من آثار الإبادة في رواندا
(CNN)- يقوم الناجون من الإبادة الجماعية في رواندا بمحاكمة مرتكبين جريمة الإبادة من خلال "الغاكاكا،" وهي هيئة محلية أسست لمحاكمة المشتبه بهم في الجرائم العنيفة التي شهدتها البلاد عام 1994.
وخلال الجلسات، يقوم البعض بمواجهة المعتدين عليهم والشهادة ضدهم، وهم يحملون تشوهاتهم وإعاقتهم كدليل على ما جرى، أما البعض الآخر ممن يعاني آثاراً نفسية، مثل موريس مورينزي، وهو رواندي مقيم في ولاية تكساس الأمريكية، فيقوم خلال زياراته المتكررة لراوندا لحضور المحاكمات بالاكتفاء بالإنصات.
مورينزي هو واحد من آلاف الناس الذين يحضرون محاكم "الغاكاكا" في جميع أنحاء رواندا، ويقول إن هذه المحاكمات تعافيه من الآثار التي يعاني منها، حيث أن باستطاعته رؤية الندم على وجوه المعتدين مما لا تسمح به المحاكم القانونية.
وفقد مورينزي، وهو أحد أفراد أقلية التوتسي التي تعرضت للإبادة في العاصمة كيغالا، معظم أفراد عائلته في تلك الجرائم التي كان في أثنائها متواجدا في أوغندا مع والديه.
وقال مورينزي: "شقيقات والدتي وأشقائها وأعمامي قتلوا جميعا ودفنوا في مقابر جماعية."
وتقام جلسات الاستماع في محاكم "الغاكاكا" ضمن حقول مفتوحة بالأحياء التي حدثت بها الإبادة. وذلك في غياب محامين أو قضاة، إذ يكتفي السكان بحضور مجموعة من القرويين المحليين الذين لا يمتلكون الخبرة القانونية.
وأُقيمت هذه المحاكم بعد الإبادة الجماعية في أبريل/نيسان 1994 التي استمرت لمدة مائة يوم. وسقط أغلب ضحاياها من أقلية التوتسي العرقية، التي كانت هدفا لاعتداءات عرقية الهوتو، بسبب خلاف يعود تاريخه إلى أيام الاستعمار.
وكان "الغاكاكا" قد نشأت في البداية لحل الخلافات البسيطة بين القرويين، ولكن أُعيد استخدامها لتحقيق العدالة لجناة الإبادة وتعجيل عملية المصالحة.
وقال الرئيس الرواندي بول كاغامي لـCNN أنه يوجد 130 ألف مشتبه بهم في السجن و عدد أكبر من ذلك خارجه.
وحسبما قال الرئيس، فإن نظام العدالة في البلد، والمحكمة الجنائية الدولية، قد دهشتا بعدد المشتبهين بهم، وقد يستغرق النظر في جميع الحالات مئات السنين بسبب كثرة القضايا.
وقال كاغامي إن القادة والعقول المدبرة للإبادة يتم محاكمتهم في محاكم قانونية، في حين يصار إلى محاكمة المدنيين الذين شاركوا، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الإبادة عن طريق محاكم "الغاكاكا."
على الرغم من ذلك، فان البعض ينتقد هذه المحكمة بشدة، و يقول أنها مملوءة بالمشاكل.
وقالت جورجيت غانيون، المسؤولة على أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إنها تخشى من أن المحكمة لا تتمتع بالمعايير الدولية للعدالة.
وحسبما أفادت شبكات المعلومات الإقليمية المتكاملة التابعة للأمم المتحدة، فان "الغاكاكا" حاكمت 1.5 مليون حالة منذ أن باشرت عملها في عام 2001، و لكن يوجد نداءات تطالب بإغلاقها، علماً أن الحكومة الرواندية قامت في يونيو/حزيران بتأجيل تطبيق قرار من هذا النوع.