/منوعات
 
الاثنين، 03 أيار/مايو 2010، آخر تحديث 13:19 (GMT+0400)

فيلم "لا تنظر الى الوراء": وجوهنا تخفي وجوها أخرى

خاص بموقع CNN بالعربية

الممثلة الفرنسية صوفيا مارسو

الممثلة الفرنسية صوفيا مارسو



الرباط، المغرب (CNN) --  لن تكون مشاهدة فيلم "لا تنظر الى الوراء" (أولا تنظري الى الوراء مادامت شخصيات الفيلم نسائية)، للمخرجة مارينا دي فان، متعة سهلة لعشاق السينما الذين سيكون عليهم استنفار كل طاقتهم الذهنية والنفسية للتفاعل مع أحداث قصة غير اعتيادية أبدا.

الفيلم الذي تعلب بطولته الممثلتان الفاتنتان، الفرنسية صوفيا مارسو والايطالية مونيكا بيلوتشي، يعد بحق مغامرة جديرة بالانتباه في مجال الكتابة السينمائية، بمحاولته رسم ملامح بصرية على الشاشة لحالة نفسية مركبة، وصياغة قصة تطرح إشكالا حتى على مستوى تجنيس العمل الفني، إذ تلامس الفنتازيا دون أن تفقد صلتها بالواقع النفسي للذات الانسانية.

كان على فاتنتي السينما العالمية أن تستعينا بقدرات باطنية تعبيرية لا صلة لها بالجمال الخارجي الذي يستسهله كثير من المخرجين في استجداء الانبهار بشخصية تؤديها إحداهما. صوفيا ومونيكا تلعبان نفس الشخصية، وفي نفس الوقت. "جان" روائية فرنسية، تعيش سعيدة مع زوجها وابنيها، قبل أن تستبد بها وساوس وهلوسات تضعها على حافة الجنون، امرأة تشعر بحالة تشظي، في مطاردة مستحيلة لذاكرة طفولتها التي تنفلت منها، بهدف الوصول الى راحة التحرر الداخلي التي تتحقق حين يتصالح الكائن مع هويته.

تبدأ حالة الانحراف المرضي على شكل "مسخ" تطال التفاعل البصري لجان مع من حولها، ترى زوجها في شكل مغاير لحقيقته، وكذلك وجه والدتها، ثم ترى وجهها وقد انشطر الى نصفين (أحدهما لصوفيا مارسو وثانيهما لمونيكا بيلوتشي).

تبدأ رحلة السفر العلاجية بعد أن تعثر في بيت والدتها على صورة لها وهي صغيرة الى جانب طفلة ثانية لن تكون سوى ذكرى المرأة التي تسكن ذاتها وجسدها الى أن تتحول أمام المرآة الى نسخة لها، وهي قصة ستكشف أسرارها بعد العثور على أسرة هذه المرأة التي توفيت صغيرة لكنها انبعثت كبيرة في روح "جان".

ملخص رسالة الفيلم كالآتي: كل وجه يخفي وجها آخر - أو وجوها عدة- في طريقه الشاق والدائم نحو الهوية. مشاهد الفيلم لن يكون عنصرا خارجيا عن الأحداث، بل سينخرط حتما في مساءلة "وجهه" الخاص واستحضار ذاكرته والمنعطفات الكبرى لعلاقته مع ذاته ومع العالم.

فيلم "لا تلتفت الى الوراء" يمضي في صميم الخط الذي رسمته المخرجة مارينا دي فان في فيلمها السابق "داخل جلدي" الذي اشتغلت فيه أيضا على مفهوم الهوية ونرجسية الكائن من خلال سيدة شابة تنتهي الى التهام ذاتها.

وإن كان اختيار الفيلم للعرض في المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" في دورة 2009 اعترافا بقيمته الابداعية، فإن العمل لم ينل أكثر من ذلك وخرج خالي الوفاض من قائمة المتوجين، مما جعل البعض يقول إن المهرجان لا يعطي الفرصة لتقدير المحاولات التي تراهن على الاختلاف في الرؤية والكتابة السينمائية.

وبينما قوبل الفيلم من قبل بعض النقاد بانتقاص جارح من قيمته على خلفية الاخفاق في استخدام المؤثرات الخاصة وخصوصا في الجانب التشكيلي للوجوه المتخيلة التي صنعت أحد جوانب الرعب الداخلي الذي يبثه الفيلم، فإن مناصري الفيلم ذكروا بالفتور، بل السخرية، التي استقبل بها بعض أعمال العملاق ألفريد هيتشكوك.

advertisement

وربما كانت أحد أهم نجاحات المخرجة إدارتها الناجحة لصيرورة التزاوج في الأداء بين النجمتين صوفيا مارسو ومونيكا بيلوتشي لدى اشتغالهما على نفس الشخصية، وهو مكمن الصعوبة الرئيسة في العمل، خصوصا في ظل اختلاف التجربة والمنهج التمثيلي لكل من النجمتين.

ذلك مضمون ما أفضت به صوفيا مارسو التي تعتبر "الممثلة المفضلة للفرنسيين" في حديث لمجلة "ليكسبريس": "الجمع بيننا لم يكن أمرا بديهيا. مارينا كانت تقول إننا مختلفتان. أنا سريعة، انفعالية، مونيكا أكثر هدوءا. لا نلعب بنفس الطريقة، لا نتشابه، كما أننا لم نلتق بيننا كثيرا ولم نشترك في أعمال سابقة".

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.