لندن، بريطانيا (CNN) -- توصل الزعماء الأوروبيون في بروكسل، إلى اتفاق جديد يهدف إلى إنهاء شهور من عدم اليقين بشأن مستقبل اليورو، وحل أزمة الديون المتصاعدة التي دفعت عدة اقتصادات إلى حافة الانهيار.
ما الذي تم الاتفاق عليه بالضبط؟
يبرز "الاتفاق المالي" الخطوط العريضة لتكامل أوثق بين الميزانيات الوطنية لـ17 دولة في منطقة اليورو، وسيتم فرض إطار قانوني جديد وتدقيق مالي أكبر لتجنب تكرار الممارسات المالية المريبة التي تسببت في الأزمة، والاتفاق أيضا يعزز الآليات التي تضمن الاستقرار على المدى القصير لاقتصاديات اليورو.
النقاط الرئيسية للاتفاق هي:
- الإطار القانوني الذي وقعت عليه الدول الأوروبية يعطي السيطرة المركزية الأوروبية المزيد من التحكم بالقرارات الاقتصادية السيادية لكل دولة.
- وبموجب الاتفاق الجديد، يجب أن تقدم لدول منطقة اليورو ميزانيات "متوازنة"، ومصممة لضمان عدم تكرار ما حدث في الإسراف في الإنفاق والضرائب التي تركت اليونان في حاجة إلى الإنقاذ، وتهدد كل الدول الاوروبية بلا استثناء، مع وجوب الإبلاغ عن خطط الديون الوطنية مقدما.
- سيتم على مراحل وحتى منتصف عام 2013، السيطرة على مؤسسة الاستقرار المالي الأوروبية، وهي شبكة الأمان المالي التي أنشأتها أوروبا العام الماضي بقصد مكافحة الأزمة.
- تم تفعيل صندوق إنقاذ منطقة اليورو في عام 2012، وسيتم تشغيله جنبا إلى جنب مع الصندوق الحالي لمدة عام تقريبا.
- منطقة اليورو وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي تعمل على خطط لقرض يصل إلى 200 مليار يورو لدعم صناديق الطوارئ التابعة لصندوق النقد الدولي، وسوف يتخذ القرار في غضون 10 أيام.
- سيتم تغيير قواعد التصويت في آلية الاستقرار الأوروبي للسماح لتمرير قرارات طارئة بغالبية 85 في المائة، في محاولة للابتعاد عن الجمود الذي أعاق عمليات الإنقاذ في وقت سابق.
من أين ستأتي الأموال؟
أموال الإنقاذ ستأتي من بيع سندات مضمونة من قبل دول منطقة اليورو. ويتم شراء هذه السندات من قبل مجموعة المستثمرين، يمكن أن تشمل دول مثل اليابان، في مقابل الفائدة. ومن ثم فإن الأموال التي تم جمعها من السندات ستقرض لدول منطقة اليورو المتعثرة.
وقد أنشئ صندوق الإنقاذ الأوروبي على عجل بعد محاولات إنقاذ اليونان في مايو/أيار 2010، وكان المقصود أن يكون مؤقتا. غير أن قدرته الإقراضية تعززت من 250 مليار يورو، لتصبح 440 مليار يورو.
ما هي العقوبات التي ستفرض على الدول التي تخرق الاتفاق الجديد؟
يقول الاتفاق إن هناك "عواقب تلقائية" ستتعرض لها الدول غير الملتزمة بما في ذلك احتمال فرض عقوبات عليها إذا ما تجاوز سقف العجز في الميزانية حاجز 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
التشريع الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، وفرض عقوبات مالية تدريجية على تلك البلدان التي تنتهك هذه التشريع وتتخطى السقف المسموح.
ما هي العواقب بالنسبة للأسواق المالية؟
تباينت ردة فعل الأسواق العالمية بعد أن تم كشف النقاب عن الاتفاق، إذ يقول المحللون إن الوقت وحده كفيل بمعرفة مدى نجاح الاتفاق. ويمكن للخطة تلك جلب الاستقرار على المدى القصير ولكن التجربة السابقة بشأن تخفيف أزمة اليورو توضح أن هدوء الأسواق أيضا يمكن أن يكون قصيرا.
وتقول اليزابيث أفسيث المحللة بشركة "إيفوليوشن سيكيوريتز،" إن نجاح الاتفاق يعتمد على ما إذا كانت الأسواق تصدق فعلا أن ساسة أوروبا سوف يتمسكون بتشديد الرقابة المالية.
وهل وافق الجميع على الاتفاق؟
لا لم يوافق الجميع، لقد كانت المحادثات مشحونة، والنتيجة أن الصفقة هذه يمكن أن تصبح واحدة من القضايا المثيرة للانقسام بين دول لاتحاد الأوروبي الـ27 أكثر من أي وقت مضى.
بعض دول الاتحاد الأوروبي رفضت التنازل عن مزيد من الصلاحيات للسلطات الاتحاد الأوروبي المركزية، وهددت بالانسحاب. البعض يقول إن هذا سوف يؤدي إلى وجود مستويين في الاتحاد الأوروبي.
من الذي وافق، ومن الذي رفض؟
وقعت جميع دول منطقة اليورو الـ17 وستة دول أخرى من دول الاتحاد الأوروبي من خارج منطقة اليورو على الاتفاق. وفي البداية ساور الشك أربع دول، قالت إن الاتفاق يجتاح بعض الأسس التي أقيم عليها الاتحاد الأوروبي.
وأبلغ رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفيلدت شبكة CNN بأنه ليس لديه تفويض لتغيير المعاهدة. ولكن، إلى جانب المجر وجمهورية التشيك، قال إن بلاده ستترك الباب مفتوحا، في انتظار مناقشة برلمانية.
أما بريطانيا، يقودها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، كانت الوحيدة من بين دول الاتحاد الأوروبي التي رفضت التوقيع، إذ قال كاميرون إن المعاهدة فشلت في الحفاظ على صوت بريطانيا في القرارات السياسية الحاسمة ضمن السوق الأوروبية الموحدة وقطاع الخدمات المالية.
وقال كاميرون إنه اعترض على نحو فعال على الاتفاق الأصلي، ما اضطر المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى المضي قدما في المعاهدة التي ستكون خاضعة للوائح الاتحاد الأوروبي.
هل هذه هي بداية النهاية للاتحاد الأوروبي كما نعرفه؟
كشف محاولات إقرار الاتفاق عن انقسامات عميقة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أبرزها بريطانيا وبقية الكتلة.
وهذا يمهد الطريق لسلسلة من التحديات القانونية، فبريطانيا تسعى جاهدة لضمان أن الاتفاق الجديد لا يؤدي إلى إعادة هيكلة بالجملة للاتحاد الأوروبي.
ومع إصرار بريطانيا على أن يعمل الاتفاق بعيدا عن آليات الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تكون هناك رغبة بين بقية أوروبا لإدارة ظهرها للمملكة المتحدة، وتركيز الموارد داخل ناديها الجديد.
إذن، هل حل هذا الاتفاق الأزمة؟
لم تنته الأزمة الأوروبية حتى الآن، فالمعاهدة الجديدة ليست نهائية حتى نهاية شهر مارس/آذار عام 2012، وبعد ذلك ينبغي التصديق عليها من قبل جميع الدول المشاركة، وبعيدا من محاولات بريطانيا والمجر والسويد وجمهورية التشيك لعرقلتها، فإن نظرة قاتمة للاتحاد الأوروبي واليورو لا تزال كامنة في الأفق.
ومن الناحية المثالية، فإن الجميع سيلتزم بالقواعد الجديدة، وسيتم منح البلدان التي تتطلب عمليات إنقاذ الطارئة المساعدة، والسماح للاتحاد الأوروبي لتجاوز مشاكل ديونه ببطء.
والخطر هو أنه مع تدابير التقشف التي لا تحظى بشعبية سياسية، فإن تشديد الرقابة على الاقتراض الحكومي الجديدة سيصبح غير قابلة للتطبيق، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تبخر ثقة المستثمرين، وانهيار البنوك المكشوفة على الديون، وإفراغ خزائن الحكومة، وانخفاض أسواق الأسهم.