تبدل كبير في مراكز الثقل بالإمارات

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

خلال الأيام الماضية قمت بجولات مكوكية بين مدينة دبي، وشقيقتها أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لحضور مجموعة من الأحداث والفعاليات، وإجراء بعض المقابلات.

وفي إحدى الرحلات، تشاركت السفر مع صديق اعتاد على التنقل اليومي بين المدينتين، وبات يدرك تحديات السير على الطرقات السريعة المفتوحة بينهما، حيث يعمد السائقون إلى استخدام الإشارات الضوئية لتجاوز بعضهم البعض، أو لدفع من أمامهم إلى زيادة سرعته، وأحياناً التجاوز من خارج خطوط الطريق الشرعية.

وتزداد كثافة الازدحام المروري بين المدينتين في ساعات الذروة صباحاً ومساء، خاصة مع الجاذبية المتزايدة للعاصمة الثرية وقدرتها على مواصلة توفير الوظائف.

ولكن الأهم من الزحام المروري للناس العاديين، كان الزحام الدبلوماسي على أبواب أبوظبي، ففي فندق "قصر الإمارات" الذي بلغت تكلفته ثلاثة مليارات دولار شاهدت رئيس وزراء كازاخستان، الذي كان في البلاد للقاء ولي عهد الإمارة، كما شاهدت شقيقه الواسع النفوذ، والذي اشترى مؤخراً فريق مانشستر سيتي الإنجليزي؟

ومع تقدم ساعات النهار، شاهدت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، التي توقفت في أبوظبي ضمن جولة تقودها إلى السعودية والبحرين وقطر.

وبالتزامن مع هذه الزيارات، كان رئيس وزراء اليونان، جورج بابانديريو، يزور أبوظبي أيضاً، وفي جعبته قضايا حاسمه بالنسبة لمصير بلاده الغارقة في أزمتي الديون وعجز الموازنة، ويبدو أنه ناقش هنا ما سبق أن طرحه في المؤتمر الاقتصادي الأخير في العاصمة اللبنانية بيروت، عندما حض المستثمرين العرب على انتهاز الفرصة والاستثمار في بلاده.

إذا تمكنت من رؤية ثلاثة من قادة العالم خلال ساعات في الفندق الإماراتي، هذا دون ذكر الزيارات التي لم يتم الإفصاح عنها.

لقد بات الخليج مركزاً جاذباً على مستوى العالم، وفي قلب هذه المنطقة تقع دولة الإمارات العربية المتحدة التي تحتضن اليوم أكبر صندوق سيادي في العالم، إلى جانب سبعة صناديق أخرى تساعد على نقل اقتصاد البلاد إلى مجالات تتجاوز الاعتماد على الطاقة وصادرات النفط.

ولا تبدو زيارة ميركل للمنطقة أمراً مفاجئاً، خاصة وأن السيولة المتوفرة فيها تعادل 1.5 ترليون دولار، ومما لا شك فيه أن دول الشرق الأوسط التي ارتبطت لفترة طويلة بالدولار مهتمة بمعرفة ماذا سيحصل للعملة الأوروبية التي باتت قريبة جداً من التعادل مع الدولار في سعر الصرف.

كما لا يمكن لميركل أن تتجاهل اهتمام تلك الصناديق بالصناعات الألمانية، فقد سبق أن استثمرت أبوظبي في شركة "ديملر" للسيارات، ومعها صندوق حكومي من الكويت، بينما وضعت قطر يدها على حصة تبلغ سبعة في المائة من شركة "فولسفاغن،" كما تشترك عدة جهات خليجية في الاستثمار بمصرف "دويتشه بنك."

قبل سنوات، قامت حكومة أبوظبي بوضع سياسة واضحة للاستثمارات، تضمنت تأسيس شركة "الاتحاد" للطيران، مع طموحات عالمية، إلى جانب استضافة سباقات "F1" ومتاحف عالمية، ويبدو أن الخطة تسير في الطريق الصحيحة، ويمكن رؤية التطور يتزايد يوماً بعد يوم في أبوظبي، خلال سيرك على الطريق السريعة التي تربط المدينة بجارتها دبي.

قبل عقد من الزمن، عندما افتتح فندق برج العرب، المعلم السياحي الفاخر في دبي، باتت الإمارة محطة ضرورية لأبرز المشاهير حول العالم، وأظن أنه بعد عقد من الزمن، وربما عام 2020، سنتذكر كيف قام المشاهير حول العالم بوضع الخليج، وخاصة أبوظبي، على جدول رحلاتهم، فرغم التكلفة الباهظة لفندق "قصر الإمارات،" إلا أن الزحام هناك لا يبدو أنه قابل للانقطاع هذه الأيام.