أوباما أثناء توقيع القرار وبجواره نائبه جو بايدن وعدد من مسؤولي إدارته الجديدة
واشنطن، الولايات المتحدة (CNN)-- في ثالث يوم له منذ دخوله البيت الأبيض، وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس، ثلاثة قرارات تتعلق بالحرب التي بدأتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش ضد ما يُعرف بـ"الإرهاب"، من بينها قرار يقضي بإغلاق معتقل "غوانتانامو" في غضون عام، بالإضافة إلى مذكرة تتعلق بتأجيل محاكمة أحد المعتقلين تصنفه واشنطن بأنه "مقاتل عدو."
كما وقع الرئيس الأمريكي الجديد قراراً يقضي بمنع استخدام أساليب التعذيب أو تلك التي تتضمن انتهاكات لحقوق الإنسان، أثناء استجواب المعتقلين على خلفية اتهامات إرهابية، وطلب من المحققين الفيدراليين ضرورة الالتزام بما ورد في نصوص اتفاقيات جنيف.
أما القرار الثالث فيتضمن استحداث فريق داخلي بين مختلف الوكالات والأجهزة الأمنية، يختص بإعادة النظر في السياسات والإجراءات التي جرى اتباعها في عمليات اعتقال المحتجزين، بالإضافة إلى دراسة ومراجعة كل حالة من تلك الحالات على حدة.
وتتعلق المذكرة التي وقعها أوباما الخميس، بتأجيل محاكمة القطري علي صالح كحلة المري، الذي كان يقيم بشكل شرعي في الولايات المتحدة، وتعرض للاعتقال في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، باعتباره "مقاتل عدو"، إلا أنه لم توجه إليه أية اتهامات رسمية طوال فترة احتجازه، وهو الوحيد المعتقل داخل الأراضي الأمريكية بتهمة "الإرهاب."
وخاطب أوباما عدداً من ضباط الجيش الذين حضروا مراسم التوقيع في البيت الأبيض، قائلاً إن قراره بإغلاق معتقل غوانتانامو، يهدف إلى "استعادة المعايير الأمريكية والقيم الدستورية، التي جعلت هذا البلد هي الأعظم حتى في أوقات الحروب، وكذلك في التعامل مع قضايا الإرهاب."
وعن قراره الثاني قال إنه "يضمن الالتزام بتعهدات الولايات المتحدة في الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك معاهدات جنيف، وكذلك ضمان معاملة أي سجين في الولايات المتحدة بصورة ملائمة، وأن يتم استجوابه من جانب أشخاص يلتزمون بالدليل الميداني للجيش الأمريكي، الذي يعكس أفضل قواعد وأحكام الجيش التي ينبغي الالتزام بها، والتي تحظر التعذيب."
كما اعتبر أن هذه القرارات لا تشكل فقط الالتزامات التي تعهد بها خلال حملته الانتخابية، "بل تعبر كذلك عن فهم للمعايير التي التزم بها مؤسسو الدولة حتى في الأوقات العصيبة"، بحسب قوله.
وأضاف أن قراره الثالث يقضي بتشكيل "فريق عمل خاص" مؤلف من وزراء العدل والدفاع والخارجية والأمن الداخلي، ومدير الاستخبارات الوطنية، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومسؤوليين آخرين.
وأوضح أن هذه الفريق مهمته "تقديم المعلومات اللازمة حول سبل التعامل مع مسألة نقل المحتجزين في غوانتانامو، الذين يصعب نقلهم إلى دول أخرى، والذين قد يشكلون خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة، ولا يمكن محاكمتهم بسبب مشكلات تتعلق بالأدلة وفقاً للمادة الثالثة من نظام المحاكم الأمريكية."
كما أن ذلك الفريق "سوف يتعامل أيضاً مع سياسات الاحتجاز، بهدف تجنيب الولايات المتحدة أن تجد نفسها مرة أخرى في مثل هذا الموقف مستقبلاً، بالإضافة إلى تقديم دليل واضح للجيش الأمريكي لشرح إمكانية التعامل مع عمليات الاحتجاز."
وقال أوباما إن تلك القرارات "تبعث برسالة إلى العالم بأن الولايات المتحدة تعتزم إخضاع الحرب على الإرهاب إلى القانون، بصورة فعالة وبشكل يتفق مع القيم والمثل الأمريكية"، التي اعتبر أنها "تمنحنا القوة والأرضية الأخلاقية"، مؤكداً في الوقت نفسه عزم الولايات المتحدة "الفوز بهذه المعركة (ضد الإرهاب) وفقاً لشروطها."
وكان الرئيس أوباما، قد بدأ عمله في البيت الأبيض الأربعاء، اليوم التالي لتنصيبه رسمياً رئيساً للولايات المتحدة، بالطلب من أعضاء إدارته وقادة الجيش الأمريكي، تعليق محاكمات المشتبهين بالإرهاب في معتقل غوانتانامو لمدة 120 يوماً، أي حتى العشرين من مايو/ أيار المقبل.
وتعهد أوباما، مراراً خلال حملته الانتخابية، بإغلاق معتقل غوانتانامو، بعد الانتقادات الحادة التي تعرضت لها إدارة سلفه بوش، والتي طالت قادة القوات الأمريكية، المسؤولة عن المعتقل، خصوصاً فيما يتعلق بانتهاك حقوق المعتقلين وتعرضهم للإساءات والتعذيب.
وفي وقت سابق على توليه منصبه رسمياً، اعتبر مراقبون أن قضية علي المري، المحتجز في أحد السجون العسكرية بولاية "ساوث كارولينا"، بعدما اتهمته الإدارة السابقة بأنه "عميل نائم" لتنظيم القاعدة، سيشكل "اختباراً مبكراً" لأوباما فور دخوله إلى البيت الأبيض.
وفيما يتوجب أن يبلغ الرئيس الجديد المحكمة العليا، خلال شهر، بما إذا كان سيمضي قدماً بمواصلة احتجاز من تعتبرهم الإدارة السابقة "مصدر تهديد" للأمن القومي الأمريكي، دون توجيه اتهامات محددة لهم، أو أنه سيتخلى عن تلك "المزاعم"، فقد اكتفى أوباما بتأجيل محاكمة المري، ليمنح نفسه مهلة من الوقت قبل اتخاذ قرار نهائي بهذا الصدد.
وكان المري قد أقام دعوى ضد وزير الدفاع السابق، دونالد رامسفيلد، اتهم فيها مسؤولي القاعدة العسكرية المحتجز فيها منذ عام 2003 دون محاكمة، بمنعه من الحصول على حقوقه، واضطهاده، وذلك بعد أن تم توجيه اتهامات له بالكذب على المحققين والانتماء إلى "مقاتلين أعداء."