عراقية تدلي بصوتها
بغداد، العراق (CNN)-- أغلقت مساء السبت صناديق الاقتراع في أول انتخابات لمجالس المحافظات العراقية منذ أربع سنوات، والتي جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، كان من بينها إغلاق الحدود البرية وفرض حظر تجول على الأشخاص والحافلات، تحسباً لأية أعمال عنف محتملة أثناء الانتخابات.
وأكد مسؤولون بوزارة الداحلية العراقية أن عملية التصويت جرت في كافة المحافظات، باستثناء المحافظات الكردية ومحافظة "كركوك"، دون أن يتم الإبلاغ عن وقوع أعمال عنف "كبرى"، باستثناء "هجومين محدودين"، لم تتوافر على الفور أية تفاصيل بشأنهما.
وسوف تبدأ عملية فرز الأصوات ستبدأ في وقت لاحق مساء السبت، بحسب لجنة الإشراف على الانتخابات، التي شهدت إقبالاً كبيراً من الناخبين، وفق مراسلة CNN التي قامت بجولة على عدد من مراكز الاقتراع، بمرافقة مراقبين من الأمم المتحدة.
وبسبب الإقبال على مراكز الاقتراع، قررت لجنة الانتخابات مد التصويت لساعة إضافية عن الموعد المحدد لإغلاق الصناديق، في العديد من المحافظات العراقية، بعدما لوحظ وجود عدد كبير من الناخبين في طوابير أمام مراكز الاقتراع ينتظرون الإدلاء بأصواتهم.
وينظر المسؤولون العراقيون والأمريكيون وممثلون عن الأمم المتحدة، بأهمية بالغة لأول انتخابات رئيسية في تاريخ العراق الجديد القصير نسبياً، والتي شارك فيها ملايين الناخبين بحسب تقديرات أولية.
وقال أبرز مسؤول في المنظمة الأممية في العراق ستافان دي ميستورا لشبكة CNN إن الانتخابات تمثل "رسالة رمزية" وتعتبر "فرصة للعراقيين لإظهار أن الديمقراطية يمكن أن تسير قدماً في البلاد والتحرك بعيداً عن الرصاص باتجاه مراكز الاقتراع.."
من جهته علق سفير واشنطن لدى العراق ريان كروكر قائلاً إن العراقيين "متحمسون.. من الصعب استقطاب اهتمام أي مسؤول سياسي رفيع في هذه البلاد حالياً ما لم يكن الأمر متعلق بهذه الانتخابات.."
انتخابات مجالس المحافظات ستجرى في 14 محافظة من محافظات العراق الثمانية عشرة، بمشاركة أكثر من 14 ألف مرشح، بينهم ما يزيد على أربعة آلاف امرأة، للمنافسة على 440 مقعداً.
ويوجد 15 مليون عراقي مسجلون في القوائم الانتخابية.
يُذكر أن انتخابات مجالس المحافظات هذه قد تم تأجيلها في محافظة "كركوك"، بالإضافة إلى محافظات الحكم الذاتي الثلاث "أربيل" و"السليمانية" و"دهوك" إلى وقت آخر، بسبب خلافات سياسية وعرقية لم تحسم حتى الآن، بين الأكراد والعرب والتركمان.
يُذكر أن أول انتخابات من هذا النوع كانت قد جرت في يناير/ كانون الثاني 2005 بعد عامين من الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.
لكن مجموعة الأزمات الدولية أشارت الثلاثاء في تقرير حول الانتخابات إلى أن نتائج الانتخابات السابقة التي جرت قبل أربع سنوات كانت بعيدة كل البعد عن الكمال، بسبب الإقبال الفاتر للعراقيين على المشاركة فيها بمن فيهم العرب السنة الذين تمتعوا بنفوذ واضح إبان حكم صدام حسين ليعاد ويتم إقصاءهم مع قيام الحكومة العراقية الجديدة ذات الأغلبية الشيعية.
غير أن العديد من التغييرات في مناخ السياسة العراقية والتشريعات التي تحكم المحافظات بالإضافة إلى الانتخابات عززت الآمال بالتغيير، خاصة مع تراجع حدة العنف المذهبي.
كذلك من بين التغييرات الحاصلة على الساحة السياسية وفق مجموعة الأزمات الدولية هو تكاثر لوائح المرشحين المستقلين وهو مؤشر جيد للتنوع وخطوة للإمام بعيداً عن الأحزاب المهيمنة.
هذا ومن بين المرشحين أربعة آلاف امرأة، وسيكون لهن وفق مجموعة الأزمات الدولية، "مقاعد مضمونة ضمن نظام الحصص."
وجاء في تقرير المجموعة "بغض النظر عن الأصوات المجمعة من قبل المرشحين، فإن الأحزاب متفقة على منح كل ثالث مقعد لمرشحة على قائمتهم، رغم أن حصص المقاعد التي ستشغلها امرأة في كل مجلس بلدي سيعتمد على توزيع الأصوات بين الأحزاب."
وبالإضافة إلى المخاوف الأمنية السبت، هناك مخاوف من التلاعب بنتائج التصويت والفساد السياسي عبر شراء الأصوات، وفق تقرير المجموعة.
وجاء في التقرير "الأحزاب الحاكمة تحكم قبضتها على السلطة وقد تستخدم المؤسسات الحكومية لمناصرة والتحالف والتحايل وربما التزوير لصون ذلك."
كذلك فإن الأقليات، مثل المسيحيين العراقيين غير راضون إزاء عدد المقاعد التي تمثلهم في المجالس البلدية وأعربوا عن قلقهم من حصول تزوير والاستفزاز السياسي ومشاكل أمنية تستهدفهم.
لكن رغم كل هذه العوائق، يتوقع أن تكون هذه الانتخابات أكثر نجاحاً ومغزى من تلك التي جرت قبل أربع سنوات وإن حصل بعض المشاكل.
ويرى العديد من المراقبين أن انتخابات مجالس المحافظات ستكون مقياساً لتوجه العراق السياسي ومثالاًً لما ستكون عليه الانتخابات التشريعية المقبلة في نهاية هذا العام.