دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- جزم عدنان يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية، بخروج معظم أسواق المنطقة من عنق الزجاجة على المستوى الاقتصادي، مستبعداً حصول انكشاف على قروض جديدة، رغم المخصصات العالية التي جرى تجنيبها، إلا أنه شدد على ضرورة حصول عمليات اندماج قريبة، لبناء قاعدة مصرفية قادرة على مواكبة متغيرات المنطقة.
وقال يوسف، الذي يرأس أيضاً مجموعة البركة المصرفية، في حديث لـCNN بالعربية، إن العقوبات المفروضة على إيران، سيكون لها تأثير على مصارف المنطقة، لكن التأثير الأكبر سيكون على الدول المصدرة.
كما دعا إلى الاحتراس من آثار حرب عملات ممكنة في العالم، خاصة وأن تداعياتها قد تكون ضارة على دول أخرى، بما فيها الدول العربية نفسها.
وتحدث يوسف عن أوضاع المصارف العربية، على ضوء نتائج الربع الثالث التي أظهرت مكاسب أقل من المتوقع، ومخصصات أكبر من المنتظر، فقال: "قرأت الأمر من عدة زوايا، من ناحية مصرفية أنا لم أتطلع إلى معيار الربح فحسب، بل هناك معايير أخرى، مثل زيادة التمويلات والأصول والودائع، وهذه كلها مهمة."
وتابع: "بالنسبة للبنوك الخليجية، فقد كانت الأرباح المجمعة جيدة في البحرين وقطر وسلطنة عُمان، وحتى في الإمارات، أما في السعودية فالأرباح جيدة، ولكن المصارف اقتطعت منها أجزاء كبيرة كمخصصات، وهذا يدل على أنها (المصارف)، وجدت أن نتائج سنة 2010 مقبولة بالنسبة لها، فأخذت بتجنيب بعض الأرباح كمخصصات."
ونفى يوسف صحة ما ذهبت إليه بعض التحليلات حول إمكانية أن تكون تلك المخصصات الكبيرة خطوة تهدف لتجنب أزمة مقبلة، قائلاً: "المخصصات لم تكن بمعظمها خاصة، بل عامة."
وتابع: "لا يجب أن نقلق حيال ظهور ديون متعثرة قد تهدد السلامة المصرفية في الفترة المقبلة، لأن البنوك العربية، وبالذات الخليجية، غطت محافظها الدولية بشكل كامل، عبر أخذ الخسائر أو تجنيب مخصصات."
وأضاف: "استبعد حصول حركة تصحيحية قوية تترتب على زيادة التعثر لديون في المنطقة، خاصة وأن تمويل الشركات ذهب بمعظمه لشركات حكومية، أو تدار من قبل الحكومة."
وأكد يوسف أن أوضاع المصارف العربية الأخرى بدورها ونتائجها جيدة، في كل من مصر وليبيا والمغرب وتونس والجزائر ولبنان والأردن، وشرح قائلاً: "يمكن القول إن الدول العربية بمجملها خرجت من عنق الزجاجة وتجاوزت المشاكل، وحتى دول آسيا خرجت من المشاكل، وبقيت بعض الدول الأوروبية، وخاصة تلك التي كانت في الكتلة الشرقية. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فهناك تضارب في التقديرات، وأنا أرى أن أمريكا خرجت من المشكلة الكبرى التي حلت عليها عام 2008."
وبالنسبة للبنوك الإسلامية، رأى يوسف أنها تنقسم إلى قسمين، تجارية، وهي التي تعمل في التجزئة، مثل بنك الراجحي وبيت التمويل الكويتي ومجموعة البركة، وقد حققت مكاسب جيدة. أما النوع الثاني، فهي البنوك الاستثمارية، وهي بدورها باشرت العودة للربحية، مثل أركبيتا وبيت التمويل الخليجي، ما يدفع للقول بأن النتائج المجمعة للبنوك الإسلامية جيدة.
وعن مشاريع الاندماج التي تراجع الحديث عنها مؤخراً، قال يوسف إن على مصارف المنطقة التفكير جدياً بتنفيذ مشاريع مماثلة خلال العامين المقبلين، خاصة وأن معظمها (مصارف المنطقة) صغيرة الحجم مقارنة بالمصارف العالمية.
وانتقد يوسف بقاء شركات التمويل بمنأى عن رقابة المصارف المركزية في معظم دول المنطقة، وقال: "طالما أن هذه الشركات تقترض وتأخذ ودائع من المؤسسات المالية والشركات فيجب أن تكون تحت رقابة المصارف المركزية للتأكد من سلامة العمليات."
وكشف رئيس اتحاد المصارف العربية عن أنه أثار هذه القضية مع الكثير من المعنيين دون جدوى، وأضاف: " اليوم نرى أن المشاكل بدأت تظهر على غرار ما حدث للشركات الموجودة في الكويت والإمارات، ويجب أن يوجد لهذه الشركات حل ما، لأنها قد تؤثر على السمعة الاقتصادية."
وعلى المستوى الإقليمي، أكد يوسف أن العقوبات التي فرضت على إيران كان لها انعكاسات على مصارف المنطقة، وخاصة في الخليج، "بسبب التعامل التجاري الواسع مع إيران."
وشرح قائلاً: "هناك بعض التأثيرات، لأن إيران استعملت دول الخليج من ناحية الصادرات والواردات، وخاصة بالتعامل مع آسيا، وكان هناك الكثير من الاعتمادات التي تفتح في مصارف خليجية من قبل إيران، وهذا أثر علينا، لأن الكثير من البنوك امتنعت عن تعزيز هذه الاعتمادات بطلب من البنوك المركزية، ونحن نتحدث هنا عن مبالغ كبيرة، لأن إيران دولة فيها اكثر من 70 مليون نسمة، ولها ثقل كبير، والإمارات مثلا كانت التعاملات فيها مع إيران كبيرة، وسوقها كانت مفتوحة أمامها بالاستيراد والتصدير."
واستبعد يوسف أن تؤثر العقوبات على إيران بشكل مباشر على النتائج المالية للمصارف العربية، خاصة وأن الأخيرة "يمكن لها التعويض من خلال نمو القطاعات الأخرى، ولكنه استدرك قائلاً: "من سيتضرر هو الدول المصدرة، وبينها دول آسيا وأمريكا والدول الأوروبية، والتي كانت كلها تستورد النفط من إيران وتصدر لها البضائع."
وحول ما تصفه الصحافة العالمية بـ"حرب العملات" بين مختلف القوى الاقتصادية العالمية حالياً، ومطالب تعديل أسعار صرف اليوان الصيني، قال يوسف: "وجهة نظري من ناحية العملات هو أن علينا ألا ننظر إلى الصين وأمريكا فقط.. فلو عدنا بالذاكرة إلى عام 1993، نجد أن الصين قامت بتخفيض عملتها، ولكن من الذي دفع الثمن بعد أربع سنوات كانت دول النمور السبع، التي باتت عاجزة عن التصدير."
وأضاف: "قبل الحديث عن موضوع تعديل العملة، يجب أن يكون هناك دراسات وافية، دون أن يقتصر الأمر على تخاطب بين سوقين، لأن التأثير قد يكون كبيرا. وأنا أرى أن نخلق ثلاث عملات أساسية تشكل سلة في العالم، الدولار، واليورو، وعملة آسيوية تضم الين واليوان."
ولفت يوسف إلى أن دول المنطقة قد تتأثر بأي تعديل على أسعار صرف الدولار، خاصة وأنه عملة بيع النفط، وقال إن هناك بعض المصارف المركزية التي بدأت تنوع الاحتياطي الذي تمتلكه عبر سلة من العملات، داعيا إلى مباحثات صندوق النقد والبنك الدولي لدراسة هذا الوضع لتجنب حصول بلبلة كبيرة في الأسواق.
وقلل يوسف من التداعيات المنتظرة على المصارف العربية جراء التطبيق المرتقب لاتفاقية "بازل 3"، قائلاً إن لدى بنوك المنطقة نسب كافية مرتفعة لرأس المال لديها، إلى جانب تركيبة مبسطة لرأس المال تساعدها على الوفاء بمتطلبات الاتفاقية، بعكس المصارف الغربية."