العجز يتفاقم في الميزانية الأمريكية
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- قال أحد أبرز خبراء الاقتصاد في الولايات المتحدة والعالم إن الإدارة الأمريكية تخالف نظريات جون كينز المالية التي تقول إنها تلتزم بها للخروج من الأزمة المالية الراهنة، مضيفاً أن كينز، الذي كان واضع خطط الخروج من ركود عام 1929 "يتقلب في قبره" بسبب تصرفات الرئيس باراك أوباما بحزمة الإنعاش.
وأوضح آلن ملتزر، الذي عمل في وزارة الخزينة في عهد عدد من الرؤساء، بينهم جون كينيدي ورونالد ريغان، قبل أن يتفرغ للأبحاث في مؤسسة "كارنيغي مالون" إن أوباما فهم "نصف الحقيقة" لأنه يعتمد على الإنفاق الكبير والاستدانة دون أن يفكر في سبل سد العجز لاحقاً.
وقال ملتزر، في لقاء مع مجلة "فورتشن" إن كينز "كان سيتقلب في قبره لو عرف الأمور التي تقوم بها الإدارة الأمريكية باسمه" خاصة وأن الدين الذي يتراكم بصورة مخيفة اليوم سيعود ليفرض نفسه على الناس في المستقبل.
ورأى ملتزر أن كينز حذّر من زيادة الضرائب خلال الأزمات المالية والركود، وأنه وصف الإقدام على ذلك بـ"الانتحار،" في تعليقه على مشروع الموازنة الجديدة التي قدمها البيت الأبيض، ورصد فيها زيادة الضرائب على الشركات الكبرى وعدد من ملاك العقارات.
وأضاف ملتزر أن كينز لم يطرح وضع خطط إنفاق عملاقة تقودها الحكومة، بل حض خلال "الركود الكبير" الذي امتد بين عامي 1929 و1936 على وضع مشاريع إنعاش محددة تهدف إلى دعم استثمارات القطاع الخاص الذي كان يرى به سبيلاً للخروج من الأزمة.
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن قول البيت الأبيض إنه يطبق توصيات كينز القاضية بزيادة معدلات الاستهلاك أمر "غير صحيح" خاصة وأن كينز لم يعلق على هذه القضية، بل دعا إلى وجود تعزيز خلق وظائف جديدة.
ورأى ملتزر أن خطط الإنعاش التي قدمها أوباما لم تكن واقعية، خاصة وأنها لم تضخ السيولة في الولايات المختلفة، بل اكتفت بنقل القروض المستحقة عليها إلى الحكومة الفيدرالية، في حين أن الأموال التي وفرها الناس جراء الإعفاءات الضريبية استخدموها في تسديد القروض للمصارف عوض إنفاقها لزيادة الاستهلاك، مؤكداً أنه نصح البيت الأبيض بعدم السير بها.
وكان أوباما قد قدّم مطلع فبراير/شباط الجاري ميزانية عام 2011 للكونغرس، والتي بلغ حجمها 3.8 ترليونات دولار، حاول فيها القيام بمهمة صعبة للغاية، تتمثل في خلق التوازن بين الحاجة لمواصلة الإنفاق دعماً للاقتصاد المترنح، وضرورة كبح جماح العجز المتفاقم.
وقال بيتر أورزاغ، مسؤول شرون الموازنة في البيت الأبيض: "الاقتصاد الأمريكي ما يزال ضعيفاً، لذلك فنحن نركز في الموازنة على توفير الوظائف الجديدة وضمان استقرار الطبقة الوسطى."
وذكر أورزاغ أن تخفيض الضرائب على بعض الشركات سينعكس ارتفاعاً على الأجور التي تعتاش منها أكثر من 110 ملايين عائلة أمريكية، وإن بشكل طفيف، مضيفاً أن نفقات إضافية ستبرز بواقع 17 مليار دولار لدعم التعليم الجامعي، وستة مليارات أخرى للتكنولوجيا الصديقة للبيئة، إلى جانب 734 مليون دولار تخصص لشراء آلاف الأجهزة الخاصة بفحص أجسام المسافرين بالمطارات بهدف رصد المتفجرات.
وستستغرق عملية إقرار الموازنة في الكونغرس عدة أشهر، باعتبار أنها تحتاج للكثير من النقاش في اللجان المتخصصة، حيث ستعقد جلسات استماع للمسؤولين الماليين بهدف تحديد مدى قدرتها على معالجة المتطلبات الاقتصادية الحالية.
وبالنسبة للعجز المالي المتفاقم في خزينة واشنطن، فقد قال أورزاغ إن البيت الأبيض يعمل بعقلية "عدم جعل الأمور أكثر سوءا"، إذ أنها ستطرح تخفيض المديونية بـ1.2 ترليون دولار خلال عشرة أعوام، وذلك من خلال إنهاء الإعفاءات الضريبية التي أقرها الرئيس السابق، جورج بوش، لملاك العقارات من أصحاب الرواتب العالية.
إلى جانب فرض ما يمكن تسميته بـ"ضريبة الأزمة المالية العالمية" على المصارف الكبيرة التي تلقت الدعم الحكومي في الفترة الماضية، بالإضافة إلى وقف دعم شركات النفط والفحم الحجري والغاز وتجميد المصاريف الاختيارية غير الدفاعية لمدة ثلاث سنوات.