ثمة إجماع فلسطيني على مروان البرغوثي
القدس (CNN)-- من زنزانته في سجن هداريم الإسرائيلي، حيث يقضي خمسة أحكام بالسجن المؤبد بعد إدانته في محكمة إسرائيلية بالقتل، وتهم أخرى تتعلق بدوره في التخطيط لهجمات على الإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية، لم ينف مروان البرغوثي، أحد أبرز اللاعبين في السياسة الفلسطينية، إحتمالية ترشحه للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة
كما أعاد البرغوثي، العضو في كل من اللجنة المركزية لحركة فتح، والمجلس التشريعي الفلسطيني، التأكيد على موقفه السياسي القاضي "بالحل القائم على دولتين لشعبين يعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن."
ويعتبر كثير من الفلسطينيين، البرغوثي بأنه أهم سجين قد يتم الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسير الإسرائيلي جلعاد شليط، الذي تحتجزه حركة حماس.
وبالنسبة لكثيرين من الفلسطينيين أيضاً، فهو الخليفة السياسي الوحيد المؤهل لخلافة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، الذي أعلن مؤخراً عدم سعيه لإعادة ترشيح نفسه لرئاسة السلطة.
ومن سجن هداريم، حيث يقضي عقوبته، أجاب البرغوثي على أسئلة CNN من خلال محاميه، خضر شقيرات، وفيما يلي نص المقابلة:
هل سترشح نفسك للرئاسة في الانتخابات المقبلة؟ وما الذي يجعلك مرشحاً جيداً لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية؟
في حال تم تحديد موعد ثابت ومحدد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وعندما تتحقق المصالحة الوطنية، وعندما نكون قادرين على إجراء الانتخابات في الضفة الغربية وغزة والقدس، سأتخذ القرار المناسب.
إنني فخور في الحصول على دعم شعبي من الفلسطينيين في الداخل والخارج، وكذلك الحصول على أكبر عدد من الأصوات في استطلاعات الرأي التي أجريت طوال هذه السنوات.
وصفتك بعض وسائل الإعلام بأنك "نيلسون مانديلا الفلسطيني"، هل تأمل بتحقيق التوقعات الصعبة التي قد تناط بك في أي وقت من الأوقات؟
إنني أكن احتراماً كبيراً للغاية لتجربة ومقاومة الزعيم الأفريقي العظيم مانديلا، الذي قاد شعبه إلى الاستقلال والحرية. وأتمنى أن أكون قادراً على المساهمة في تحقيق الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني. لقد نجح مانديلا، لأنه وجد شريكاً مثل زعيم الأقلية البيضاء، دي كليرك، ولكن في إسرائيل لا يوجد زعيم مثل ديغول الذي وضع حداً للاستعمار الفرنسي في الجزائر، كما لا يوجد دي كليرك لينهي نظام الفصل العنصري.
هل تغيرت خلال سنوات وجودك في السجن؟ وهل تغيرت آراؤك ووجهات نظرك السياسية وتوجهك السياسي؟
إن السجن مكان قاس ومرير خصوصاً وأنني قضيت الجزء الأكبر من وجودي في السجن في الحبس الانفرادي، بزنزانة، ثم مع مجموعة. غير أن هذا لم يغيّر آرائي السياسية.. مازلت مؤمناً بالحل القائم على دولتين لشعبين يعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن، وأعتقد أن مفتاح السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب إلى حدود 1967.
في الماضي، كنت تنتقد السلطة الفلسطينية بسبب الفساد، فهل تعتقد أنه (السلطة) بحاجة إلى التغيير والإصلاح، وفترة يتولى فيها القيادة زعماء سياسيين شباب مثلك؟
لقد قطعت السلطة الفلسطينية شوطاً طويلاً في مجال مكافحة الفساد والإصلاح، غير أن هذا لا يكفي. فالسلطة الفلسطينية تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد. وإنه لمن المؤسف والمحزن أنه لم تكن هناك أي أحكام أو عقوبات أو تهم ضد أي من المسؤولين الفاسدين حتى الآن.
نحن بحاجة الآن إلى الشفافية ونظام قضائي مستقل، وإقامة حكم القانون ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز الحريات الفردية، وحرية الصحافة، وتعزيز العمل بالتعددية السياسية.
كيف يمكنك حل النزاع بين حركتي فتح وحماس؟
خلال وجودي في السجن، عملنا أنا والأخوة من مختلف التنظيمات والفصائل على إعداد ما يسمى بـ"وثيقة الأسرى"، التي أصبحت إطاراً للوحدة وطنية، وتم التوقيع عليها من قبل جميع الفصائل الفلسطينية الثلاثة عشر في السابع والعشرين من يونيو/حزيران 2006.
وهذه هي أول وثيقة في تاريخ الفصائل الفلسطينية شاركت فيها منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، ووافقت على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود العام 1967، كما وافقت فيها على أن تفاوض منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة باسم الفلسطينيين، كما وافقت على الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ومن الممكن حل النزاع بالعودة إلى هذه الوثيقة وبتوقيع كافة الأطراف على الوثيقة المصرية للمصالحة الوطنية، ومن ثم اللجوء إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، واحترام القانون وإنهاء الانقسام الداخلي، وأخيراً من خلال إعادة إنشاء حكومة وحدة وطنية.
لقد وصف نهجكم في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه "نهج المقاومة والتفاوض"، فما هو نوع المقاومة التي تعنيها؟ هل هي القنابل؟ أم رمي الحجارة؟ أم العصيان المدني؟ أم الاعتصامات والمسيرات؟
من المعروف أن جميع حركات التحرر تفاوضت وقاومت، وما أعنيه بالمقاومة هو المقاومة التي يسمح بها القانون الدولي والشرعية الدولية.
وفي هذه المرحلة فإن النهج المتبع الذي يحافظ على الظروف القائمة هو النهج السياسي والدبلوماسي والتفاوضي، إلى جانب المقاومة الشعبية السلمية. إن من حق الشعب الفلسطيني أن يقاوم الجيش الإسرائيلي والاستيطان والاحتلال، وهي المقاومة التي وافقت عليها محكمة العدل الدولية في لاهاي، هذا بالطبع بالإضافة إلى ما وافق عليه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وكافة الأديان.
هل تعتقد أن هناك أمل بإطلاق سراحك ضمن عملية تبادل الأسرى قريباً؟
أنا جزء من القائمة التي تفاوض حركة حماس عليها مع إسرائيل، ولدي آمال وتوقعات كبيرة بأن يتم إطلاق سراحي ضمن هذه الصفقة.
ما شعورك عندما تبادل إسرائيل 1000 سجين فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي واحد فقط؟
تحتجز إسرائيل داخل سجونها ومعتقلاتها أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني أمضى بعضهم أكثر من 32 عاماً من حياتهم داخل السجون. بالإضافة إلى ذلك، تحتجز إسرائيل مئات المعتقلين دون تهمة أو محاكمة أو أي شيء.
إن إسرائيل دولة احتلال تستخدم القمع والعدوان ضد الفلسطينيين طوال عقود، فهي تصادر الأراضي وتبني المستوطنات غير الشرعية وتمارس أعمال القتل والاغتيال، وتعتقل حوالي 500 فلسطيني شهرياً، كما أنها تقيم الحواجز العسكرية وتحاصر قطاع غزة، وليس لدى الفلسطينيين سوى جندي واحد مقابل 10 آلاف أسير فلسطيني، لذلك من الطبيعي المطالبة بالإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى.
بالنسبة لإسرائيل فالجندي هو الجيش، والجيش يعني الدولة، لذا فإن الصفقة تعني إطلاق سراح 100 في المائة من الأسرى الإسرائيليين مقابل 10 في المائة من الأسرى الفلسطينيين.
قام عدد من رجال السياسية الاسرائيليين بزيارتك في السجن، لماذا يأتون إليك؟ وماذا يطلبون منك؟
لم يقم أي مسؤول إسرائيلي بزيارتي منذ اختطافي في إبريل/ نيسان عام 2002، ولكن قام عدد محدود من أعضاء البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بزيارتي.. ومعظمهم يقوم بهذه الزيارة كجزء من عمليات تفقد السجون والسجناء. أما الأحاديث فهي غالباً ما تتعلق بالتطورات السياسية، وممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
لقد استمعوا إلى آرائي ووجهات نظري التي أعلنتها دائماً، وهي أن أول يوم للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو آخر يوم في عمر الاحتلال، وأن حل الدولتين هو الحل الأكثر ديمومة، رغم أنه يصبح أكثر صعوبة بمرور الوقت.