CNN CNN

بقلم الأمير الحسن: الانتقال إلى المستقبل.. شراكة أوروبية جديدة

الاثنين، 12 كانون الأول/ديسمبر 2011، آخر تحديث 19:17 (GMT+0400)
 

شارك منتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا، الذي أسسته في عام 2009 بدعم من مؤسسة نيبون، بين الثاني عشر إلى الثالث عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر في لقاء ثلاثي في لاهاي تحت عنوان "استجابة أوروبا للصحوة العربية". وفي مثل هذه الأوقات المضطربة بالنسبة لمنطقتنا ولكثير من الأردنيين، فقد اتخذت سياسة مفادها أنني لن أغامر في الخارج إلا عندما يكون هناك سبب وجيه لفعل ذلك. وبالتالي، فقد رغبت في الكتابة عن ما نقوم به من عمل إضافة إلى اللقاء الذي تم مؤخراً في أوروبا وذلك لأسباب ثلاثة.

أولاها، أنني أؤمن أن التعاون الثنائي أو التعاون على نطاق مصغر بين غرب آسيا وشمال أفريقيا من ناحية وأوروبا من ناحية أخرى بات أمراً غير ذي جدوى. إن النماذج القديمة-الهجينة أو المستوردة وخلافه-لم تكن ذات نفع يوماً. إننا نحتاج ذلك الاستيعاب الأوروبي الذي يؤدي بالنتيجة إلى فهم حقيقي للوضع: السياسة الانسانية (الأنثروبوليتكس) وليست سياسة البترول (البتروبوليتكس).

أما السبب الثاني، والذي أفصحت عنه بكل صراحة إلى أحد الوفود الأوروبية في لاهاي، فمفاده أن الأمن الحقيقي يبدأ وينتهي بالإنسان، فقد أثبتت المقاربات الموجهة إلى الحكومات أو النخب فشلها مع الوقت، فإن كان لدى أوروبا النية الحقيقية للشراكة مع منطقتنا فلا بد لتلك الشراكة أن تكون شراكة بين "الناس" أنفسهم، وإن ذلك يتضمن التواصل بغية توفير الفرص لشعوبنا الشابة بطريقة حقيقية ومقبولة وغير مبنية على الإيديولوجيات.

ولدى وضع هاتين النقطتين في الاعتبار فقد تم تقديم مقترحات محددة إلى درجة كبيرة. إن استحداث ميثاق اجتماعي إقليمي وسلطة للهواء النظيف ومسودة حقوق تحظر جميع أشكال التمييز ونظام للسلامة أو الاستقامة-وذلك كله يحفز الاستثمار في الأردن وخارجه-يمثل ثلاثة أركان رئيسة نحو بناء نموذج جديد موجه لإعادة بناء الإنسان.

ولا شلك بأن هناك دروساً بارزة يمكن تعلمها من أوروبا، فقد عملت مؤخراً مع مجموعة البصيرة الاستراتيجية (SFG) في مومباي للتأكيد على أنه وفي يوم ما ستكون منظومة دول غرب آسيا وشمال أفريقيا قادرة على تقاسم الطاقة والموارد المائية بالقدر الذي يحصل في الاتحاد الأوروبي. والشيء ذاته ممكن بالنسبة إلى التجارة: حيث يتم ما نسبته 75% من التجارة الأوروبية ضمن المجتمع الأوروبي. وفي منطقتنا، فلا يتجاوز ذلك الرقم 18% من الأنشطة التجارية.

لقد اكتشفت في بلجيكا، وفي جامعة لوفان بالتحديد، بأن عملية برشلونة خلقت نظاماً من التشارك المعرفي بحيث يتمكن الطلاب من تقاسم خبراتهم ومؤهلاتهم في أي من الدول الأعضاء. أما نحن فليست لدينا تلك القاعدة المعرفية- فنحن نعلـّم لأغراض التصدير.

وعودة إلى بداية حديثي، فإن السبب الثالث والأخير هو أن المنطقة التي نعيش فيها تعد مميزة عبر التاريخ وبعيدة عن التجانس. فإن كنا نرغب في تجنب السير الأعمى نحو مرحلة جديدة من التراجع الاقتصادي فلا بد من خلق طرق جديدة للتنمية والحوكمة الرشيدة.

إن منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا على مفترق طرق، ففي حال رغبت منطقتنا في المضي قدماً نحو المستقبل، فلا بد من السماح لها بفعل ذلك وفقاً لشروطها هي. وفي المقابل فقد تقوم أوروبا بمد يد العون لنا، إلا أنها لا تستطيع أن ترينا الطريق التي يتوجب علينا أن نسلكها، حيث أننا سلكنا ذلك الطريق من قبل.

*الأمير الحسن بن طلال هو رئيس ومؤسس منتدى الفكر العربي ومنتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا (WANA).

** الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع CNN بالعربية.