التسجيل مترجم للإنجليزية والألمانية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وجّه زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، رسالة صوتية جديدة هي الثانية له خلال سبتمبر/أيلول الجاري، خصصها للشعوب الأوروبية، التي طلب منها العمل على سحب قوات دولها المنتشرة في أفغانستان، محذراً إياها من قرب هزيمة واشنطن في الحرب وبقائهم بمفردهم إلى جانب المناطق التي يسكنها المسلمون فـ"يقتص المظلوم من الظالم" على حد تعبيره.
وقال بن لادن، في التسجيل الذي لم تتمكن CNN من تأكيد صحته بشكل مستقل، إن الأوروبيين سيتفهمون ما وصفها بـ"الأحداث الدامية" في لندن ومدريد، في إشارة إلى الهجمات التي نفذتها خلايا مرتبطة بتنظيمه في هاتين العاصمتين، لو أنهم عرفوا بـ"الجرائم" التي ترتكبها القوات الأمريكية بأفغانستان وقتل المدنيين في الغارات الجوية.
وفي التسجيل الذي برز فيه ظهور نسخ تحمل مترجمة إلى اللغتين الألمانية والإنجليزية، قال بن لادن: "إلى الشعوب الأوروبية، تعلمون أن البغي يصرع أهله، ومن أفظع الظلم، قتل النفس بغير حق، وهذا ما تفعله حكوماتكم وجنودكم تحت مظلة الناتو بأفغانستان، تقتل الأطفال والشيوخ والنساء، جريمتهم أن (الرئيس الأمريكي السابق جورج) بوش قد غضب عليهم، مع معرفتكم بأنهم لم يفعلوا شيئاً ضد أوروبا ولا صلة لهم بأحداث أمريكا."
وتابع بن لادن، في الشريط الذي لم تتجاوز مدته أربع دقائق ونصف: "لن يمضي كثير وقت حتى ينجلي غبار الحرب في أفغانستان ولن تجدوا فيها أثراً لأمريكي، وسيغربون إلى ما وراء الأطلسي، ونبقى نحن وأنتم فيقتص المظلوم من ظالمه."
وأضاف: "لكم في حال أختكم جورجيا عبرة، فأهلها قصفوا وذلوا وطلبوا المساعدة من أمريكا، فلما ألحوا بالطلب جاءتهم الأساطيل الأمريكية، ليس لاستعادة أوسيتيا بل لتوصيل ما لا يحتاجون إليه من خيم ومنظفات الملابس."
وتابع بالقول: "من العيب على المرء أن يكون في حلف لا يبالي قائده الأكبر بدماء البشر، يقصف القرويين بالطائرات عن عمد، وأنا على ذلك من الشاهدين،" متهماً القوات الأمريكية بدفع مائة دولار لكل طفل يقتل عن طريق الخطأ، وسأل "هل نجد في أوروبا كبشاً بمائة دولار؟"
وأردف "المطلوب الأول في العالم" قائلاً: "فكيف تتوقعون رد فعلنا؟ ولو رأيتم ما فعل حليفكم مع أعوانه في شمالي أفغانستان بحشر آلاف من طالبان في الحاويات التجارية كما يحشر السردين وإغلاقها عليهم حتى يموتوا أو يلقوهم في النهر لتفهمتم الأحداث الدامية في مدريد ولندن، وكل ما ذكرته موثق، وعندما حققت الأمم المتحدة ضغطت عليها إدارة بوش لمنعها."
وختم بالقول: "نحن لا نطلب باطلاً ولا شططاً، ومن العدل أن تسحبوا جنودكم، وإن كانت أوروبا تعاني من الأزمة، في حين تترنح أمريكا بداء نزيف الحرب، فكيف سيكون حالكم بعد أن تنسحب أمريكا فنقتص للمظلوم من الظالم، فالسعيد من وعظ بغيره ودرهم وقاية خير من قنطار علاج والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل."
والملاحظ في التسجيل أنه يحمل إشارة "السحاب" وهي الذراع الإعلامية التي غالباً ما تنتج تسجيلات تنظيم القاعدة، وقد بدأه بن لادن وختمه بجملة "السلام على من اتبع الهدى" التي يرى بعض رجال الدين المسلمين أنها الصيغة التي يجب من خلالها توجيه التحية لغير المسلمين.
وتأتي هذا الرسالة بعد تسجيل 14 سبتمبر/أيلول الجاري، الذي حذر فيه بن لادن، الشعب الأمريكي من مغبة تحالف إدارته الوثيق مع إسرائيل، داعياً إياه إلى مراجعة هذا الحلف، لافتاً إلى أن سياسة الإدارة الأمريكية السابقة مازالت قائمة.
وقال في التسجيل الصوتي، بث على موقع إلكتروني يستخدمه أنصار القاعدة ومدته 11 دقيقة: "أيها الشعب الأمريكي، حديثي هذا إليكم تذكيراً بأسباب الحادي عشر وما تبعها من حروبٍ وتداعيات والسبيل لحسمها من أصلها."
واتهم بن لادن في تسجيله الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بالضعف، قائلاً: "أوباما رجلٌ مستضعف لن يستطيع أن يوقف الحرب كما وعد بل سيماطل إلى أقصى درجةٍ ممكنة، ولو كان له من الأمر شيء لسلَّم القيادة للجنرالات المعارضين لهذه الحرب العبثية كقائد القوات في العراق سابقاً الجنرال سانشيز وكقائد القيادة الوسطى الذي أجبره بوش على الاستقالة قبل مغادرته للبيت الأبيض بفترة يسيرة بسبب معارضته للحرب ونصَّب بدلاً منه من يسعرها من بعده."
واتهم المحافظين الجدد بأنهم يمارسون التخويف والإرهاب الفكري على الأميركيين، وقال إنهم ما زالوا مسيطرين، فـ"سيتبين لكم مع الأيام أنكم لم تغيروا في البيت الأبيض سوى الوجوه، أن الحقيقةَ المرّة هي أن المحافظين الجدد ما زالوا يلقون بظلالهم الثقيلة عليكم."
ولفتت خبيرة الإرهاب، لورا مانسفيلد إلى أن التسجيل الصوتي لم يحمل صورة جديدة لزعيم تنظيم القاعدة، الذي شوهد آخر مرة في تسجيل مرئي تزامن بثه والذكرى السادس لهجمات 11/9.
ولا يزال بن لادن بمنأى عن قبضة العدالة، رغم انتشار عشرات الآلاف من جنود الجيش الأمريكي في مناطق النزاع مع التنظيم وحلفائه، سواء في العراق أو أفغانستان، وصولاً إلى المناطق الحدودية مع باكستان، التي فيها تواجد أمني مكثف.