خاص بموقع CNN بالعربية
لقطة من الفيلم
الرباط، المغرب (CNN) -- يسلط فيلم "ما وراء الشك المنطقي" Beyond a Reasonable Doubt أحد آخر الأفلام التي أنتجتها هوليود في العام المنصرم، الضوء على المعركة التي تخوضها صحافة التحقيقات من أجل كشف الفساد داخل مختلف دوائر السلطة.
وبينما جرت العادة سينمائياً أن يكون القضاء مسرحاً للحرب الإعلامية ضد الفساد السياسي، فإن خصوصية الفيلم تكمن في أن المعركة تخاض ضد الفساد المستشري داخل ردهات المؤسسة القضائية الأمريكية نفسها.
الفيلم، الذي(أنتج في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي لا يختلف كثيراً عن كلاسيكيات قصص المحاكمات، يعيد المخرج بيتر هيامس إلى واجهة السينما العالمية بعد مرحلة فراغ أعقبت نجاحات متباعدة في مقدمتها فيلم Presidio (1988) مع شون كونري وميغ رايان وفيلم Timecop (1994) مع جون كلود فاندام، ولو أن ردود الفعل النقدية التي صدرت حتى الآن لم تكن مشجعة للغاية.
والفيلم عبارة عن نسخة مستعادة برؤية جديدة لفيلم يحمل العنوان نفسه كان أنتج عام 1956، وأخرجه الأمريكي من أصل ألماني فرتيز لانغ.
وفي الفيلم، يبدي الصحفي المهووس بالتحقيقات الجريئة س.ج نيكولاس، الذي يقوم بدوره الممثل جيسي ميتكيلف، شكوكاً حول النائب العام مارك هنتر (مايكل دوغلاس) الذي يطمح لأن يصبح حاكماً للولاية، والذي يتألق بمرافعاته داخل المحكمة التي تتوج دائما بإدانة المتهمين، لكن من خلال فبركة أدلة الاتهام بالتعاون مع أحد ضباط الشرطة الفاسدين، بما في ذلك التلاعب باختبارات الحمض النووي ودس قرائن في مسرح الجريمة.
مغامرة الصحافي نيكولاس هي كالآتي: ترصد وقوع جريمة قتل، افتعال شبهات حوله كمرتكب محتمل للجريمة (اقتناء لباس بمواصفات زي الجاني كما ورد في شهادة أحدهم، التعرض لعضة كلب على غرار ما وقع ليلة الجريمة للمهاجم...الخ) ثم ترقب السلوك المعتاد للنائب العام وهو يفتعل الأدلة لدمغ الإدانة، على أساس أن يرفع نيكولاس دليل براءته في الوقت المناسب من خلال تسجيل يحتفظ به صديقه، يوثق لكل الخطوات التي قام بها في تقمصه لدور القاتل.
عقدة الفيلم تكمن في تفطن النائب العام وشريكه الضابط للعبة الصحفي الشاب، حيث يبادران إلى تدمير دليل البراءة عبر تدبير عملية قتل الصديق والاستيلاء على الشريط، لتبدأ معركة أخرى تتصدى لها هذه المرة صديقة الصحفي إيلا (وتقوم بدورها آمبر تامبلين)، التي ليست إلا مساعدة النائب العام الفاسد، وبالفعل، تتوصل، في سباق النفس الأخير، إلى إنقاذ الصحفي من إعدام محقق قبل أن ينال منها النائب العام.
يصنع سيناريو الفيلم مادته التشويقية من تحويل "اللعبة" إلى ورطة حقيقية، على نمط روايات الكاتب التشيكي، ميلان كونديرا، وإن كان مسار الفيلم قابلاً للتوقع مبكراً بمجرد قراءة سريعة في وظيفة الشخوص ومواقعهم، مما قلص من مساحات المفاجأة الضرورية لاكتمال عناصر الفرجة السينمائية، وجعل الفيلم أقرب إلى حلقة في سلسلة تلفزيونية بوليسية.
مع ذلك راهن المخرج على تصعيد وتيرة الصراع بالاعتماد على نجمين يجمعهما تناقض لا يقتصر على وقائع الفيلم، بل يطبع أيضا مسيرتهما الاحترافية، بين نجم مخضرم (مايكل دوغلاس) بإمكانه الارتكان إلى ماضي رصيده الحافل في الفن السابع، وآخر واعد (جيسي ميتكيلف) أتيحت له أول فرصة لبطولة مطلقة في هوليود بعد بروزه كوجه مثير في سلسلة "زوجات محبطات" Desperate Housewives الشهيرة.
كثير من التعليقات التي صدرت حتى الآن في الولايات المتحدة تتوقع أن يكون المخرج بيتر هيامس أخطأ طريق العودة إلى الأضواء، غير أن الجمهور الواسع الذي يبدي شغفاً كبيراً بهذه النوعية من الأفلام قد يكون له رأي آخر، خصوصا أن الأسماء التي تقمصت الأدوار الرئيسة لها وزنها وجاذبيتها الأكيدين.