراض سياسية."
وكان موسم حج العام 2008 قد شهد بعض التوترات بين إيران والسعودية، عندما دعت طهران إلى تنظيم مراسم "البراءة من المشركين" في صحراء صعيد "عرفة"، لإطلاق "الصيحات" التي غالباً ما يتخللها تنديد بالولايات المتحدة وإسرائيل، وسبق أن تسبب تنظيمها بصدامات دامية راح ضحيتها المئات.
يُذكر أن مراسم "البراءة من المشركين"، التي كانت قد بدأت في عهد قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، روح الله الخميني، وقد جرت طوال سنوات، تتضمن تنظيم مسيرات ضخمة خلال موسم الحج، رأى خبراء أنها كانت في سياق السعي الإيراني لإثبات قوة الثورة في مناسبة يجتمع فيها ملايين المسلمين من حول العالم.
غير أن إحدى هذه التظاهرات، خلال موسم حج العام 1987، تحول إلى صدامات دامية، عندما حصلت اشتباكات بين البعثة الإيرانية وقوى الأمن السعودية، أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى، معظمهم من الإيرانيين.