لندن، بريطانيا (CNN) -- بينما تمتد اليد الأوروبية إلى أيرلندا، لانتشالها من أزمة ديون طاحنة، يرى محللون أن الأزمة لن تتوقف عند دبلن، بل إنها مرشحة للانتشار في عدد من الدول الأوروبية، والأقرب في طابور الحصول على المساعدات هي البرتغال.
وتشهد البرتغال التي أعلنت الحكومة فيها إجراءات تقشفية صارمة، أجواء مشابهة لتلك التي شهدتها اليونان قبل أن تتلقى حزمة قروض ضمن برنامج الإنقاذ الأوروبي الذي نفذه الاتحاد بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
ويوم الأربعاء الماضي، نظمت نقابتان عماليتان في البرتغال إضرابا للاحتجاج على إجراءات التقشف، التي قالت الحكومة إنها ستقرها من أجل معالجة أزمة الديون.
وكان رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سوكراتس قال إن حكومته وضعت خططا لخفض الأجور وزيادة الضرائب في مسعى لتقليص العجز في الميزانية، والذي يضع البلاد لتكون الثالثة في خطة إنقاذ مفترضة بعد أيرلندا واليونان.
وفي وقت قد تكون فيه اليونان على الطريق نحو الانتعاش الاقتصادي، وفقا لصندوق النقد الدولي، إلا أن الأزمة التي تجتاح منطقة اليورو وشركاءها، أيرلندا وأسبانيا والبرتغال، تثير المزيد من التساؤلات حول مستقبل العملة الأوروبية المشتركة.
وتحتاج أيرلندا إلى تمويل عاجل لدعم قطاعها المصرفي، وتثبيت وضع الحكومة التي ضخت مليارات الدولارات لإنقاذ بنوكها، بينما تسعى أوروبا إلى تبديد المخاوف بشأن الاقتصاد الايرلندي، والتي أدت لانخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار، والضغط على أسواق الأسهم.
ولتكتمل الأزمة، هناك مخاوف من وضع البرتغال وأسبانيا، إذ أن كلتا الدولتين لديهما عجز في الميزانية مشابه لذلك الذي في أيرلندا، ويمكن أن تكونا في طابور الانتظار للحصول على خطة إنقاذ، ما من شأنه أن يضع ضغطا هائلا على منطقة اليورو، خصوصا إذا قررت أسبانيا طلب المساعدة.
والخميس، رفض رئيس صندوق الإنقاذ الأوروبي، المعروف باسم مؤسسة الاستقرار المالي الأوروبي، الاقتراحات القائلة بأن المال في الصندوق ربما ينفد إذا انتشرت الأزمة، مؤكدا أن "منطقة اليورو ليست في طريقها إلى التفكك."
وقال كلاوس ريغلنغ، لصحيفة بيلد الألمانية الخميس، إنه "لا يمكن تصور" أن اليورو قد يفشل، مضيفا: "لا يوجد بلد يريد ترك منطقة اليورو بمحض إرادته.. إذ أن ذلك سيكون بمثابة انتحار اقتصادي للبلدان الضعيفة والقوية على حد سواء."
لكن المحلل الاقتصادي ديفيد بويك، قال لشبكة CNN إن "منطقة اليورو في حاجة ملحة للإصلاح،" إذ أن الأعضاء فيها أخذوا بالعمل على أجنداتهم الخاصة.
وأضاف: "إنها كارثة كانت على وشك الحدوث وحدثت، وأعتقد أن ما أضر بالقضية الأوروبية في الوقت الراهن هو أن القيادات ضعيفة، ولم يكونوا جميعا يعملون على قلب رجل واحد."
وفي وقت سابق من هذا العام، قالت صحيفة تلغراف البريطانية إن فرنسا وألمانيا تدرسان إنشاء منطقة يورو جديدة من مستويين، الأول يدعى "سوبر يورو،" ويضم فرنسا وألمانيا وهولندا والنمسا وفنلندا، بينما تترك الدول المتبقية "الفقيرة ذات الأداء الضعيف" في المستوى الثاني.
والفكرة هي أن الاقتصاديات في الدول الشمالية الأكثر ثراء ستكون في منأى عن عدوى الديون، في حين أن دول "الجنوب" ستكون في قلب المعاناة لخوض تجربة الدين وحدها.