دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تراجع عدد اللاعبين العرب المحترفين في الدوريات الأوروبية في السنوات الأخيرة ، بشكل لافت للنظر، بل أنه من النادر أن تجد لاعبا عربيا مرتبطا بعقد من أحد الأندية الكبيرة في أوروبا، كما كان موجودا من قبل، وهو ما لفت نظر خبراء اللعبة في العالم العربي.
أغلب اللاعبين العرب المحترفين في الدوريات الأوروبية يلعبون في أندية صغيرة أو متوسطة، إلا استثناءات قليلة للغاية، وهو ما دفع البعض للتساؤل حول أسباب هذا التراجع، وما إذا كان سيؤثر على مستوى اللعبة في العالم العربي من عدمه!
رئيس اللجنة الأولمبية التونسية، ورئيس نادي الترجي الأسبق سليم شيبوب، قال إن سبب تراجع عدد اللاعبين العرب المحترفين في أوروبا يعود بالدرجة الأولى إلى وجود الأكاديميات التابعة للأندية الأوروبية الكبيرة في القارة الأفريقية، والتي تعتبر الممول الرئيسي لتلك الأندية من اللاعبين المحترفين، إذ لم تعد الأندية الأوروبية تهتم بمتابعة اللاعبين العرب.
وأضاف شيبوب، أن الأندية الأوروبية تفضل التعاقد مع لاعبي الأكاديميات، خاصة وأن هؤلاء اللاعبين يخضعون منذ الصغر للتدريب بالأسلوب الذي تريده الأندية في أوروبا، حيث ترسل بعض مدربيها لمتابعة الأكاديميات، وتضع برامج التدريب، وبالتالي فهي ليست في حاجة للاعبين آخرين، ومنهم اللاعبين العرب.
فيما برر نجم المنتخب الجزائري السابق رابح ماجر، سبب تراجع عدد اللاعبين العرب في أوروبا إلى نوعية اللاعب نفسه حاليا، مبينا أن اللاعب العربي - من وجهة نظر ماجر - لا يهتم بنفسه كما كان في السابق، ولا ينظر سوى للبحث عن المادة فقط، وهو ما يقلل فرصه في اللعب بالأندية الكبيرة.
وأضاف رابح ماجر، أن الكرة العربية لا تمتلك لاعبين محترفين على المستوى اللائق سوى المغربي مروان الشماخ، الذي يلعب في نادي الأرسنال الإنجليزي، وغير ذلك فلا يوجد أحد.
وتابع لاعب فريق بورتو البرتغالي السابق، أن الأندية الأوروبية أصبحت تمتلك في السنوات الأخيرة وكلاء لاعبين في أغلب الدول الأفريقية، وبالتالي فهي تتابع اللاعبين العرب، وتدرسهم جيدا قبل التفكير في التعاقد معهم، خاصة وأن تكاليف كرة القدم في العالم أصبحت مكلفة للغاية، ولا تريد تلك الأندية في الدخول في صفقة قد تكلفها الكثير دون مردود فني مقبول.
وألمح رابح ماجر إلى أن اللاعب العربي هوائي بطبعه، ولا يعرف قواعد الاحتراف لأنه لم يتعود عليها في الملاعب العربية، وكثيرا من شاهدنا لاعبين عرب انتقلوا للعب في أندية أوروبية وفشلوا نتيجة ذلك.
وقال: "لذلك فإن الأندية الأوروبية أصبحت تفضل التعاقد مع اللاعبين الأفارقة الذين أثبتوا أنفسهم في ملاعبهم (الأوروبية)، ونجح الكثير منهم."
من جانبه، حمل لاعب منتخب مصر السابق هاني رمزي، اللاعبين العرب مسؤولية تراجع عددهم في الملاعب الأوروبية.
وأكد رمزي أن اللاعب العربي يفتقد الثقافة بصفة عامة، وثقافة الاحتراف بصفة خاصة، وهو ما يؤثر بالسلب عليهم في أوروبا.
وأضاف رمزي، أن مبالغة الأندية العربية في المقابل المادي للموافقة على احتراف لاعبيها سبب رئيسي في تراجع عدد اللاعبين العرب في أوروبا، وهو ما يدفع الأندية الأوروبية لصرف النظر عن اللاعب العربي، خاصة وأن السوق الأفريقي أرخص كثيرا وأكثر انفتاحا، والأندية الأفريقية توافق بسهولة على احتراف لاعبيها في أوروبا، لأن الاتحادات الأفريقية تعرف جيدا أنها المستفيد الأول من احتراف لاعبيها في الملاعب الأوروبية، بدليل ارتفاع مستوى الكرة الأفريقية في السنوات الأخيرة.
وأشار لاعب فريق فيردر بريمن الألماني السابق، إلى أن اللاعب العربي لن يتواجد في الأندية الأوروبية طالما لم تتغير إستراتيجية وتفكير المسؤولين عن الكرة في الأندية العربية، وعلى المسؤولين عن الرياضة العربية أن يتدخلوا لإجبار الأندية على ترك لاعبيها للاحتراف في أوروبا، لأن التجربة أثبتت أن الاحتراف في الأندية الأوروبية يعود بالنفع على المنتخبات في المسابقات الدولية.
أما حارس المنتخب المغربي السابق بادو الزاكي، فقد ألقى بالمسؤولية على اللاعب العربي في تراجع عدد اللاعبين المحترفين في أوروبا، وقال إن اللاعب العربي غير مؤهل للاحتراف في أوروبا، الذي يتطلب مواصفات عديدة غير موجودة في اللاعب العربي، إذ أن المستوى البدني للاعبينا أقل كثيرا من اللاعبين في أوروبا، ويواجه صعوبات كبيرة في التأقلم على التدريب في أوروبا.
وأضاف الزاكي، أن الاحتراف في أوروبا، خاصة في الأندية الكبيرة، يحتاج لعقليات مختلفة عن الموجودة في اللاعب العربي، كما أنه يحتاج للانضباط، وهو غير متوافر في شخصية اللاعب العربي، لذا فإن أغلب التجارب الاحترافية للاعبين العرب تنتهي بالفشل لعدم التأقلم، فيما تجد الأندية الأوروبية ما تريده في اللاعب الأفريقي.
وأشار المدير الفني السابق لمنتخب أسود الأطلسي، إلى أن اللاعب العربي مدلل في عالمنا العربي، وهذا الأمر ليس له مكان في أوروبا.
وقال: إن "حياة الاحتراف قاسية للغاية، وبشكل لا يتصوره من لم يخوض التجربة الاحترافية في ناديه العربي، فالنادي في أوروبا يريد من لاعبيه أقصى مجهود، ولا مجال للتهاون، فعلى قدر ما يأخذ من أموال كثيرة فعلى اللاعب تقديم المردود الفني، وإلا فلن يجد له مكانا."
وفسر لاعب منتخب مصر أحمد حسن ، ظاهرة تراجع عدد اللاعبين العرب في الملاعب الأوروبية، بأن ذلك يعود إلى طريقة تربية اللاعب العربي، فهو لم يتعود على الاحتراف في حياته العادية، وبالتالي نجده يفشل في حياة الاحتراف الكروي، لأن الحياة الطبيعية للإنسان يجب أن تدار بمنطق الاحتراف.
وألمح لاعب فريق أندرلخت البلجيكي السابق، إلى أن طموح اللاعب العربي في أغلب الحالات تتوقف عند الطموح المادي فقط، فهو يبحث عن الاحتراف في أوروبا من أجل المادة فقط، وكما نعرف فإن المقابل المادي للعب في أوروبا أكبر بكثير مما يحصل عليه في الدوريات العربية، وعندما يتحصل اللاعب على المقابل المادي الذي يريده في بداية تجربته الاحترافية يتوقف طموحه، وتبدأ مشاكله مع ناديه، والاستثناءات قليلة للغاية.
وتعجب لاعب فريق النادي الأهلي المصري الحالي، من كون أن اللاعب العربي يمتلك موهبة فطرية كبيرة، وبشكل تفوق موهبة اللاعب الأوروبي أو الأفريقي، ولا ينجح في الاحتراف الأوروبي، مرجحا إلى إمكانية أن يكون السبب لإعتماده فقط على موهبته، وبالتالي نجده لا يريد أن يساعد نفسه في استكمال بقية شروط النجاح في تجربة الاحتراف من تصميم وإصرار والدوافع النفسية، وكلها اشتراطات لا تقل أهمية عن الموهبة.
وقال:" ليس هناك اي ارتباط شرطي بين الموهبة والنجاح، لأن هذا النجاح يحتاج لتوافر شروط أخرى بجانبه."