عرض: حسام طوقان
أشرف عبدالباقي يثبت قدرته على تأدية الأدوار الجادة ونضوجه في الأداء
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ما يزال الممثل المصري أشرف عبدالباقي، حريصا على تأكيد تميزه وسط جيله من "الكوميديانات" الجدد، إذ يبرز في فيلمه الإنساني "صياد اليمام" هموم الطبقة المهمشة بالمجتمع المصري، والتي تفرغها، بحسب العمل السينمائي، عن طريق الجنس.
وتدور أحداث الفيلم عن علي (أشرف عبد الباقي) الذي يولد لأسرة مسحوقة، حيث يعمل والده كأحد بنائي سكك الحديد، بينما تكون والدته جنات (الفنانة دنيا)، التي تكون الأخيرة مسكونة بالجن وتحاول مع رجلها وابنها تجاوز شظف العيش، ليموت الوالد، بعد مشهد مليء بالدلالة حيث يبعث برسالة إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ليصف حالة، ويرميها في النهر معبرا عن حالة المهمشين الذين نسيتهم الأيام.
وإثر ذلك يتزوج عمه الوالدة جنات، التي تزاد حالتها سوءا ليكتشف علي في يوم من الأيام أنها "اختفت مع الجن"، ويرحل إلى الإسكندرية ليعشق البحر ويتقلب في وظائف مختلفة كي يعلمه أحد زملائه في أحد المعامل، المنشاوي (طلعت زكريا) صيد اليمام ليصبح عشقه الأول والأخير.
وتتحول هوايته خصوصا بعد تزوجه من فتاة يلتقي فيها بالترام، سماح (علا غانم)، إلى شاغل له عن أعماله التي يتقلب بها، بحيث يغيب عن منزله وولده منها، لينقلب صيد اليمام بالنسبة له إلى صيد للنساء، حيث يتعرف على هند (حنان مطاوع) التي تمارس علاقة معه بعيدا عن العيون، رغم أنها كانت غاضبة من والدتها (سلوى عثمان) التي تقيم علاقة مع شاويش الحي (صلاح عبد الله) الذي بدوره يهرب من زوجته التي تضايقه مع أولاده، مما يدفعه دفعا إلى علاقته الجديدة.
وفي مشهد مفعم بالدلالة يقوم الشاويش بالتعبير عن مكنونات نفسه، إذ يبين أنه كان يحلم بوجود أسرة عادية تحتضنه وتحترم آدميته، مما يدفعه إلى الهرب من واقعه المرير عبر إقامة علاقة مع أم هند "التي تركها زوجها راحلا إلى العراق، والتي تواجه ابنتها الغاضبة من العلاقة والتي تحاول أن تقتلها بسكين، مخبرة إياها أنها تحاول أن تشعر "بأنها" امرأة أسوة بغيرها، في الوقت الذي تكون هند ليست بحالة أفضل من والدتها عندما أقامت علاقة مع صياد اليمام علي، مما يظهر كيف يفرج هؤلاء الناس عن كربهم عن طريق الجنس.
ويستمر صياد اليمام في مغامراته النسائية، ويغازل بائعة الشاي (بسمة) التي تشاطره نفس المشاعر، ولكنه لا يصل معها إلى علاقة كاملة، بل يبقى ينظر إليها بشغف دون فائدة، ليعود في النهاية إلى سماح زوجته، في مشهد بديع، يظهر أن القمر انقشعت عنه الغيوم، في دلالة على انتهاء حيرة صياد اليمام وعودته إلى الطريق المستقيم.
لا شك أن أشرف عبدالباقي، رغم أن علاقته مع شباك التذاكر ليست على أحسن ما يرام بالمقارنة مع زملائه مثل محمد هنيدي وأحمد سعد، إلا أنه أظهر بالفيلم قدراته التمثيلية كفنان متعدد المواهب وصاحب موهبة فذة على أداء المشاهد الجادة، فيما أدت الفنانة علا غانم دور الزوجة سماح، باقتدار واضح، مظهرة ضعف وانكسار العديد من النساء الشرقيات.
وبرز بالفيلم أداء الفنانة الصاعدة حنان مطاوع كشخصية مهمشة وضائعة في مجتمع يعاني من دهس المسحوقين وضياع القيم بينهم، وتمكن صلاح عبد الله من تقديم دور الشاويش الذي يبحث عن خلاصه عن طريق الجنس للهروب من واقعه المرير.
ويعد سيناريو فؤاد عزام، معالجة لا تخلو من تسرع في محاولة ربط الشخصيات المتناقضة بالفيلم مما أدى إلى ضياع بعض الخطوط منه مثل، فصل علاقات هذه الشخصيات المهمشة بالفيلم، كما ركز على الهاجس الجنسي الذي يتملكها دون إبراز ضغوط العمل وتعبه، وأثره على هذه الفئة.
ورغم أن قصته مبنية على رواية للمؤلف المصري الكبير، وحيد عبد المجيد صاحب رائعة "لا أحد ينام بالإسكندرية،" إلا أن الأمر يظهر وكأن هاجس هذه الشريحة من المجتمع هو الجنس والخيانة فقط، دون أي مشاكل أخرى مما جعلها ذات بعد واحد، متجاهلا باقي جوانب الشخصيات المليئة بالتجارب الغنية.
وقدم إسماعيل مراد في ثاني عمل سينمائي له حرفية جيدة كتجربة أولى حيث تمكن من ضبط إيقاع الممثلين، رغم أنه لم يحاول التخفيف من سرعة انتقال المشاهد بين الشخصيات، التي بدأت كأنها حكايات منفصلة يرويها راوي الفيلم.